“أنا في الثمانين من عمري ولا أصدق ذلك أنا أشعر بالشباب والرشاقة والتوقد والذكاء والتأهب الذهني إنه أمر مذهل”هكذا تحدث المخرج العالمي وودي آلن قبل عرض أحدث أعماله والتي هي من تأليفه أيضا وأفتتحت الدورة الأخيرة لمهرجان كان فيلم كافيه سوسايتي cafe society بالطبع شيء رائع أن تجد صناع السينما الكبار لديهم هذا الحماس وهذه الرغبة الكبيرة في العمل حتى أخر نفس، هي المرة الثالثة التي يفتتح بها المهرجان الأشهر في العالم فيلم لوودي آلن إلي جانب مرة رابعة عندما شارك في إخراج فيلم “حكايات نيويورك” مع سكورسيزي وكوبولا، وعادة يرفض أن تشارك أفلامه في المسابقة الرسمية!
فيلم كافيه سوسايتي يشكل حالة خاصة ربما عايشها وسمع حكاياتها وودي آلن خلال رحلته الطويلة في هوليوود وهو كذلك نوع من الحنين لماضي هوليوود الذي يحفظه عن ظهر قلب، حيث تدور الأحداث حول أجواء صناعة السينما في ثلاثينيات القرن الماضي من خلال قصة حب بين شاب بوب “جيس إيزنبيرج” وافد جديد إلى عالم هوليوود للعمل مع خاله فيل ستيرن”ستيف كارل ” والذي يعمل وكيل لأعمال النجوم ويعمل لديه كقاريء للسيناريوهات ولكن المفارقة أن الشاب يقع في حب نفس الفتاة (السكرتيرة) التي يحبها خاله ويعترف له بذلك! وبالطبع تختار الفتاة فوني “كريستين ستيوارت” الخال الأغنى والأشهر! كزوج لها ويعود بوب إلي نيويورك محبطا ليبدأ مشروع كافيه سوسايتي حتى ينسي حبه لفوني! هي قصة حب بحلوها ومرها ليست بعيدة عن أي مجتمع أخر خارج هوليوود بكل تفاصيلها ومعاناتها ولكنها بلمسة وودي آلن الساخرة والتي ظهرت من خلال تعليقه كراوي للأحداث .
الفيلم والذي بدأ عرضه هذا الأسبوع بسينما زاوية بالقاهرة لا يزيد عن كونه حكايات مسلية عن مجتمع هوليوود وحنين لطيف للماضي البعيد بصورة رائعة لمصور هوليوود الأسطوري “فيتوريو ستورارو ” الحائز على ثلاث جوائز أوسكار أفضل تصوير ” تشعر أنك في فيلم ثلاثيناتي بكل الوانه وإضاءاته وتفاصيله البسيطة ويعد الماضي من سمات أفلام آلن الأخيرة فتجدها تتخذ الماضي مكانا وزمانا لأحداثها! وفي كافيه سوسايتي تجده لديه رؤية واضحة عن تلك الفترة التي هي قريبة من بداياته السينمائية في هوليوود، فتجد شخصيات كثيرة داخل المجتمع الهوليودي المثير بطموحها وأحلامها وأيضا إحباطاتها!
من بداية الأحداث تجد صوت وودي آلن الدافيء كراوي لها ويقول أردت أن أقدم نوعا من الرواية في الفيلم عن عائلة وعن العلاقات بين أفرادها بعضهم مع بعض، وعلاقة الحب التي يعيشها البطل، أردتها أن تمتلك بنية الرواية، كي أتمكن من الحركة حول الشخصيات والتمعن في مختلف أعضاء العائلة، لذا رويت الأحداث بنفسي لأنني كنت هنا نوعا من كاتب الرواية التي ستخبرها عندما ترى الفيلم .
عشق السينما لأخر نفس!
يقولون في أروقة استوديوهات هوليوود أن الممثلين المحظوظين هم من يعملون تحت إدارة المخرج وودي آلن فهو يعرف كيف يجعلهم في أفضل حالاتهم بل ويكونوا الأفضل عالميا وبالفعل حصلت كل من كيت بلانشيت وبينلوبي كروز على اوسكار أفضل تمثيل وهما تحت إدارة آلن، فتجد في كافيه سوسايتي أداء الممثل “جيس ايزنبيرج” هو الأفضل له منذ عدة سنوات وجسد ببراعة شخصية بوب بتحولاتها من بداية الشاب الساذج الخجول مرورا بحالة الحب مع فوني وصولا ليصبح رجل الأعمال الشهير الواثق من نفسه في مجتمع نيويورك، ومعه أيضا باداء لافت جدا الممثلة “كرستين ستيوارت” وكانت الكيمياء بينهما واضحة.
أخيرا إلي جانب وودي آلن هناك كلينت ايستوود وروبرت ريدفور الثلاثة تجاوزوا الثمانين إلا انهم يعشقون السينما بشكل إستثنائي يجعلهم يعملون بشغف إلي الأن ويقدمون دروسا لجميع السينمائيين في العالم، وأتمنى أن يكون نفس الحماس لدى مخرجينا الكبار.