( بعد سقوط ضحيتك الأولى ، الآخرون ستقتلهم بسهولة …لا تشعر بعدها بأي تردد أو صدمة نفسية أو تأنيب ضمير .. أضع يدي على الزناد ، أحدد هدفي ، ثم أقتل عدوي قبل أن يقتل شعبي )… هذه كلمات كريس كايل أسطورة الحرب على العراق كما أطلق عليه زملاؤه ، أشهر قناص في التاريخ الأمريكي من كتابه : ( القناص الأمريكي : سيرة ذاتية لأشرس قناص في التاريخ الأمريكي ) ، والذي يدور حول ذكرياته أثناء فترة خدمته في الحرب على العراق ، يقولها باعتزاز شديد متباهيا باللقب الذي أطلق عليه (شيطان الرمادي) بسبب براعته في القنص ، فهو قتل وحده حوالى 220 عراقيا – يصفهم بالوحوش اللعينة – التي يجب التخلص منها .
تحولت مذكراته الى فيلم يعرض الآن في صالات السينما المصرية والعربية (قناص أمريكي)
– AMERICAN SNIPER –
للمخرج الشهير كلينت ايستوود وبطولة النجم الأمريكي الشاب برادلي كوبر ، لا يختلف الفيلم كثيرا عن الكتاب ، ذكريات الدم والكراهية والاستعلاء على العراقيين الارهابيين هي المسيطرة على مشاهد الفيلم ، اللذي لا يذهب بعيدا عن الخط الهوليودي المرسوم بدقة ، فيحاول تجميل وجه أمريكا سينمائيا وتبرير جريمة احتلال العراق من أجل انقاذ الانسانية من شرور الوحوش اللعينة التي تسكن العراق ، في أحد المقاطع في الفيلم يسأل البطل القناص صديقه في الوحدة العسكرية التي يعملان بها :
– أتعرف لماذا نحن هنا في هذه الصحراء ؟
– لا أعرف
– نحن هنا للدفاع عن نيويورك .. عن سان دييجو ، نحن هنا في مهمه مقدسة لكي ندافع عن بلادنا و نحمي ديارنا.
مطلوب منك وأنت تشاهد هذا الفيلم أن تنحي انسانيتك جانبا ، وأن تركن هويتك على الرف في البيت ، وتنسى انتماءك لهذه البقعه من الأرض المسماة بالعالم العربي قليلا ، عليك فقط أن تستسلم لهذه الصورة المراوغة والمخادعة على شاشة السينما … هذه الصورة التي تروض عينك وعقلك معا .. البطل الهوليودي اللذي لا يقهر ، بعينين حادتين ونافذتين كعيني صقر، بطلة حانية وقاسية في ان واحد ، و بيديه بندقيته الرحيمه …. التي تحصد أرواح العراقيين !
يناقش الفيلم وضع الجنود الأمريكيين بعد عودتهم الى ديارهم ، فالحرب لا تنتهي مع هذه العودة ، وانما تظل ذكرياتها تؤرقهم وتؤثر على حياتهم الشخصية والأسرية ، لكن كايل كان يرى أنه أدى واجبه على أكمل وجه .
كنت مشغولا وأنا اتابع مشاهد الفيلم بجمهور الصالة حولي ، وخصوصا الشباب كيف يتلقون أو بالأحرى يتجرعون كل هذا السم المدسوس في العسل الأمريكي ، فالبطل ينتظر طفله الذي سيولد بعيدا عنه في أمريكا ، و يتحدث الي زوجته عبر سماعة في أذنه في نفس اللحظة اللذي يصوب فيها بندقيته من فوق أحد الأسطح على أم عراقية وبجوارها طفلها الصغير ، فتخرج الأم من تحت جلبابها الأسود قنبله تعطيها لطفلها ليلقيها على الجنود الأمريكيين الواقفين في نهاية الطريق .. فيتردد قبل أن يضغط على الزناد وينتصر لانسانيته !!
يطارد البطل الأمريكي طوال الفيلم قناصا عراقيا اسمه مصطفى ، شارك في مسابقات الرماية في الأولمبياد وانضم لصفوف المقاومه العراقية في الفلوجة … مصطفى يظهر ملثما لا تستطيع أن تحدد ملامحه بوضوح في كل المشاهد ، يقوم بالتنقل بخفة بين أسطح المنازل ويقنص الجنود الأمريكيين – مع كل جندي أمريكي يسقط كان قلبي يرقص فرحا – مصطفى بالطبع نحيل وضعيف ليس بوسامة كريس كايل ولا بقوته ، كنت متعاطفا معه وأراه البطل الحقيقي بالنسبة لي في هذا الفيلم ، تمنيت أن ينتهي الفيلم برصاصة من مصطفى تخترق رأس كريس كايل !
وفي لقطة هوليودية خارقة مصحوبة بموسيقى موحيه تجبرك أن تحبس أنفاسك … استطاع البطل الأمريكي أن يقتنصه على بعد ثلالثة أميال … ضجت القاعة من حولي بتصفيق الشباب لمقتل العراقي مصطفى !!….. ساعتها أدركت أن الرصاصة الأخيرة التي أطلقها كريس كايل استقرت في عقول شبابنا المفتون بالبطل الأمريكي !
**( قتل كريس كايل صباح يوم الأحد الثالث من فبراير 2013 في حفل تدريب للرماية على يد أحد زملائه )
اقرأ أيضًا:
محمد عبده بدوي: كيف تقرأ الأخبار دون أن تنفجر جمجمتك!