بالطبع تعلم يا جوجل أني لو كتبت على صفحتى بالفيس بوك أننا فى المحروسة نعيش أيام صعبة للغاية وأن القادم وللأسف الشديد أسوأ بكثير؛ لانهال المواطنون الشرفاء من الأهل والأصدقاء عليّ بوصفي بالمُحْبِط والجاحد وفاقد البصر والبصيرة، ولا يخفى عليك أني حاولت جاهداً أن أعرف المعنى الحقيقي لكلمة مُحبط ولم أجد الوصف منطبق على ما أقول، لذلك لم أعد أُعر أحداً اهتماماً، أما حين يُصرح رئيس وزراء مصر “إسماعيل شريف” بأن الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعاً بالأسعار ولن نستطيع السيطرة عليها، فيتقبلها نفس المواطنين الشرفاء بالصمت الرهيب، وربما لو ناقشتهم لوصفوه بالرجل الشجاع الصادق الذي يتعامل بشفافية مع شعب مصر العظيم ويتحمل الانتقادات الموجهة إليه، لا تضحك ولا تندهش يا جوجل، هذه هي الحقيقة التي لا أخجل من ذكرها، والتي تأتي في ظل واقع أليم نعيشه جميعاً.
نرشح لك : علاء الدين العبد يكتب: صديقي العزيز جوجل (1)
وكيف أخجل وهم صدقوا من قبل تصريحات المسئولين أن أسباب ارتفاع الدولار هو تحكم قلة من الأفراد والتجار والمؤامرات الكونية التى تكالبت علينا بسب إنجازاتنا التى يحسدنا عليها العالم، في الحقيقة هو لم يقل ذلك فقط، بل قال أيضاَ أننا من (الممكن) جداً بعد ثلاث سنوات أن نصل لضوء في نهاية النفق، وهو بذلك أقر ضمنياً أننا نسير في نفق مظلم.
الحقيقة أني كنت أود أن أقول وأنبه وأسجل على موقعكم العظيم، أن القادم للأسف أسوأ بكثير مما نعيشه لكي لا يفاجأ أحد، ولكي يتخذ كل منا حذره بالطريقة التي تناسبه، ولا يعول على قرض الصندوق الذي لم نتسلم منه أية دفعة حتى الآن، ولكن رئيس الوزراء الشجاع أعفاني من ذلك وقال بكل وضوح أن القرض لسد عجز الموازنة، وسداد جزء من مديونيات الدولة ولن ندعم به الجنيه!
جدير بالذكر يا جوجل، أن مالم يقله رئيس الوزراء وربما لن يقله أبداً أي مسئول بالدولة؛ ولا أعرف تحديداً أعن عمد أو جهل، هو لماذا يرتفع سعر صرف الدولار ؟!
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نركز قليلاً ونسأل أنفسنا لماذا نحتاج للدولار؟!
وما هي مصادر الحصول على الدولار؟
والإجابة بكل بساطة، نحتاجها في مصر للستيراد، سواء الدولة نفسها، أو الأفراد، وكذلك لسداد القروض (الديون الخارجية )..
ولماذا نستورد؟! ولماذا نقترض؟!
والإجابة بكل بساطة أيضاَ لأننا في العقود الثلاثة الأخيرة أهملنا الزراعة والصناعة، أهملنا إنتاج احتياجاتنا من المحاصيل الزراعية والسلع التموينية.
نرشح لك : علاء الدين العبد يكتب: صديقي العزيز جوجل (2)
أهملنا حتى القطن الذي كانوا يعلموننا في المدارس أنه الذهب الأبيض، وأن المستعمر يستولي عليه ليرده لنا في صورة منتجات نحصل عليها بالعملة الصعبة، أهملنا زراعة القمح بحجة نقص المياه، وأهملنا حتى زراعة الفول والعدس وقصب السكر..
وبالطبع، كلما زاد استيرادنا، زادت حاجتنا للدولار فيرتفع الطلب عليه، مما يخلق حالة من ندرته وبالتالي ارتفاع قيمته مقابل الجنيه بدون توقف، لأن مصادر الحصول عليه محدودة وهي:
1- قناة السويس
2- السياحة
3- تحويلات العاملين بالخارج
4- الاستثمارات الأجنبية
5- المنح والودائع والقروض
6- الصادرات
ولماذا لا ننتج؟! الإجابة في رأيي بكل بساطة، أن خبراء الإقتصاد في مصر أقنعوا النظم الحاكمة لعقود طويلة باختيار الطرق الأكثر سهولة، وهذا على المدى الطويل أدَّى إلى التأخر وإلى مزيد من التبعية، وبالتالي تذهب هباءاً منثوراً أي خطط للتنمية! ولا أعرف هل خدعوا النظم التي حكمتنا أم كانوا على تلك الدرجة من السذاجة، لكي نزيد الدولار بأيدينا كل يوم قوة وصلابة!
ولكي أوضح لك الأمرعزيزي جوجل لابد أن تلاحظ أن كل مصادر دخل الدولة من العملة الصلبة والتي تسمى بالعملة ( الصعبة) لصعوبة الحصول عليها، باستثناء الصادرات فهي مصادر برغم سهولتها، ليس لنا سيطرة كاملة عليها:
– قناة السويس تخضع لحركة التجارة العالمية والطرق البديلة المنافسة وهذا ما نلمسه الآن.
– السياحة كذلك للأسف تخضع للحالة الأمنية للبلد بشكل خاص وللحالة الاقتصادية العالمية بشكل عام وأيضاً للعلاقات السياسية بين الدول، برغم أننا تعرضنا لضرب السياحة أكثر من مرة بسبب الإرهاب في مصر، إلا أننا لم نعِ الدرس جيداً كالعادة، بل توسعنا في المشاريع السياحية الساحلية بالمليارات وأهملنا تماماً الزراعة والصناعة بحجة سخيفة أرفضها تماماً؛ وهي زيادة الدخل من العملة الصعبة، لكي نعود مرة أخرى لخروجها بالاستيراد، منطق غريب جداَ.
نرشح لك : علاء الدين العبد يكتب: صديقي العزيز جوجل (3)
– تحويلات العاملين بالخارج، فهى أيضا خاضعة لعوامل منها الحروب، والعلاقات السياسية بين الدول، وقد حدث ذلك، عند حرب العراق وعودة الملايين في التسعينيات، وتكرر الأمر كثيراً مع ليبيا بسبب العلاقات السياسية، وأخيراً بسبب الوضع الأمني الليبي، ولعلنا نتذكر بعد رحيل القذافى، حاول عصام شرف رئيس الوزراء حينها تقديم الدعم لليبيا لإعادة إعمارها عن طريق عودة المصريين، وكذلك فعل الجنزوري محاولاً المشاركة في إعادة إعمار العراق، أيضاً عن طريق عودة المصريين، كل الحكومات، تختار الحلول الأسهل، تزيح عن كاهلها عبء ملايين من المواطنين وفي نفس الوقت يدرون عليها العملة الصعبة لكي نستورد بها طعامنا، عقم شديد في التفكير! والآن نواجه نفس المشكلة مع المغتربين المصريين في الخليج وقد رأينا ما أدى إليه خروج شركة واحدة سعودية من سوق العمل، ويتوقع الكثيرون عودتهم في القريب.
– المصدر الرابع من العملة الصعبة أو الدولار، وهو الاستثمارات الأجنبية، أيضاً مرهون بالوضع الأمني في المقام الأول وبقوانين الاستثمار وأيضاً قوانين فض المنازعات وثبات سعر الصرف الذي هو محور الحديث عنه الآن، وباستقرار البلد المتمثل فى استقرار النظام الحاكم، وكل ما سبق للأسف لا يتوقع معه أية استثمارات في القريب العاجل، اللهم القليل من استثمارات البترول التى واجهنا صعوبة في عودتها بعد 25 يناير، وقليل جداً من الاستثمارات العقارية والتى لا تؤدي إلى أي تنمية.
-المنح والقروض والودائع، منذ الستينات ومصر تتلقى منح ومعونات وقروض، ولا بأس إذا كانت الدولة فقيرة أن تتلقى المنح، ولا بأس أن تتلقى القروض لتستثمرها فى مشاريع كثيفة العمالة كالمصانع مثلاً ، أما إذا كانت دولة غنية فى مواردها البشرية والطبيعية وربع موازنتها يذهب مقابل فوائد الديون، فعلينا أن نسأل كيف تدير الدولة مواردها؟ وأين ذهبت تلك القروض التى سيحمل عبئها أجيالاً قادمة، خاصة إذا عرفنا ما قالته وزيرة التعاون الدولى “سحر نصر” أن الدولة حصلت على قروض ومنح خلال عام (من سبتمبر 2015 إلى سبتمبر 2016) ما مقداره خمسة عشر مليار دولار، وإذا كانت الوزيرة لم تحدد عما إذا كان المبلغ تضمن مليارات دعم دول الخليج أم لا ؟ وإذا كنا فرحين بأن الاحتياطى النقدى قد ارتفع الآن إلى 19.5 مليار دولار بعد آخر مبلغ من السعودية البالغ 2 مليار؛ فهل تعتقد أن القرض المنتظر من صندوق النقد سيؤثر فى سعر صرف الدولار؟!
وهل تشك أن بعد كل تلك القروض أن خدمة الدين (الفوائد) لن تزيد من أعباء موازنة الدولة فى الأعوام القادمة وبالتالي ستتأثر أيضا خدمات الصحة والتعليم!! هل مازلت تشك فى مقولة، أن الدول لا تبنى بالقروض؟!
– أخر مصدر للعملة الصعبة أو الصلبة، هو عائد الصادرات، وأرى أنه خطأ فادح وقع فيه الكثير، فالمنطقى أن تكون صادرات أي دولة هو ما يزيد عن حاجتها من سلع وتلجأ أحياناً بعض الشركات للصادرات للحفاظ على سعر منتجها المحلى داخل دولة المنشأ، أما أن نشجع أو ندعم الصادرات، أي صادرات ، فهذا خطأ جسيم، لعلنا نعلم جميعا، قصة السماح بتصدير الأرز، ثم استيراد الأرز، ثم منع ووقف التصدير، كل هذا التخبط في السياسات والقرارات لمصلحة من ومن تحمله؟!
أليس من الأولى دعم الزراعة والصناعة والتعدين، أليس إذا حققنا طفرة زراعية وصناعية وتعدينية لن نلجأ إلى الإستيراد ونكون فى حاجة إلى العملة الصعبة وسينخفض سعر الصرف إجبارياً؟!
كل ما سبق تستطيع تلخيصه فى أن الحل فى مشاكل مصر هى تشجيع الإنتاج الزراعى والصناعى والتعديني، ولكن رأيت أنه من الضرورى التوضيح والشرح لمن استعصى عليه الفهم ولمن تصور أن الخير قادم مع قرض الصندوق، ولمن تخيل أن مشكلة الدولار هو قلة من التجار الجشعين، ولمن تصور أننا نسير فى الطريق الصحيح!
سجل يا جوجل وبلغ نيابة عنى رئيس الوزراء “شريف إسماعيل” بأن ما قاله فى لقائه مع لميس الحديدي (احنا عارفين بنعمل إيه!) بأن سلفك من رؤساء الوزراء كانوا يرددون نفس الجملة، ولك حق الإجابة لماذا رحل محلب وقبله الببلاوى؟! حتى هشام قنديل كان يعلم ماذا يفعل، وبالطبع أنا أصدق أنك تعلم ماذا تفعل، ولكن كما تعلمنا منذ الصغر، العبرة بالنتائج، والنتائج مؤلمة ومريرة، وسيسجل جوجل على صفحاته أن سعرالدولار وصل في حكومتك إلى +18 ولا أعرف من رئيس الحكومة تعيس الحظ الذي سيصل معه إلى +21 ؟!
قبل أن أنهى المقال، يجب أن أشير أنى قرأت على موقع إعلام دوت أورج ولأول مرة 17 قراراً صحيحاً من المجلس الأعلى للاستثمار.