نقلًا عن العربية.نت
فتح قرار البنك المركزي المصري، بتحرير سعر صرف الجنيه، تساؤلا حول مدى استفادة أو خسارة الاستثمارات الخليجية العاملة في مصر.
فحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار المصرية، يبلغ حجم الاستثمارات الخليجية نحو 12 مليار دولار، أكبرها تلك السعودية، بحجم يقارب 6 مليارات، وهي تتخذ أشكالا عدة، أبرزها أصول عقارية ومصرفية وصناعية، كما أن مصادر هذه الاستثمارية حكومية ومن القطاع الخاص.
وكانت هذه الأصول مقيمة بالجنيه بسعره الرسمي القديم قبل التعويم عند 8 جنيهات مقابل الدولار. أما اليوم، فقد انخفض الجنيه بنحو 48 في المئة، لكن هذا الانخفاض لا يمكن اعتباره خسارة فعلية لهذه الأصول، إذ إن الشركات لم تقم ببيعها.
الاستثمارات الصناعية
قال المحلل المالي عيد الشهري، إن “قراءة الأثر المالي على الشركات الخليجية المستثمرة في مصر بعد تعويم الجنيه أمس الأول، يفترض أن تأخذ بعين الاعتبار إذا كانت هذه الاستثمارات تنتج في مصر وتُصدر بالدولار، أم أنها تستورد بضائعها من الخارج وتبيع محلياً”.
وأوضح أنه إذا كانت لدى هذه الشركات مصانع مصرية، على سبيل المثال، فإن تكلفة إنتاجها انخفضت بعد تعويم الجنيه، وستستفيد بشكل أكبر إذا كانت تصدر للخارج بالدولار. أما إذا كانت الشركات تعمل في السوق المصرية، وتنتظر إيرادات منها، فإنها ستخسر من فارق العملة عند تحويل إيراداتها بالدولار إلى أسواقها الرئيسية.
أعطى مثالاً على البنوك الخليجية المستثمرة بمصر، التي ستفقد جزءاً كبيراً من إيراداتها عند تحويل العملة.
علَّق المحلل المالي أحمد القمر على ذلك، بقوله إن “قرارات المركزي المصري إيجابية للشركات الخليجية العاملة في مصر، حيث فتحت المجال لإمكانية استرجاع الأموال العالقة في البنوك المصرية”.
الاستثمارات المصرفية
وكانت البنوك الخليجية، ومنها الكويتية، تعاني عدم قدرتها على تحويل أرباحها في الفترة السابقة، نظرا لتشدد البنك المركزي المصري في هذا الملف، وأكدت مصادر داخل تلك البنوك أن مصادر مصرفية خليجية لديها بنوك تابعة في مصر.
رأت تلك المصادر، أن فتح الباب للتحويل الآن أصبح أفضل من السابق، لكن الأيام المقبلة وحدها كفيلة بتوضيح كيفية التعامل مع هذا الملف.
أضافت أن رأسمال البنك التابع في مصر أصبح أقل قيمة بالعملة المصرية، لكن هناك مصارف استطاعت أن تخلق تحوطا لأصولها التي أقرضتها بالجنيه، عن طريق الاستثمار بالدولار في الودائع الدولارية والسندات.
وأوضحت أن المشكلة تكمن في الاستثمارات المصرفية التي لم تتحوط من انخفاض الجنيه، حيث سيكون هناك تأثير سلبي مباشر على أرباحها الخارجية المحولة.
الاستثمارات العقارية
وكان التذبذب في العملة المصرية ووجود سوق سوداء لصرف العملة بسعر وصل الأسبوع الماضي إلى ضعف ما كان عليه في السوق الرسمية، دفعا ببعض المستثمرين إلى التحوط وشراء العقارات المصرية، وهو ما أفاد الشركات الخليجية التي بنت مشاريع عقارية في مصر وباعتها إلى المستثمرين، لكن ما هو الوضع الآن خصوصا أن الأصول أصبحت قيمتها أقل من السابق؟
قال سميع الدين صدّيقي، الرئيس التنفيذي لشركة الوطنية العقارية، وهي واحدة من كبرى الشركات الكويتية المستثمرة في المشاريع العقارية المصرية، إن الشركات الحصيفة عادة تستثمر في مصر، مقابل أن تحصل على قروض بالعملة المحلية أيضا، لذا فإن انخفاض الجنيه سيكون له تأثير سلبي على تقييم الأصول، لكنه سيكون إيجابيا من ناحية قيمة القروض التي ستنخفض أيضاً، وهو ما يحدث توازنا إلى حد ما.
لكنه أوضح أن المشكلة ستكمن في تحويل الأرباح إلى الدولة الأم، حيث إن التحويل سيفقد الأرباح بعضاً من قيمتها.
وأضاف صديقي أن قرار “المركزي” جيد للمستثمرين الأجانب بشكل عام، لأنه، أولا، سيدفع إلى تدفق الاستثمارات، لأن الجنيه أصبح أقل قيمة، وبالتالي فإن بدء الأعمال أصبح أقل تكلفة.
كما أن الأمر الثاني المهم، هو قطع الشك باليقين، فالفترة الماضية كان هناك عدم وضوح، وعندما تكون الصورة ضبابية، فإن المستثمرين لا يمكنهم اتخاذ قرار، أما الآن، فالوضع اختلف ما سيساعد الناس على اتخاذ قرارهم.
لكنه رأى أن هناك جانبا سلبيا في القرار بالنسبة للقطاع العقاري تحديدا، ففي السابق كان المستثمرون والناس عموما يشترون العقارات كأصل تحوطي، مقابل تذبذب العملة، وهو أمر لن يكون موجودا مع تعويم العملة بنفس الصورة.
الاستثمارات السياحية
وبالإضافة إلى القطاعات الصناعية والمصرفية والعقارية المذكورة أعلاه، فإن الاستثمارات الخليجية في مصر تتركز أيضاً في القطاع السياحي الذي يأتي في المركز الثالث من حيث الحجم.
فعلى سبيل المثال، تتوزع الاستثمارات السعودية بين صناعية بملياري دولار، وإنشائية بمليار دولار، ومثلها للسياحة، ويأتي القطاع التمويلي بالمرتبة الرابعة بـ700 مليون دولار والمتبقي لقطاعات أخرى.
وفي القطاع السياحي، يقول مدير عام شركة “مباشر” الدولية للسياحة والسفر أحمد الحمزاوي إن “السياحة ستكون بين أكبر المستفيدين في ظل تعويم الجنيه، لأن تكلفة السياحة بالعملة المصرية أصبحت أقل من السابق أمام السائح الأجنبي، إضافة إلى أن الاستثمارات السياحية أصبحت أقل لأن العمالة باتت أرخص، وهناك يقين لدى أصحاب الفنادق على سبيل المثال في كيفية تحديد سعر الغرف والخدمات”