لا يحتاج أي شخص في المحروسة أن يبذل جهد ليتأكد من كم الإحباط العام المسيطر على معظم المصريين منذ فترة ليست بقصيرة فأينما تولي وجهك في أي بقعة تشم رائحته لذلك تجد التشاؤم سمة مسيطرة على غالبية الشعب بدون أن يكون ذلك بفعل فاعل!
بطبيعة الحال عندما تبالغ في وعودك البراقة خاصة التي تمس البسطاء يرتفع مقابلها الأمل لأقصى درجاته وتتعاظم أحلامهم الوردية في الرخاء المنتظر وهو ما حدث عقب تولي المشير عبدالفتاح السيسي رئاسة الجمهورية اذا اندفعت إدارته الدعائية إلي إطلاق الوعود وتعظيمها بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث لجمهورية مصر العربية.
ومن ثم بلغ أمل الحياة الأفضل للمصريين منتهاه مع الثقة المفرطة تجاه القائد الجديد، ولكن بدأت الصدمات تتوالي بالتزامن مع الإعلان عن مشروعات كبرى فكانت أولها زيادة أسعار المحروقات وهي التي تمس الجميع ومع ذلك إبتلعها المصريين بالحمد والشكر ! ودون ضجيج إنتظارا للقادم الأفضل، ولكن تخبط السياسات الإقتصادية الداخلية لإدارة الدولة وحكوماتها واحدة تلو الأخرى بدأ يظهر للعلن وللجميع بداية من تنفيذ مشروع ضخم مثل قناة السويس الجديدة مردوده يحتاج لسنوات وهو أمر غير مؤكد لإرتباطه بالمتغيرات الدولية السياسية في المنطقة وكان الأجدر أن يتم إستغلال ملياراته في إعادة الصناعة المحلية المتوقفة وتحسين أحوال الصحة والتعليم المتهالكة بشكل غير مسبوق.
ثم جاءت الأزمة الكبرى المتعاظمة يوما بعد أخر وهي إنفلات الأسعار متعللة بارتفاع الدولار لتضرب التفاؤل الذي كان لدى المصريين ضربة قوية قاسمة لظهورهم أنهكتهم جميعا أغنياءهم وفقراءهم!؟ والذين في ظل بحثهم عن حياة أفضل باتوا يبحثون الأن عن الأدنى للحياة، المشكلة والتي تعود لإدارة الدولة الخاطئة منذ سنوات حكم نظام مبارك وتصاعدت الأن هي إنك تعتمد في الماضي القريب وحاضره الأن على الأشقاء العرب بشكل كبير لإمدادك بالأحتياطي النقدي الأجنبي والبترول والغاز! وهكذا إدارة دولة تسير بالمسكنات فماذا تنتظر منها؟
الشعب منذ فبراير 2011 وهو يقرأ ويسمع عن حجم الأموال التي تم تهريبها للخارج بواسطة الفاسدين من أصحاب النفوذ والسلطة والمفاجأة أن من هم في الداخل يدفعون الثمن من تضييقات في البنوك لصرف أو تحويل للعملات الأجنبية إلى جانب فرض ضرائب وقروض جديدة ضخمة تضاف لكاهل الشعب المنهك وتزيد من إرتفاع الدين الخارجي للدولة ليتراوح الأن بين 53 إلي 55 مليار دولار أي ما يقترب من 25 % من الناتج القومي وهو مؤشر عن عدم التوازن الكلي في الأقتصاد في ظل تباطؤ النمو إلي جانب الإعتماد على إستيراد المواد الغذائية حيث تستورد مصر نحو 60% من إحتياجاتها سنويا! ومع ذلك لا توجد سياسات إقتصادية مبتكرة تضع رؤية واضحة للمدى القريب والبعيد، أو كما المح بعض الإقتصاديين إلي أنه ربما تتعرض مصر لإحتلال إقتصادي اذا أستمر ذلك التدهور!
التشاؤم البادي في رائحة هواء المحروسة أقل وصف لحال الوطن الذي هو حتى الأن يدور في حلقة مفرغة من الوعود مع الاستمرار في مشروعات كبيرة لا قبل لنا بها الأن فماذا ستدر على ملايين المصريين في شمالها وجنوبها إنشاء عاصمة جديدة ! هناك من يحتاجون بشكل عاجل الي مياه نظيفة وكهرباء ومستشفى صغير ولو عدد من المدارس يكون (كتر خير البلد)! من الممكن إعادة تخطيط وتطوير العاصمة الحالية القاهرة وإستغلال المدن الجديدة على أطرافها لنقل الخدمات اليها بشكل يعيد لها شبابها بدلا من الذهاب وإقامة عاصمة جديدة تحتاج لسنوات وسنوات حتى تصير مأهولة السكان !
حال الدولة المصرية الأن يحتاج إلي مشروعات قصيرة الأجل تعالج التشاؤم لديه وتحسن من حاله المتراجع مشروعات تعيد للصناعة المحلية شبابها، وتوقف إنفلات الأسعار الذي يئن منه الجميع بصوت بات مرتفع في فضاء مصر كلها ! والتي باتت أزمتها الأقتصادية يتحدث عنها المحللين في الصحف العالمية والعربية! تجربة دول قريبة مننا واضحة في عشر سنوات تحولت لدول كبرى مصدرة لصناعتها بدلا ما تكون مستوردة لكل شيء كل شيء وتعتمد على القروض لتحيا كشبه دولة !