حسام عبد القادر يكتب: اللاي فاي وإنترنت الأشياء

أهتم منذ سنوات عديدة بالجديد في عالم التكنولوجيا وتأثيره على وسائل الإعلام بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وتطور التكنولوجيا أصبح أسرع من ملاحظاتي وتأملاتي تجاه هذا الأمر، فلم أعد أستطيع ملاحقة أنفاسي وسط هذا الزخم من التطور الهائل والذي أصبح يفوق الخيال.

وعندما ألتقط أنفاسي أحيانا، أتساءل: ماذا بعد؟ هل ستكون هناك تقنيات أعلى مما نحن فيه حاليا، ولا أحتاج دائما للإجابة حيث أجد الأخبار المتلاحقة تبحث عني لتجيب عن سؤالي.

وقد اعتادت وسائل الإعلام بحكم طبيعتها أن تكون دائما من أوائل المستفيدين من التطور التكنولوجي منذ اخترع جوتنبرغ الطباعة وقفزت الصحافة على الفور للاستفادة من هذه التقنية الهامة جدا وقتها وصدرت الصحف الورقية، وهكذا أمام كل تطور يحدث من حولنا، نجد تأثيره واضحا على وسائل الإعلام.

والتقنية الجديدة التي ستحدث انقلابا جديدا خلال سنوات معدودة هي تقنية “اللاي فاي LIFI”، وهي تطور للواي فاي، وقبل أن أشرح اللاي فاي ومدى أهميتها، أوضح أن الجديد هنا لم يكن في موقع جديد مثل جوجل، أو موقع من مواقع السوشيال ميديا، وإنما في آلية التعامل مع شبكة الإنترنت نفسها، وسرعة الإنترنت، ففي الوقت الذي نتنافس فيه على سرعة الإنترنت ومدى السرعة داخل كل مكان وداخل كل بلد، تأتي تقنية اللاي فاي لتغير شكل التنافس وشكل الحياة عبر الإنترنت بشكل كامل.

ويعد اللاي فاي أسرع وأرخص نظام اتصال لاسلكي وهو النسخة الضوئية من الواي فاي، ويُعتقد أن بإمكان هذه التقنية أن تحمل سرعات أكثر من 10 جيجا بايت في الثانية، ويمكنها تنزيل فيلم عالي الوضوح خلال 30 ثانية، ومن المحتمل أن يصبح كل مصدر إضاءة في المنازل والمكاتب مصدرًا للاي فاي خلال 20 عامًا، وسيمكنك مشاهدة مقاطع الفيديو وتنزيلها بسرعات فائقة، وتصفح المواقع الجديدة في غمضة عين.

وهناك ميزة إضافية وهي الأمان، حيث إن لاي فاي لا ينتقل بين الجدران مما يجعل البيانات أكثر أمانًا.

ولا يتداخل اللاي فاي مع موجات الراديو واستخدامه كذلك آمن في البيئات الحساسة تجاه ترددات الراديو مثل الطائرات ومحطات الطاقة النووية ومنصات النفط. كما أنه أكثر أمنًا لبيئات مثل المستشفيات والمراكز الطبية والمدارس.

ويكمن جمال هذه التقنية في بساطتها، فيمكن تحويل كل مصباح “ليد” إلى راوتر لاسلكي بمجرد إضافة شريحة إلكترونية صغيرة. كما سيقلل تحويل أضواء “ليد” من انبعاثات الكربون مما سيؤدي إلى ترشيد استهلاك الطاقة.

ولاي فاي في طريقها لتصبح صناعة بقيمة 113 مليار دولارًا أمريكيًا بحلول عام 2022 وفقًا لمقال صدر مؤخرًا في تويت تك. وستغير لاي فاي طريقة عملنا ولعبنا وإدارتنا لحياتنا اليومية.

وهي تقدم إمكانيات لا نهائية لإنترنت الأشياء(IoT)، وهو التواصل بين الأشخاص والأشياء، بمعنى أننا سوف نتعامل مع الأجهزة مباشرة دون الحاجة لوسيط آدمي، فيمكن أن أعرف ما ينقص الثلاجة اليوم من أطعمة من الثلاجة نفسها، ومدى احتياج السيارة للبنزين من السيارة، وهكذا في تعاملنا مع كل الأجهزة.
قد يكون من الصعب تخيلنا لهذا، إلا أن هذه التقنية ليست في مرحلة تجارب حاليا، وإنما بدأت تنفذ داخل مدن عديدة في أوروبا وفي أميركا، وفي طريقها للتطبيق في دبي.

وعلينا أن نتخيل الآن شكل وسائل الإعلام بعد تطبيق هذه التقنية الجديدة، وكيف سيكون شكل الصحف ولا داعي أن أقول إلكترونية، لأنه لن يكون هناك غيرها بالأساس، وشكل القنوات التلفزيونية، وهل سيكون هناك تليفزيون وما الحاجة له، إن كنا نستطيع تحميل ما نريد في ثوان معدودة من على شبكة الإنترنت، وهو ما يمكن أن يعرض شركات التسويق للخطر حيث يمكن للمشاهد أن يستغني عن رؤية الإعلانات بكل بساطة لأنه يختار ما يريد ولا يفرض عليه أي اختيارات مما يعرض صناعة الإعلام نفسها للخطر.

إن تقنية اللاي فاي ستعبر بنا لمجتمع جديد وثقافة جديدة تماما، حتى عن الثقافة الإلكترونية السائدة حاليا.