للذكريات المخبأة داخل حصالات مشاعرنا مفاتيح سحرية تسمى أغاني المناسبات .. مرحب شهر الصوم .. أهلاً بالعيد .. الدنيا ربيع .. وغيرها من الأعمال التي واظب التليفزيون على إذاعتها بكثافة في المناسبات الخاصة بها كل عام لدرجة جعلتنا نردد تعبيرات مثل (مبنحسش بالعيد غير لما نسمع اهلاً بالعيد) بل إن جملة (سعدنا بيها) التي كنا نظنها جميعا اسمًا لشخص يُدعى سعد نبيهه قد شاركنا ذكرياتنا بالأعياد كل عام حتى أصبح جزء منها .
السينما كان لها نصيبًا كبيرًا في حصالة ذكرياتنا فارتبطت لدينا مناسبات عديدة بأفلام شهيرة مثل (هجرة الرسول) و(الشيماء) في رأس السنة الهجرية. (الرصاصة لا تزال في جيبي) و (الطريق إلى أيلات) في احتفالات أكتوبر. (رد قلبي) و (القاهرة 30 ) في ذكرى ثورة يوليو.
كما نجحت الأفلام الأجنبية أيضًا في ربط ذكرياتنا مؤخرًا بعدة مناسبات بعد انتشار قنوات الأفلام الأجنبية وإذاعتها لأفلام معينة مرتبطة بتلك المناسبات مثل (وحدي في المنزل Home a lone 90)، و (،New Year’s Eve 2011) في شهر ديسمبر و (Valentine’s Day2010) في فبراير و (نوفمبر الحلو 2001 Sweet November) هذا الشهر ..
يدور الفيلم حول نيلسون موس ( الممثل كيانو ريفز Keanu Reeves) الذي يعيش حياة مادية تفتقر للعاطفة والمشاعر فهو يعمل في شركة إعلانات ويخطط لحملات زبائنها بأكثر الطرق رخصًا، وتجارية مما جعله واحدًا من أنجح خبراء الدعاية والإعلان وهو ما انعكس على شخصيته و حياته فهو مغرور، و واقعي، لا يبادل صديقته سوى الرغبة الجنسية التي يبدأ بها الفيلم ..
يلتقي موس عن طريق الصدفة بسارة ديفير ( الممثلة تشالز ثيرون Charlize Theron ) تلك المرأة المناقضة له تماما في كل شيء .. إذ تبدو متحررة جريئة وغريبة الأطوار ..
تصر على أن تستضيف موس في منزلها طوال شهر نوفمبر التي تعتبره توقيت مناسب جدا للتغير وكأنها تتشبث بتجديد الحياة قبل شهر السنة الأخير .. يرفض موس في البداية مطاردات سارة ويندهش من إصرارها على اقتحام حياته ومعالجته عاطفيًا على حد تعبيرها إلى أن يكتشف مفاجأة تقلب الأحداث رأساً على عقب بعد أن يقع في حبها ..
أعظم ما في الفيلم هو إنسانية شخصياته، و قوة دوافعها التي أضفت على تحركاتها الإقناع و السلاسة بالإضافة إلى نجاح الفيلم في إدارة شعور المشاهد من دهشته لتصرفات سارة الفجة والغير مسؤولة إلى قمة التعاطف معها وهو ما ساهم فيه أيضا في عذوبة المواقف بين البطلين، وجودة رسم تفاصيل شخصياتهما، ومناسبة التوقيت الذي كشفت فيه الأحداث عن مفاجأة البطلة.
نجح المخرج الأيرلندي Pat O’Connor في خلق إيقاع جذاب طوال الفيلم، ورسم كادرات جميلة ومعبرة عن لحظات العاطفة بين البطلين خاصة المشهد الذي تقرر فيه سارة أن تحتفظ بصورتها لدى موس وتختفي عنه وعنا ليواجه هو الحياة معصوب العينين في دلالة على افتقاده للرؤية السليمه في غياب العاطفة التي ترمز لها ساره في واحد من أجمل مشاهد الرومانسية وأكثرها عمقًا وعذوبة .
لعب الماكياج دورًا هامًا في إظهارحالة سارة كما عبرت الموسيقى بشكل جيد عن مشاعر الشخصيات
يختلف الفيلم عن خلطة هوليود المعروفة للأفلام الكوميدية الرومانسية الخفيفة المكونة من بطل وسيم، وبطلة جميلة لما يتميز بوقع إنساني أكثر عمقًا وألمًا ساهم في تأثيره نهايته الغير متوائمة مع رغبة المشاهد والتي جاءت متسقة مع طبيعة شخصية سارة و موس رغم تغييره بالفعل
وهو ما نلاحظه في مشهد اجتماعه في المطعم مع رجل الأعمال الذي يقدم له عرضًا ماديًا مغريًا لكنه يعامل النادلة بقسوة فيرفض موس العرض بالرغم من حاجته الشديدة إليه خاصة بعد فصله من العمل بسبب غروره في التعامل مع عملائه و مدرائه السابقين
(Sweet November) فيلم مليئ بالمشاعر والمفاجآت حرصت على عدم كشفها لعدم إفساد الإستمتاع به لمن لم يشاهده من القراء الأعزاء في دعوة للاستمتاع بأحداثه الباعثة للدفئ في كل الشهور