نقلاً عن المصري اليوم
أليس من حق المتبرعين لصندوق «تحيا مصر» تَمَلُّك المعلومات الكاملة الموثقة حول التصرفات المالية فى تبرعاتهم، أليس من حق مَن تبرع بجنيه- عبر رسالة هاتفية- أن يعرف أين ذهب هذا الجنيه، وفيمَ أُنفِق، وجدوى إنفاقه، أليس من حقنا جميعاً مراجعة علنية وشفافة لأعمال هذا الصندوق، الذى استحوذ على أفكار المصريين منذ إطلاقه مع قدوم الرئيس إلى الحكم؟
أقول قولى هذا ليس مشككاً ولا أبغى تشكيكاً فى أعمال الصندوق وإسهاماته المجتمعية فى بناء مساكن، وتطوير قرى، وعلاج فيروس (سى)، وغيرها كثير، ولكن المتبرعين من حقهم أن يعرفوا أكثر، وبالأرقام عن ماليات الصندوق وإسهاماته.
إذا اطمأنوا أقبلوا على التبرعات، وإذا ظلوا على عَمَاهم تأثرت تبرعاتهم بالحملات التشكيكية الضارية التى تستهدف الصندوق، وتعمد إلى تجفيف موارده، التى تقوم بالأساس- وفى القسم الكبير منها- على التبرعات الصغيرة (جنيه وخمسة جنيهات)، هى قوام الصندوق الذى أشاح عنه رجال الأعمال وكبار الأثرياء والميسورون، رغم النداءات الرئاسية، والرجوات لملء الصندوق ليفيض على الفقراء والمحرومين بالخير العميم.
أثبتت تجربة الصندوق أمراً مهماً، أنها لا تهون إلا على الفقير، والمصرى الطيب يطَلَّعها من بقه ليُطعم غيره، وهؤلاء الموثرون الأفاضل يتمثلون قولاً منزلاً من السماء: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، ويثبت أيضاً أن الماليين الكبار لا يعنون كثيراً بالتبرعات التى تقيهم شر ثورة الجياع، وأنهم تقاعسوا ولم يلبوا النداء، ومَن تبرع منهم ألقى عضمة ذراً للرماد فى العيون، حتى يُقال إنه تبرع، وذهب للتصوير مع كبار المسؤولين، باعتباره المحسن الكريم.
على أهميتها ودلالتها العظيمة، جنيهات الفقراء التى يُخرجونها من لحم الحى طواعية ورضاء نفس وبإيثار مُبهر وباهر ومنير، للأسف لن تملأ الصندوق، وما هو مطلوب من الصندوق فى قلب الحالة المصرية يفوق ما يتم جمعه برسائل الموبايل، «تشفيط الحنفيات مايملاش قِرب»، وما تم جمعه حتى ساعته وتاريخه فقط سبعة مليارات ونصف المليار جنيه، وكان الرئيس قد أعلن أنه يستهدف جمع مائة مليار جنيه لإنفاذ أجندة الصندوق كاملة، لصالح الفقراء فى العشوائيات والقرى الأكثر فقراً.
خشية إملاق، إذا تحدثت مع ثرى منهم عاجلك بأن الاستثمار أهم من التبرع، تفضل استثمر، نريد حوافز للاستثمار، تفضل حوافز، نريد تغيير القوانين، لا يفتأون يطالبون، لا يشبعون حوافز ولا إعفاءات، فقط هل من مزيد؟!
القاعدة: «لا ينقص مال من صدقة»، وعليه فعلى المؤتمنين على الصندوق إعلان قائمة المتبرعين شهرياً، حتى نعرف مَن يريد خيراً ويعمل خيراً ومَن يعمل لنفسه ولصالح توسعة إمبراطوريته المالية على حساب شعب من الفقراء.
ما بين كرم الفقراء وشح الأثرياء يقف الصندوق فى المنطقة الحرجة، ما هو مطلوب تمويله تعجز عنه جنيهات الفقراء، والإقبال الرائع من الفقراء على التبرع بالجنيه والخمسة جنيهات- وهُمَّه مش لاقيين اللضا- يؤشر على حالة وطنية هائلة، لا ننزع الوطنية عن المُقَتِّرين، ولكن نقول إن للفقراء حقاً فى أموال الأثرياء، وخُذ من أموالهم، على الأقل تُطهرهم وتُزكيهم، خشية على هؤلاء من غضبة الفقراء، عليهم أن يسارعوا إلى الخيرات، واللُّقَم تُزيح النِّقَم كما يقولون.
إعلان كشف حساب «تحيا مصر» بالجنيه ضرورة، كم تبرعات، كم أُنفق، وفيمَ، ومَن تبرع إلا مَن رفض إعلان اسمه، وكم تبرعات الفقراء، وكم تبرعات الأثرياء، ليس للتجريس أو الفضح، إعلان تكريمى يحفز المتأخرين والمتلكئين، وربما يُحلحل مَن يعتصمون بالرفض، ولعل إسهامات المشروع فى خدمة المجتمع تُزيل الغشاوة عن الأعين، وتُزيح غبار الشائعات التى تعمد إلى اغتيال الصندوق الحلم.