وليد سمير
أول أمس الخميس، بدأت مدينة أسيوط يومها بشكل عادي، الجو بها كان لطيفًا ومائل للحرارة، لكن تلك الساعات الهادئة لم تدم طويلًا، وما إن اقتربت الساعة الخامسة مساءً حتى انقلب الجو رأسًا على عقب، واجتاحت السيول المدينة، وبدأ البرق يضرب في السماء، وبدا خريف ليلة مظلمة.
في منطقة الأربعين إحدى أكبر مناطق أسيوط، وتحديدًا في شارع السلام خرجت سيدة في الخامسة والعشرين من عمرها، من بيتها لتأخد ابنتها من الشارع خوفًا عليها من الأمطار، لكنها لم تعد إلى البيت مع ابنتها، فقد صعقتها إحدى أعمدة الإنارة، في ظل تلك الأمطار المنهمرة، وتوفت على الفور.
أحد أهالي المنطقة الذي شاهد وفاتها بعينه، قال إنها كانت تسير بجوار الرصيف، الذي تصتطف عليه أعمدة الإنارة، التي تخرج منها أسلاك الكهرباء، ومع هطول الأمطار بدأت تخرج شرارات نارية من تلك الأعمدة، وأصبحت المناطق المحيطة بها مكهربة بشكل كامل، وما إن عبرت السيدة حتى سقطت صريعة في الحال، ولم تستطع حتى أن تصرخ.
ذكر أحد السكان أيضًا أنه بعد سقوط السيدة في الماء، حاولوا سحبها، ولكن كلما اقتربوا منها، كانوا يشعروا بالكهرباء في أجسادهم، حتى جائوا بعصا طويلة، وظلوا يدفعون جثة المرأة بعيدًا عن المياه المكهربة، وأضاف أن هناك كلب وقطة ماتوا في نفس المنطقة بعد أن صعقتهم الكهرباء، مؤكدًا أن كل أعمدة الإنارة بمنطقة الأربعين تحتاج لصيانة وليس بها عازل، والأسلاك الداخلية بها متدلية خارج العامود.
من داخل عزاء السيدة، جلس شابًا يبدو في العشرينيات من عمره، ناظرًا إلى أسفل غير قادر على الكلام، ذلك الشاب هو شقيق الضحية، والذي أوضح أنه بعد علمه بسقطوط شقيقته، جرى سريعًا إلى هيئة الإسعاف التي تقع في نفس شارعهم، لينقذوها، ولكنه لم يجد أحد، وأحد المتواجدين بالهيئة أخبروه أنهم “مش فاضيين”.
بنبرة حزن ممزوجة بالغضب، أضاف أن شقيقته لديها 4 أطفال صغار، أكبرهم طفلة عمرها 10 سنوات، كما أنها تركتهم دون أب، لإنه في السجن منذ فترة، وكانت تعمل عاملة بإحدى المستشفيات، لتنفق على أطفالها، واتهم شقيق السيدة شركة الكهرباء بالتسبب في وفاة شقيقته، كما طالب بتعويض لأطفالها، الذين أصبحوا بلا أب أو أم الآن.
عم السيدة المتوفية لفت إلى أن الكهرباء لم تنقطع في منطقة الأربعين، وشركة الكهرباء لم تفصل الكهرباء عن المنطقة، رغم أنهم يعلمون أن أعمدة الإنارة بها تحتاج للصيانة، كما ذكر أن منطقة الأربعين، هي الوحيدة في أسيوط التي لم ينقطع فيها الكهرباء رغم تلك السيول التي غطت الشوارع والمياديين.
أحد أقارب السيدة ذكر أن كل الأعمدة بمنطقة الأربعين تحتاج لصيانة، وأنهم دائمًا ما يتعرضون للكهرباء منها سواء، في ظل الأمطار أو في الاوقات العادية، كما أشار إلى أن هناك أكثر من حالة سمع عن وفاتها في منطقة الأربعين، لكنه لم يرى بعينه سوي قريبته.