فاتن الوكيل
جميعنا يعرف فيلم “الوسادة الخالية” بطولة عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز وإخراج صلاح أبو سيف، الذي ناقش قضية “الحب الأول” وهل هو حب حقيقي أم مجرد “وهم أول”؟، لكن لا يعرف الكثير من المشاهدين أن هناك مسلسل يحمل نفس الاسم لرواية الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس، وربما سبب عدم معرفة المشاهد بالمسلسل هو أنه من إنتاج تلفزيون دبي، وليس اتحاد الإذاعة والتلفزيون وبالتالي لا يُعرض على الشاشات المصرية.
الفكرة السائدة من أن الفيلم دائما يتغلب على المسلسل في الجودة، قاعدة خاطئة، خاصة مع هذا المسلسل. في الحقيقة الفيلم انحصر في مناقشة سطحية إلى حد ما لفكرة الحب الأول، بينما أعطانا جرعة مركزة من رومانسية عبد الحليم ولبنى عبد العزيز، والكثير من الأغاني الجميلة، لكن كان للمسلسل رأيً آخر.
بمناسبة عرض المسلسل الآن على قناة “دبي زمان”، الساعة العاشرة مساءً ويُعاد في الواحدة ظهرًا اليوم التالي، فإن الكثير من الاختلافات الجوهرية نجدها بين الفيلم والمسلسل، وهو أمر طبيعي لأن المسلسل تيح فرصة أكبر لمناقشة زوايا أكبر من الرواية، بحكم حلقاته المتعددة، لكن بعد مشاهدة جزء كبير من المسلسل ستعرف أن صناع الفيلم أضاعوا فرصة لإنتاج فيلمًا أعمق عن مشكلة لا تبرد أبدًا مع مرور الوقت، خاصة في مجتمعنا الشرقي.
في الوقت الذي اعتمد فيه فيلم “الوسادة الخالية” على زاوية الحب الأول، اتسع تناول المسلسل لهذه القضية، ليعرض تناقضات المجتمع الشرقي. “صلاح” الذي جسده الفنان محمد العربي، في المسلسل، كانت له شقيقة “سعاد” التي مثلتها الفنانة سمية الألفي، ظهر من خلالها تناقض الرجل الشرقي، وكيف يقبل لنفسه ما يرفضه لأخته. فهو يُحب، لكنه يثور غضبا لمعرفة قصة حب شقيقته طرفًا فيها، ويبدأ بالتأكيد على أن جميع الشباب يتلاعبون بالفتيات، وأن الفتاة التي تُقابل حبيبها سرًا تُقلل من احترامها لنفسها، بالرغم من أنه يفعل لك، مع حبيبته “سميحة”، التي جسدتها الفنانة صفاء أبو السعود.
كان لأصدقاء “سميحة” و”صلاح” دور أكبر في المسلسل، ظهرت من خلالهم بعض المشكلات الاجتماعية التي أثرت في نفسية بطل المسلسل، فها هو صلاح يفقد الثقة في علاقة شقيقته بحبيبها، بسبب تلاعب صديقه بجميع الفتيات اللاتي عرفهن، بينما يتجدد الأمل في نفسه مرة أخرى بعدما أعلن كل من “ميرفت وخالد” خطبتهما، كما يمتد هذا الدور طوال حلقات المسلسل، عكس الفيلم الذي تنكمش فيه أدوار أصدقاء صلاح وسميحة مع مرور الأحداث.
صارحت سميحة زوحها الطبيب “فؤاد” بعلاقتها السابقه مع صلاح، بعد أن عرفت أنه طبيبه المعالج، ليدخل في صراع نفسي، بينما لم يعرف صلاح أن الطبيب الذي يعالجه من مرض القلب –وليس الزايدة مثل الفيلم- هو زوج سميحة، وبالتالي أعطى المسلسل لشخصية “فؤاد” مساحة أكبر، وهو عكس ما نجده في الفيلم، حيث تم إضافة هذا الصراع إلى شخصية صلاح، الذي يتقرب إلى زوج سميحة، ويحاول خلال هذه الفترة أن يُثبت نفسه وينجح حتى يُشعرها بالندم على عدم الزواج منه.
القضايا الأكبر التي ناقشها المسلسل تتلخص في عدد من الجمل والمواقف، التي لم نجدها في الفيلم، مثل رغبة سميحة في مصارحة أهلها بحبها لصلاح، فتواجهها صديقتها بحقيقة المجتمع قائلة: “هو فيه واحدة في الشرق كله تقدر تقول لأهلها الكلام ده؟”. وهنا جملة أخرى على لسان صلاح عندما هدد شقيقته سعاد بإبلاغ والديه عن العلاقة التي تجمعها بزميلها قائلا: “لو بابا وماما عرفوا إني بحب حاجة.. وإنك تعرفي واحد حاجة تانية خالص”، وهنا استخدم في الحديث عن نفسه كلمة “بحب” بينما لشقيقته “تعرفي واحد”.
حالة “القرف” من شخصية سميحة، التي كنت أشعر بها عند مشاهدة الفيلم، تلاشت بعض الشيء في المسلسل، مع وجود أبعاد أخرى للشخصية تم تجاهلها في الفيلم. خاصة عندما نجد في الفيلم كيف أن مشاعرها تتحول بسرعة الصاروخ، إلى الفرحة بالعريس الجديد، والفساتين الجديدة استعدادًا للزواج، ونبرة صوتها اللامبالية بعذاب الحبيب الآخر، بينما في المسلسل نجد شخصية أكثر إصرارها على الارتباط من صلاح، حتى آخر لحظة، لكن في العموام، الراواية اخترعت مشهد محاولة اغتصاب صلاح لسميحة، حتى تجد الفتاة الشرقية “المطيعة” سببًا في الهرب من مواجهة الأهل والرضاء بالعريس الجديد “اللي ما يتعايبش”.
حتى الآن لم تنته حلقات مسلسل “الوسادة الخالية” على قناة “دبي زمان” وهو المسلسل الذي أخرجه الراحل نور الدمرداش، فمازال هناك الكثير من التفاصيل التي لم نعرف هل ستتطابق أو تختلف مع الفيلم أم لا، لكن عن ثقة، فمن لم يُشاهد المسلسل، فإنه سيمنع نفسه من مشاهدة تفاصيل أعمق داخل الرواية، لم يشملها الفيلم.
يمكنكم متابعة قناة “دبي زمان” على التردد التالي