(1)
اليوم أكمل يومي الرابع عشر الذي أحاول فيه كتابة مقال جديد، الساحة الإعلامية مليئة بالأحداث اللافتة للإنتباه، بحر من التناقضات يطل يوميًا على الشاشة، مقدمي برامج حوارية تحولت برامجهم إلى ما يشبه نظريات سائقي التاكسي عن الأوضاع الإقتصادية والسياسية.
دائمًا ما تلفت تلك البرامج إنتباهي ، أحاول أن اكتب ما يدور في رأسي، لكن للمرة الرابعة عشر لا تتجاوز كلماتي السطر الأول، كما لو كنت فقدت القدرة على إكمال جملة و التعبير عن أفكار تدور في رأسي وتبدو واضحة، لكنها تأبى التحول إلى كلمات مكتوبة.
بعد ساعات من التفكير وربط الأفكار المحبوسة داخل رأسي ببعضها، وجدت أنني لا أواجه أزمة في التعبير عن أفكاري، بقدر ما أواجه أشخاص يطلوا على الشاشة بلا أفكار.
(2)
يعود الجمهور إلى المدرجات بعد غياب سنوات، التنظيم هو الأفضل منذ سنوات، المدرجات تمتليء بالاف المشجعين، اما الحدث نفسه فهو نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الزمالك المصري و صن داونز الجنوب أفريقي.
تجربة جديدة للمشاهد في وجود محلل بجوار معلق المباراة يقوم بالحديث عن الجوانب التكتيكية، المحلل هو ميدو أحد رموز الزمالك ومدرب الفريق السابق.
تنتهي المباراة، يفوز الزمالك لكنه يخسر اللقب الأفريقي، وتنقلب مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية للحديث عن شيء واحد، الفتاة التي شبههوها بالراقصة صافينار.
حقًا؟ هل كان ذلك هو أبرز احداث المباراة؟
يبدو أن حالة غير مبررة من الجمود الفكري قد أصابت مقدمي البرامج الرياضية ومجموعة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل اللذين فقدوا القدرة على الحديث عن المباراة وجوانبها الفنية، ليتفرغوا لجوانب فنية أخرى تخص المشجعة التي إنتشرت في جميع استوديوهات القنوات الفضائية لعدة ايام أعقبت المباراة.
(3)
إعلان لشركة خدمات الإنترنت، لسبب ما لا أعلمه، قرر القائمون على الإعلان أن تكون فكرته هي المقارنة بين الإنترنت في مصر وأوروبا.
بدلًا من مقارنة منطقية، امتليء الإعلان بمجموعة من الشباب الموجهين كلامهم لشخص مجهول يُدعى حسين، فتكون مميزات الإنترنت في أوروبا جمل طفولية لا علاقة لها بالواقع كما أنها لا تصلح لوصف خدمة إنترنت
“نزلت فيلم في 5 ثواني”
تلك الجملة أشبه بحديث طفل في مدرسة ابتدائية عن اللعبة الخارقة التي أحضرها له والده من الخارج،وهي غالبًا لعبة من نسيج خيال الطفل ولا وجود لها.
“So Cool”
“WOW”
“Happiness يا حسين..Happiness”
هل تلك التعبيرات تصلح لوصف خدمة إنترنت؟ ماهي السعادة في سرعة الانترنت؟
السعادة الوحيدة لمستخدمي الإنترنت في مصر هي عند مشاهدة فيديو يوتيوب بجوده متوسطة دون إنقطاع، وهي الخدمة التي يفتقدها معظم مشتركي الشركة صاحبة الإعلان ، والتي أدرك القائمين عليها فشل الإعلان فقرروا إختصار نسخته المعروضة وتخلصوا من المصطلحات الإنجليزية.
الإعلان أعادني لنفس الفكرة، هل فقد منفذي الإعلانات القدرة على الوصول إلى فكرة تلائم الإعلان عن خدمات شركة إنترنت فخرجت ذلك الإعلان المستفز رديء المستوى؟
(4)
إنعدام الأفكار الجيدة والجديدة هي حالة قد تصيب أى شخص ، لكن اسوأ من تصيبهم تلك الحالة هم مقدمي البرامج الحوارية، أن يكون المذيع مضطر للحديث لساعات دون وجود فكرة في رأسه، ليقع المشاهد ضحية لشخص يقول أى شيء لمليء فراغ الوقت.
تأملوا مذيع حلقات التوك شو “المولعة” في مقدمة حلقاته وتلك الدقائق التي تمر عليه ببطء وهو يبحث عن أى جمل يكمل بها فراغ الوقت الذي يجب عليه قضاءه على الشاشة قبل الخروج إلى الفاصل الإعلاني، والعودة لبدء إشعال فتيل الشجار بين ضيوفه.
تابعوا مقدمة برنامج فترة الظهيرة وهي تتحدث إلى المخرج اثناء الحلقة لمحاولة إضاعة الوقت وإشغال المشاهدين بحديثها مع اللاشيء الذي لابراه المشاهدين، وهو حديث يتخلله فواصل من الضحك مجهول السبب.
العديد من مقدمي البرامج يخرجوا على الهواء بجملة محمد هنيدي طوال أحداث فيلم يوم مالوش لازمة،
“أرجوك زق معايا اليوم”، فتخرج بعض من تلك البرامج بدون لازمة وبدون أفكار وبدون مذيعين، مجرد أشخاص بلا أفكار يسعوا دائمًا لإعلان ارائهم في كافة القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية والرياضية والفنية.