سما جابر
صدمة أصابتنا كفريق عمل إعلام دوت أورج أثناء زيارتنا لمتحف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمنشية البكري، لمواصلة تجربة العمل الجماعي التي بدأناها في سبتمبر من العام الماضي 2016.. زرنا جميع القاعات الموجودة بالمتحف، وأُعجبنا بمقتنيات الزعيم الراحل، لكننا بصعودنا للطابق الثاني توقفنا أمام بعض من الأشياء الخاصة بالزعيم، وخاصًة قطعة فنية للفنان والمثّال جمال السجيني عبارة عن منحوتة لوجه وكف جمال عبد الناصر.
لم تكن منحوتة عادية للرئيس صُممت وهو على قيد الحياة كباقي المنحوتات والتماثيل التي نفّذها “السجيني” له، لكنها صُممت عقب وفاته مباشرة، أثناء وجوده في منزل الرئيس دون علم أسرته وقتها!، واسمها المعروفة به عالميًا “قناع الموت”.
تخيّلنا الأحداث التي حدثت – من وجهة نظرنا – يوم وفاة الزعيم، بحسب التفاصيل الموجودة جانب المنحوتة المسماة بـ”قناع حياة وقبضة يد” بالمتحف، والتي صُنعت عن طريق سكب مادة الجص أو الشمع على وجه الرئيس الراحل من أجل الاحتفاظ بصورة طبق الأصل منه!
فـ”قناع الحياة” هو عادة أوروبية لاقت رواجًا كبيرًا منذ القرون الوسطى وعادة ما تظهر تشوهات طفيفة على القناع بسبب تأثير وزن الجص على الوجه أثناء صُنع القالب، وهو ما لوحظ في اعوجاج أنف عبد الناصر.
دارت التساؤلات بيننا: كيف يجرؤ شخص على فعل هذا الأمر مع متوفي؟، لم نجد إلا مبررَا واحدًا، ربما تكون حالة المحبة التي تمتع بها عبد الناصر ممن حوله، واندهاش البعض وعدم تصديقهم لخبر وفاة زعيمهم، هو سبب توثيق “السجيني” للحظة الأخيرة في حياة عبد الناصر، بجانب انشغال أسرته في تجهيز مراسم الدفن والوفاة، وهو ما أتاح الفرصة له بأن ينفرد بدقائق بجانب جثمان الزعيم الراحل لصنع القناع.
سريعًا عدنا لحالة التأمل في القناع ومنحوتة كف اليد، والتعليق على ابتسامة الرئيس الراحل التي ظهرت بوضوح.. كذلك دقة تفاصيل الوجه كالشارب والأنف، عروق قبضة اليد التي تنم على انفعاله الدائم.
وجدنا أيضًا خلال زيارتنا أن معظم التماثيل التي صُنعت لـ”ناصر” كانت من تنفيذ جمال السجيني، فرأينا تمثالين لرأس الرئيس، أحدهما من البوليستر والآخر من الجبس، كما وجدنا عملًا نحتيًا يمثل عبد الناصر واقفًا ويحيطه العمال والجنود والفلاحين متطلعين برؤوسهم إليه وقد أحاطهم بذراعه.
أما عن “نحات الرئيس” كما لقبناه نحن، يُعد جمال الدين رأفت السجيني من أعظم فناني ونحاتي مصر، وهو من مواليد 1917، وحصل على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة عام 1938 بالقاهرة .. كما حصل على ليسانس أكاديمية الفنون الجميلة تخصص فن الميدالية بروما 1950، وعمل مدرسًا لفن النحت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1951 ورئيسًا لقسم النحت عام 1964 ، ونال منحة التفرغ في مارس 1964 ثم تركها وعاد لشغل منصبه كرئيس لقسم النحت حتى إحالته للتقاعد عام 1977.
كان محور أفكاره وأعماله الفنية هي القضايا الوطنية، وكان شغله الشاغل بناء التماثيل الميدانية، كما اشتغل في التصوير والرسم والطرق على النحاس والخزف.
من أبرز أعماله “زوجة الفنان، رأس فتاة، تمثال أمومة، لوحة شجرة المصير، لوحة عروسة العرائس، مفتاح الإسكندرية، لوحة عروسة المولد، تمثال سيد درويش، تمثال هذه أرضي أنا، تمثال الأرض، تمثال عبد الحليم حافظ”.
حصل السجيني على العديد من الجوائز مثل “جائزة مختار للنحت عام 1937، جائزة الدولة التشجيعية عام 1962، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بمصر، وسام الحكومة الإيطالية بدرجة فارس” وغيرها من الجوائز الأخرى، وتوفى عام 1977.