كيف غيّر الحب حياة أهل السياسة؟

إيمان مندور

 

الحب في حياة أهل السياسة ليس من السهل معرفته، فربما يُشكّل خطرًا على مناصب البعض، وربما سعى كثيرون لإخفاءه ظنًا منهم أنه سينال من هيبتهم، لكن الأمر في حقيقته ما زال منحصرًا بين علاقات أثّرت بالسلب على أوضاع بعض الساسة، وبين حب وعاطفة زادت من شعبية بعضهم في وجدان العامة.

أعتى الشخصيات السياسية، والذين أثّر جفاء السياسة وحدّتها على شخصياتهم أمام العامة؛ لدي كل منهم جانب عاطفي هو فيه زوج رائع أو عاشق مُتيّم أو أب حنون أو ابن بار؛ وقد يتحدوا جميعًا في شخص واحد، لكن فكرة التعرف على هذا الجانب تقلل هذه الحدّة قليلاً.

فالحب الذي يُعمي الأعين ويصم الآذان لدى الأشخاص العاديين؛ لا يتم تقبله في كثير من الأحيان من بعض المشاهير، فما بالك إذا علم العامة أن أحد كبار الساسة يلهث وراء امرأة بشكل مبالغ فيه ليظفر ببعض المشاعر الطيبة أو لينال مجرد كلمة منها، بالتأكيد سيستنكرون الأمر، لكنه لو كان شخصًا عاديًا لقيل هكذا عادة الحب؛ يسلب قلوب وعقول الرجال.

 

محمود درويش

 

محمود درويش

 

درويش الذي عُرف كأحد أدباء المقاومة حتى أن البعض أسماه “شاعر الجرح الفلسطيني”، كشف ذات يوم عن أنه أحب في شبابه فتاة يهودية إسرائيلية، وكتب عنها قصائد “ريتا والبندقية”، و”شتاء ريتا الطويل”، لكن الحب والسياسة في حياة أديب المقاومة لم يجتمعا سوياً.

ففي مقابلة أجراها درويش عام 1995 مع الشاعر اللبناني عباس بيضون، أكّد أن حرب يونيو 1967 أنهت قصة الحب هذه، وأضاف قائلاً: “دخلت الحرب بين الجسدين بالمعنى المجازي، وأيقظت حساسية بين الطرفين لم تكن واعية من قبل، تصوّر أن صديقتك جندية تعتقل بنات شعبك في نابلس مثلاً، أو حتى في القدس، ذلك لن يثقل فقط على القلب، ولكن على الوعي أيضاً”.

 

غسان كنفاني

 

غسان كنفاني وغادة السمان

 

الكاتب والسياسي الذي كان يتصدى للحديث والدفاع في قضايا معظمها وطنية عن فلسطين، واعتقل مرارًا كانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية، ثم اغتيال المخابرات الإسرائيلية له عام 1972؛ كان أبرز نموذج يُجسد فكرة الكاتب والسياسي العاشق المغرم حدّ الوَلَه في نفس الوقت.

الروائي الفلسطيني الشاب غسان كنفاني، الذي كان متزوجًا من فتاة كندية، تعرّف على الأديبة السورية غادة السمان، لمجرد معرفة عابرة في جامعة دمشق؛ يقال إنهما التقيا بعد ذلك في القاهرة في إحدى الحفلات، وفي تلك الليلة قال لها غسان “مالكِ كطفلة ريفية تدخل المدينة أول مرة؟”.

ومن هذه الليلة والصلة توثقت بينهما في عدة دول عربية، وعاشا علاقة حب لم يسبق لها مثيل، ليتبادلا بعدها رسائل كانت ثمرة هذه العلاقة، والتي نشرتها غادة على كتاب أصدرته عام 1992 في ذكرى استشهاده السنوية بعنوان “رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان”.

الكتاب أثار صخبًا عاليا أفضى في المحصلة إلى رواجه، وصدوره بعدها في أكثر من طبعة، حيث استنكر البعض ظهور مثل هذا الجانب الضعيف المتذلل للمحبوبه في شخصية كنفاني، في حين لم يزحزح ذلك من إيمان الذين دائما ما نظروا إلى “غسان” كروائي تجلّل بالحصانة الكفاحية، ولكن الأمر أصاب” غادة” نفسها بكثير من اللغط والنقد والاتهامات، التي كان في مقدمتها سوء استثمار العلاقة العاطفية، لكن البعض دافع عنها باعتبار أنها كانت حريصة على أن لا تحطم البيت العائلي على رأس غسان، كما أنها كانت حريصة على أن تظل العلاقة علاقة حب نقي.

 

هيلاري وبيل كلينتون

 

هيلاري - بيل كلينتون

 

زواج الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، من هيلاري كلينتون، يُعتبر هو الزيجة الأكثر إثارة للجدل على الساحة السياسية الدولية، ليس فقط لارتباطها بالسياسة وشغل الزوجين لأكبر المناصب فى الدولة، وإنما لاستمرارها 45 عامًا رغم كل الاضطرابات التى عصفت بها، أبرزها فضيحة مونيكا لوينسكي.

فقد استطاعت هيلاري التماسك أمام الرأي العام وقت الفضيحة التي هزت جدران البيت الأبيض عام 1998، ووقفت بجوار الرئيس وقت محنته، والذي كانت له علاقات غرامية متعددة، لذلك بمجرد ذكر اسم بيل كلينتون يتبادر إلى الأذهان دومًا نزواته العاطفية وأزمته الشهيرة مع مونيكا، وعليه؛ فإنه يمكن القول بأن الجانب العاطفي لدى الرئيس الأمريكي الأسبق؛ قد تربع على عرش سيرته السياسية، التي قلّما يتم ذكرها دون التطرق لنزواته.