7 أسرار نكشفها عن أسطورة شريهان - E3lam.Com

 

لم أكن وحدي .. ملايين المتيّمين تسابقوا في الحصول على صورها ورسم فساتينها و تسجيل فوازيرها على شرائط الفيديو .. أسعدني الحظ برؤيتها على خشبة المسرح في (عشان خاطر عيونك) و (شارع محمد علي) .. بالنسبة لي لم تكن مجرد مسرحيات ممتعة ، بل رحلات إلى كوكب آخر لست فيه بحاجة إلى جاذبية تشد أقدامي إلى الأرض لأن جاذبية شريهان كانت تطلقني إلى السماء ، وإذا كان قلة من الممثلين استطاعوا أن يصبحوا نجوما فإن قلة من النجوم استطاعوا أن يصبحوا أساطيرا ..

النجوم تعشقهم جماهيرعريضة ويسارع إليهم المنتجون و تتابع أخبارهم الصحف.. ولكن أن تحيا نجمة بين أحلام الشباب دون أن تغادرها جيلا بعد جيل و يظل تشبيه الفتيات بها هو أعظم غزل يتطلعن لسماعه رغم غيابها سنوات طويلة ، فهذا يعني أنها ليست نجمة فحسب .. بل أسطورة .. تحقق ذلك لمارلين مونرو، سعاد حسني وشريهان..

تلك الموهوبة التي توارت شمسها عنا خلف غيوم المرض الخطير منذ أن قدمت آخر أفلامها (العشق والدم) عام 2002 من إخراج أشرف فهمي لتتكرر أخبار عودتها في مشاريع فنية لم تكتمل حتى أعلنت الصحف عن نجاح العدل جروب في إقناعها أخيرا ببطولة عمل فني ضخم وقّعت عقده بالفعل لتجدنا في انتظارها 14 عاما باشتياق لم يخفت وعشق لم تنكشف أسراره .. باستثناء 7 تحملها السطور التالية عن أسطورة شريهان

7- أسرار الحادث و المرض

ماذا لو لم تكن لسندريللا زوجة أب قاسية أذاقتها الحرمان والشقاء ، أو كانت الساحرة الشريرة هي الأجمل من سنووايت وأخبرتها المرآه بذلك فلم تضطر المسكينة للهرب بين وحوش الغابات وأحراشها .. ترى هل كن سيتحولن إلى أساطير نحكيها لأطفالنا حتى الآن .. لا أعتقد .. لأن المعاناة تنقي الروح و تُخلّد التجربة ببريق لاينطفئ .. يقول خليل جبران : (من المعاناة بزغت أقوى الأرواح فأعظم الشخصيات معلمة بندبات)

لم تكن المعاناة على موعد مبكرمع شريهان فحسب بل كانت في انتظارها ربما حتى قبل ولادتها ،فبعد أن انفصلت والدتها السيدة(عواطف هاشم)من مديرالتصوير(أحمدخورشيد)الذي أنجبت منه جيهان وعمر،تزوجت من عبد الفتاح الشلقاني أحد أشهر وأكبر المحامين في مصر زواجا عرفيا خوفا من تجنيد إبنها عمر لأنه كان مصابا بمرض نادرفي ذلك الوقت،وفي 6/12 بحي الزمالك الراقي تلد طفلتها الثالثة شريهان

يتوفى الأب دون أن تشاهده ابنته ليبدأ فصلا دراميا قاسيا في حياتها بالطعن في نسبها من قبل عمها للاستيلاء على ميراثها من العائلة التي لم تثبت نسبها إليها إلا بعد 16 عاما عانت فيها صنوفا من الإساءات و التجريح ، بعد سنة يتوفى أخوها وسندها الفني والإنساني عمر خورشيد وتلحقه والدتها إلى الرفيق الأعلى سريعا ليتناثر ماتبقى من روحها حزنا على أحبابها

غالبت شريهان مرارة أحزانها بالغرق في الفن والاستعراض فحققت نجاحات متتالية بلغت ذروتها بمسرحية (علشان خاطرعيونك) ومن قبلها الفوازير وألف ليلة وليلة التي توجتها نجمة الوطن العربي بلا منازع

بعد أقل من عام يُسحق جسدها إثر حادث حامت حوله إشاعات لم تثبت الشواهد غيرأنه كان نتاج تصادم سيرمروع .. تحكي شريهان ” حصلي كسر في الحوض وقطع في عصب الرجل اليمنى واتفتت عظم ظهري ودخل في النخاع الشوكي .. سافرت باريس وأجريت جراحة استغرقت 9 ساعات .. بعد العملية كانت الخراطيم خارجه من كل مكان في جسمي بطني وحلقي ورجلي .. عشت 6 أشهر مش بتحرك ولا بنام من الألم و 6 أشهر تانية بحاول بس أقف ”

حطم الحادث جسد شريهان لكنها لم تسمح له أن يحطم إرادتها .. تقول ” كان الدكتور يقولي كمان شهر هتنزلي سلمه يرجع بعد أسبوعين يلاقيني نازلة دور .. عشت سنة تانية في علاج طبيعي عانيت فيها آلام لا يتحملها بشر وأول ما رجعت مصر حصلي انتكاسة جديدة رجعت بسببها باريس وقضيت سنة ثالثه بين العمليات والجبس وأجمع 16 دكتور إني لو بس وقفت تاني هتبقى معجرة كبيرة ”

وحدث أكثر من المعجزة عادت شريهان بعد رحلة العلاج لجمهورها وقدمت فوازير (حاجات ومحتاجات 93) ومسرحية استعراضية ضخمة هي (شارع محمد علي) كانت تؤدي يوميا من خلالها 12 استعراضا ليقف طبيبها الفرنسي على خشبة المسرح في نهاية إحدى ليالي العرض الذي دعته شريهان لحضوره مؤكدا : (لا أستوعب أن من رقصت منذ قليل بكل تلك المرونة هي ذاتها من أتتني في باريس بجسد مهشم تماما قبل سنوات) ولكنها فسرت السر ببساطة في كلمتين : ( الإيمان والإرادة )

عاشت شريهان بعد ذلك تجارب شخصية مؤلمة عانت فيها الكثير من المشكلات في حياتها الخاصة إلى أن تزوجت من السيد علاء الخواجة الذي أنجبت منه ابنتها الأولى (لولوة ) ثم (تالية القرآن )بعد ذلك بسنوات

لكن سعادتها لم تدم طويلا إذ أصيبت بسرطان الغدد اللمفاوية أحد أخطر وأشرس أنواع السرطانات .. ومرة أخرى يؤكد الأطباء أن شفائها شبه مستحيل ، قبل أن يجروا لها جراحة تستغرق 18 ساعة تم فيها استبدال عضلة من الفخذ بعضلة الوجه بعد استئصالها مع الورم

تقول :”اتوضيت قبل دخولي غرفة العمليات..كنت على يقين إني هقابل ربنا بعد تأكيد الأطباء أن الناجين من السرطان ده بالذات لا يتعدوا 1 % .. بعد العملية خضعت لعلاج كيمائي طويل ومؤلم وصل وزني بسببه لأكتر من 117 كيلو .. ملامحي اتغيرت وشكل جسمي .. وفي الكعبة لقيت مصليات سمعوا صوتي فقالولي انتي صوتك شبه صوت شريهان .. يللا ندعيلها ” .. لتكمل باكية : ” االله يسامحكم دعيتولي كتير.. أنا دلوقتي فخورة بالمرض وبابتلاء ربنا ليا وبحب الناس اللي حاوطني “.

6- الكاميرا تعشق أحيانا

حين سُئلت الفنانة زبيدة ثروت عن سر سعاد حسني قالت ( الكاميرا كانت بتحب وشها ) عن نفسي لم أفهم الجملة ولم يستطع تفسيرها لي عدد من أصدقائي المخرجين والمصورين رغم تأكيدهم أن حب الكاميرا لوجه معين حقيقة ليس لها سبب منطقي حتى الجمال .. شريهان امتلكت وجها مصريا بمعايير جمال عالمية جعل منها أيقونة لا يشبهها أحد فكان لابد أن تقع الكاميرا في غرامها ..

(شَعر شريهان ) مثلا ظل هدفا للمصففين و حلما لملايين السيدات والفتيات .. حاجبيها .. الكبرياء المدفون بين رموشها السمراء..

حكى لي الفنان التشكيلي عمر الفولي أنه أثناء زيارة له في أوروبا قبل سنوات فوجئ بعدد كبير من الشباب يتابعون القناة المصرية مبهورين ليناديه أحدهم مشيرا إلى التليفزيون : كيف تدّعون أن نساءكم أقل جمالا من أي بلد في العالم بينما لديكم تلك الحسناء .. إنها شريهان الهاربة من إحدى لوحات محمود سعيد والمخبأة في قلوبنا حتى الآن بنفس الفتنة والسحر .

5- الشغف

يقول الكاتب الأمريكي جون سي ماكسويل John C.Maxwell في كتابه (الموهبة لا تكفي أبدا): ( إن الشغف هو ما يجعل الإنسان يستغل مالديه من موهبة أفضل الاستغلال إنه شخص أكثر من موهوب ولا يتوقف إلا إذا بلغ النجاح ) ..

في عيد ميلاد عمر خورشيد الأخ غير الشقيق لشريهان كانت هي طفلة ترقص ولكن ليس ككل من رقص فالصغيرة التي كان كل سنتي فيها يشع موهبة ساطعة أبهرت حضورا كبيرا كان من بينه فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ الذي أخذ يصفق لها معجبا بعد أن اقترب منها و أهداها سلسلة تحمل عينا زرقاء متنبئا لها بمستقبل باهر ، بينما أرسل لها فريد سلسلة تحمل عينا أخرى في اليوم التالي

أم كلثوم أيضا شاهدتها ترقص في حفل زفاف أخيها فصفقت لها طويلا ثم قالت : (البنت دي لهلوبة وعندها أذن موسيقية .. هتبقى نجمة كبيرة )

لكن البنت اللهلوبة لم تكتفي بما أوتيت من موهبة فتعلمت الرقص الحديث في Covent Garden بانجلترا و الفلامنكو في إسبانيا والرقص التعبيري في فرنسا كما تعلمت الباليه الكلاسيكي والمائي والرقص الشرقي في مصر ، بالإضافة لرقص الكلاكيت(Tap Dancing) على يد إبراهيم البغدادي مؤسس هذا الفن في الوطن العربي .. التدريب الشاق والدؤوب الناتج عن الشغف هو أحد أسرار أسطورة شريهان .

4- دعم العائلة

شكّل الوعي الفني لأسرة شريهان وإيمانهم بموهبتها الفذة سرا مهما في مسيرتها الفنية ، فكانت والدتها هي المنتجة لأول بطولاتها وهو مسلسل (المعجزة) عام73 للمخرج أحمد طنطاوي ثم فيلم (الخبز المر) لأشرف فهمي سنة82

حرص أخوها عمر أيضا على تعليمها السباحة و ركوب الخيل والموسيقى بالإضافة إلى دروس الإلقاء على يد الفنان عبد الوارث عسر الذي درّس لها كتابا من تأليفه عن الخطابة ليؤكد سريعا أنها ليست في حاجة لتلك الدروس فموهبتها مكتملة تماما ..

تحكي شريهان عن ذكريات الطفولة ” كنت بقعد في حجر أم كلثوم واسمع منها حكم كثيرة وكنت باحفظ اللي بتقوله وكنت بقعد مع حليم وفريد الأطرش يوميا بحكم صداقتهم لأخويا عمر اللي اتعلمت منهم كلهم كتير جدا ”

3- موهبة الاستعراض و استعراض الموهبة

في محارة مغلقة كانت موهبة شريهان الاستعراضية متوهجة تماما ولكنها في انتظار خبير اللؤلؤ النادر الذي يلتقطها ويقدمها للجماهير وهو مافعله فهمي عبد الحميد أحد عباقرة الإخراج الاستعراضي في مصر و أول من نقل فوازير رمضان من الراديو إلى التلفزيون مبتكرا لها الشكل الراقص في حلقات (صورة و 30 فزورة) بطولة القديرة نيللي التي قدمتها بنجاح كبير 8 سنوات متتالية تلاها سمير غانم بفوازير ناجحة أيضا مع شخصية فطوطة الشهيرة ..

في عام 85 قرر عبد الحميد تجديد دماء الفوازير بأن يدمجها مع حكايات ألف ليلة وليلة مسندا بطولتها للنجمة الشابة شريهان التي صنعت منها عالما زاخرا بالموهبة والإبهار والأزياء الرائعة على مدار 3 سنوات متتالية توجت بسببها ملكة الاستعراض والأناقة..

كانت الفوازير هي البوابة الكبرى التي عبرت من خلالها شريهان لقلوب الوطن العربي بعد أن فاجأتهم بشكل مختلف وشخصية خاصة بشهادة الفنانة الكبيرة نيللي

تكشف شريهان سر الفوازير ” كنا بنجهز للفوازير 11 شهرا متواصلين بنشتغل فيهم على كل التفاصيل وكان بيشارك في صناعة الفوازير كبار مبدعي مصر زي محمد الموجي وسيد مكاوي وحلمي بكر في التلحين ، طاهر أبو فاشا وعبد السلام أمين في التأليف وحسن عفيفي في تصميم الاستعراضات وغيرهم”

إبداع فنانين أفذاذ في حضرة بطلة تمتلك موهبة خارقة لم تتكرر جعل من فوازير شريهان سحرا يخلي حرفيا شوارع الوطن العربي الذي كان يشاهد عرضها الأول في نفس اللحظة على القناة الأولى المصرية قبل ظهور الفضائيات والإنترنت

عام 93 عادت شريهان بفوازير (حاجات ومحتاجات) تأليف سيد حجاب وإخراج جمال عبد الحميد لينعم جمهورها بحلقات رائعة مع شخصية زئردة الكرتونية

قبل أن تفقد الفوازير بريقها على يد عدد من النجمات اللواتي افتقرن للموهبة واعتقدن أن الفساتين الملونة وحدها يمكن أن تبقيهن في ذاكرة الجمهور بجوار القديرة الرائعة نيللي أو الأسطورة شريهان.

2- رحيق الكبار

في السينما قدمت شريهان أفلاما هامة مع كبار مخرجي السينما المصرية كان من أبرزها (العذراء والشعر الأبيض 83) و (قفص الحريم86) لحسين كمال ، (الطوق والأسورة86) لخيري بشارة ، (الحب والرعب 91) لكريم ضياء الدين (يوم حار جدا 93) لمحمد خان ، (ميت فل96) لرأفت الميهي ، (عرق البلح99) لرضوان الكاشف

كما قدمت الفيلم الاستعراضي (كريستال93) لعادل عوض الذي مر بظروف سيئة في تنفيذه منها اعتذار الفنانة نيللي عن مشاركة شريهان البطولة ووفاة الممثل صلاح قابيل قبل استكمال دوره وهو ماحدث في (جبر الخواطر98) حينما توفى مخرجه القديرعاطف الطيب قبل استكماله لأعمال المونتاج مما أثر على الشكل الذي خرج به الفيلم كما عطل خطة الطيب بأن تكون شريهان هي بطلة أفلامه لخمس سنوات قادمة .

نجومية شريهان وموهبتها كانتا سببا في ترشيحها لبطولة (سمع هس91) لشريف عرفة (المهاجر94) ليوسف شاهين (نزوة96) لعلي بدرخان وغيرها من الأفلام التي اعتذرت عنها ربما لما هو معروف عنها من تردد ودقة بالإضافة لانشغالها بالمسرح الاستعراضي عشقها الأكبر وعشقنا نحن أيضا حيث كتب لها القدير بهجت قمر اثنتين من روائع المسرح الاستعراضي المصري هما (عشان خاطر عيونك) التي لاقت نجاحا كبيرا من بطولة الكبير فؤاد المهندس وإخراج حسين كمال

و(شارع محمد علي) مع الملك فريد شوقي إخراج محمد عبد العزيز التي استمر عرضها 5 سنوات كانت تُغلق خلالها منطقة وسط البلد مساء كل يوم بسبب تزاحم جماهير شريهان حول مسرح ريفولي الذي كان يقدم عليه العرض قبل تحويله إلى سينما بل كان الكثير من السياح العرب يقيمون ليلة واحدة في القاهرة لمشاهدة ملكة الاستعراض في عرضها الحي على المسرح ثم يعودون في اليوم التالي إلى بلدانهم ..

تعترف شريهان بالفضل لعدد من الفنانين الذين أثروا خبرتها وتجربتها المسرحية بتواضع يعتبر أحد أسرارها فتقول :” اتعلمت من فؤاد المهندس الحس المسرحي و من محمد صبحي الالتزام واحترام المتفرج وإجباره على احترامي

من فريد شوقي اتعلمت الفرحة الحقيقية بظهور زملائي في أحسن صورة وهو نفس الشيء اللي اتعلمته من عادل إمام بعد ما سمح بتمثيلي دور البطولة معاه في فيلم خللي بالك من عقلك ”

 

1- الصدق

صدق المشاعر وإخلاص العطاء سر كُشف مجددا في أسطورة شريهان .. فبعد غيابها بسبب ظروف مرضها الخطيرالتي يعرفها الكل لم يكن لأحد أن يلومها على عدم مشاركتها في الأحداث السياسية التي ألمّت بمصر في الفترات الأخيرة ..

لكن لأنها متبتلة بصدق في حب وطنها فقد رأيناها في ثورة يناير 2011 مقيمة في ميدان التحرير دون أن تبالي بشهرة و نجومية قد تسبب لها متاعب أو مشقة لتظهر بعدها في كل الأحداث السياسية منفعلة بكل خلجاتها العاشقة بصدق لهذا البلد.

تختتم شريهان مقابلة لها مع راندا أبو العزم مراسلة قناة العربية من ميدان التحرير في ذلك الوقت قائلة : ” انا مسواش حاجة من غير مصر ..وفي أي أزمة للبلد دي انا مواطنة مصرية مش فنانة ولا اي حاجة تانية.. ”

عنها :

· قدمت شريهان أكثر من 27 فيلما و12 مسلسلا و5 مسرحيات وعدة سهرات تليفزيونية بالإضافة لتقديمها فوازير رمضان 4 مرات .

· فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي مرتين عن فيلم (يوم حار جدا) و (العشق والدم) كما كُرمت في العديد من المهرجانات المحلية و العالمية عن دورها في (عرق البلح) وعدة أفلام أخرى .