منذ أن أتيت إلى روسيا ويمكن أن أقول إنني أُسئل سؤالاً واحداً من أغلب لو لم يكن من كل أصدقائي في مصر، وهو “لماذا قررت أن أدرس في روسيا؟؟”، وبعض الأسئلة الأخرى مثل “هل نويت الدراسة هناك لأنها أرخص من مصر وتكاليفها أقل؟؟” و”لماذا روسيا بالتحديد؟!”.
دعوني أن أجيب عن تلك الأسئلة في مقالي هذا، وأرجو أن تكون تلك المرة الأخيرة التي أجاوب فيها على هذه النوعية من الأسئلة والتي مللت من سماعها طوال أو معظم الوقت، وصارت إجابتها معتادة ومحفوظة لدي دون جديد فيها!
أنا قررت أن أتي إلى روسيا عندما وجدت أن مجموعي في الثانوية العامة لم يمكنني من الالتحاق في كلية العمر “كلية إعلام” وخصوصاً أنه كان هناك جامعة معينة وبرغم أنها خاصة، كنت أتمنى أن ألتحق بها، ولكن وجدوا أن مجموعي لا يؤهلني لها نظراً لأنه كان أقل من الحد الذي وضعوه وهو 75.18%، ومجموعي وقتها كان 75.15%، نعم!، صدق ولا بد أن تصدق، لم ألتحق بكليتي التي أتمناها لـ 0.03%!، ولك أن تتخيل أن لو أحد الأجانب قرر الدراسة في إحدى الكليات الخاصة أو الحكومية، ستفتح أمامه جميع أبواب الكليات ودون أي قيد أو شرط!
ولذا دعونا نتفق أنه لو تم فتح الكليات أمام من يريد الدراسة في أي كلية يريدها وبأسعار الوافدين، سيدر علي الدولة أموالاً طائلة تذهب سنوياً لدول مثل “أوكرانيا ورومانيا وبيلاروسيا وروسيا وماليزيا” وخذ تلك المفاجأة الصادمة أو المفجعة عزيزي القارئ أن البعض يذهب لـ “السودان”.
ولك أن تتخيل أن طلبة من تلك الدول تأتي سنوياً إلى مصر لكي تدرس في جامعاتنا المصرية الحكومية نظراً لأنهم يثقون في جودة تعليمها ومناهجها!، لذا يمكنني أن أقول ولو بالعامية: “البيت بيت ابونا وعلشان مجموعنا يغربونا ويرحبوا بالغريب عادي مهما كان مجموعه!”، وهذا ما يجعلني دائماً أتساءل: “لماذا لا تفتح الدولة المصرية لأبنائها حق الدراسة ولو بنفس الرسوم التي تسددها للدول التي في الخارج التي يدرسون بها؟؟، هل دولتنا الحبيبة مصر لا تستحق أن تأخذ هي تلك الأموال وتجعلنا لا نتغرب عن أهالينا وأحبابنا وأن نتعلم بها؟”، ولا أكذب عليك عزيزي القارئ أن هناك الكثير من الأسئلة التي تحير عقلي حول هذا الموضوع المهم.
وأتمني أيضاً أن تفكر دولتنا العزيزة مصر في هذا الموضوع، كم من طالب تغرب عن أحضان أبوه وأمه وأحبابه جميعهم لكي يحقق حلمه بعيداً عن بلده.
مع العلم أن الدراسة ليست رخيصة كما يظن البعض أو يحسبها بل تقريباً نفس التكلفة والمصاريف، ولكن لو حسبتها بالغربة والبعد عن أحضان من تحبهم وعن بلدك وعن كل ما يخصك في بلدك، ستجد أنك في الغربة أو في تلك البلاد تدفع أكثر بكثير من ثمن الكلية أو الدراسة بها، وبالنهاية يظن البعض أنها أرخص من بلدك!، يا ليت في بلدي يأخذون نفس المصاريف ويجعلوني أدرس ما أدرسه هنا، لن أتردد دقيقة واحدة لأعود وألتحق بكلية الطب هناك، ولكن هذا سيكون في حالة واحدة وهي أنهم يرحبون بنا كما رحبت روسيا وجامعاتها بنا، ولم تنظر لنا نظرة (أنك فاشل) لمجموعك القليل.
وصدقوني، لو تم فتح قبول جميع الطلبة ولكن مع سداد التكاليف مثلما نفعل بالخارج، ستجد أن التعليم المصري سيتقدم نتيجة لما سيدخل له من أموال تذهب للخارج كل عام، ونظراً لأنه سيتم استخدام تلك الأموال في تقديم جودة تعليم أعلى وأفضل، وليس ذلك فحسب، بل أيضاً ستساعد الدولة علي ألا تحرم أم من أبنها ولا أن يحرم أبن من أمه.