أصبح الحديث عن وفاء جماهير الزمالك وضربها لأروع الأمثلة فى المؤازرة والتشجيع من البديهيات فى كرة القدم
المصرية ولكن اسمحوا لى أن اتناول الموضوع من وجهة نظر مختلفة فرضها التقارب الزمنى بين السلوك الرائع
لجماهير القلعة البيضاء فى نهائى دورى أبطال افريقيا وانعقاد المؤتمر الوطنى الأول للشباب بشرم الشيخ ليبدو الأمر
وكأنه رسالة من السماء للقائمين على المؤتمر لفهم طبيعة وعقلية الشباب المصرى قبل عقد جلساتهم واصدار توصياتهم
فالجماهير المحتشدة فى ملعب برج العرب كانت غالبيتها الكاسحة من الشباب من مختلف الطبقات والثقافات فى
مصر ولم يكتفوا برسائلهم للاعبى الزمالك قبل وأثناء وبعد المباراة وانما شملت رسائلهم القائمين على أمر الشباب
فى هذا البلد وسأحاول قدر الامكان قراءة تلك الرسائل فى النقاط التالية .
الحق فى حرية الأختيار
اختيار مشجع كرة القدم المصرى أن يكون زملكاويا يعد قرارا شجاعا لأنه يخالف رأى الغالبية الكروية فى مصر ذات
الأنتماء الأهلاوى ولذلك يتباهى الزملكاوية دائما بأن انتمائهم للزمالك جاء باقتناع وبقرار شخصى بعيدا عن ضغوط
الجماعة الكروية فى محيط العائلة أو الأصدقاء ولذلك نجد المشجع الزملكاوى يستميت للدفاع عن خياراته – ولنا أن
نتخيل ماذا ممكن أن يحدث للشباب المصرى اذا اتيحت لهم حرية اختيار ما يتعلمه – حرية اختيار الكلية الملائمة لقدراته
ومواهبه بعيدا عن فرمانات مكتب التنسيق – حرية اختيار الوظيفة التى يحبها وبالتالى على استعداد أن يضحى للنجاح
فيها – حرية الانتماء للتيارات والأحزاب السياسية السلمية المختلفة حتى وإن كانت معارضة للسلطة الحاكمة .
الدوافع القوية
تحملت جماهير نادى الزمالك كثيرا وعاشت سنوات من المعاناة حتى عاد الزمالك لمكانته الطبيعية وفاز بالدورى فى
الموسم قبل الماضى وبكأس مصر فى المواسم الأربعة الماضية ووصل لنهائى دورى أبطال افريقيا هذا الموسم والغريب
أنه طوال السنوات العجاف كانت جماهيرية الزمالك تزداد بشكل محير للجميع والسبب الوحيد هو شعور جمهور الزمالك
بأهمية دورهم فى مساندة الفريق وقيادته نحو منصات التتويج وهو ما يجب أن يشعر به الشباب المصرى فى مختلف
المجالات فاذا نجح النظام الحالى فى ايجاد اليات تؤدى إلى انغماس الشباب بشكل أكبر فى قضايا مجتمعم واحساسهم
بأهمية دورهم فى التقدم للأمام بالتأكيد سيختلف مستقبل مصر .
تحمل الصعاب سعيا وراء هدف أسمى
أعداد غفيرة من جمهور الزمالك على خلاف مع رئيس النادى خلاف وصل إلى تبادل الاتهامات فى ساحات القضاء
وخلال سعيها لمؤازرة الفريق فى مباراة النهائى تحملت من الصعوبات ما لا يمكن تحمله بداية من الصراع للحصول
على تذكرة فى منظومة خربة تعمل بأسلوب عفى عليه الزمن أهان كرامتهم وصولا إلى صعوبة الوصول الى ملعب
المباراة عبر طريق وحيد ضيق وغير ممهد تسبب فى شلل مرورى خاصة بعد المباراة بسبب خروج الجماهير معا فى
توقيت واحد – تحملت جماهير الزمالك كل ما سبق دون تبرم أو استياء سعيا نحو هدف أسمى وهو مؤازرة الفريق
وأكاد أجزم أن معظم شباب مصر على أتم الاستعداد لتحمل أى صعاب فقط إذا أمنوا بالهدف المراد الوصول إليه وأهمية
دورهم فى ذلك .
نرشح لك : المعلق الرياضي محمد فوزي يكتب: اعرف منافسك عن مواجهة مصر والكونغو
الأهداف المرحلية
أكدت كل تصريحات المسئولين قبل المباراة على أن سلوك جماهير الزمالك خلال اللقاء سيترتب عليه بنسبة كبيرة
مستقبل الحضور الجماهيرى فى مباريات كرة القدم لمصر ولذلك كان الشعور بالمسئولية مسيطرا على تصرفات الجميع
وشاهدنا سلوكا راقيا لانجاح التجربة واستمرارها فى المستقبل – وهنا تبرز أهمية اتباع سياسة التحفيز والثواب والعقاب
والأهداف المرحلية فى التعامل مع شبابنا بشرط المصداقية فى التنفيذ .
الانحياز والتوجيه يؤدى إلى نتائج عكسية
لدى جماهير الزمالك اعتقاد تتوارثه الأجيال بأن السلطة الرسمية فى مصر أحيانا وشبه الرسمية فى أحيانا أخرى تفضل
محاباة المنافس التقليدى النادى الأهلى ودليلهم فى ذلك الدور الكبير الذى لعبته مؤسسة الأهرام فى دعم الأهلى فى سنوات
ماضية سيطر فيها المارد الأحمر على الساحة الكروية المصرية وما يتردد حاليا من أنباء عن دعم رجل الأعمال أحمد
أبو هشيمة – المقرب من دائرة صبع القرار فى مصر حاليا – للنادى الأهلى من خلال تحمل أموال بعض الصفقات أو
عقد اجتماعات معهم لاغرائهم للانتقال للأهلى – كل هذا أدى إلى زيادة شعبية الزمالك وحرص جماهيره على اظهار
الوفاء والانتماء له لاعتقادها بأنها بذلك تخرج عن النص المرسوم لها وتؤدى الدور الذى تختاره لنفسها فى الحياة .
اذا طبقنا نفس السياق على الحياة العامة فى مصر سنجد تجارب كثيرة أعرض عنها الشباب لاحساسهم بأنها مفروضة
عليهم وليست نابعة من تجاربهم واختياراتهم .
لكل فعل رد فعل
قامت شركة فالكون بتنظيم حضور جمهور الزمالك للمباراة وأشاد الجميع بالمعاملة الطيبة رغم وجود تفتيش على ثلاث
مراحل والسير على الأقدام مسافة 2 كيلو متر قبل الوصول للملعب ورغم هذا كان الشعور بالامتنان من المعاملة الطيبة
مسيطرا على الجميع وهو ما ترجم فى النهاية إلى التزام فى التشجيع وتعاون مع المنظمين والخروج بهدوء من الملعب
رغم ضياع البطولة – عكس ما يحدث فى الكثير من القضايا التى تشهد تعسفا فى المعاملة تجاه الشباب فتكون النتيجة
مبالغة فى ردود الفعل من جانبهم .
وفى النهاية هناك تساؤل هل روابط المشجعين فى كرة القدم المصرية ممثلين فى المؤتمر الوطنى الأول للشباب ؟ أتمنى
أن تكون الإجابة نعم لأنهم يعبرون عن قطاعا عريضا من الشباب المصرى العاشق لكرة القدم .