بولا وجيه يكتب: عن محمود عبد العزيز مع حفظ الألقاب

وقف الموت منذ ساعات ولم يستحي وهو يقرر أن يأخذ نجماً أخراً ويعتبر من أخر الفنانين المحترمين في وقتنا الحالي ليقف لنا دون أن يستحي وهو يأخذ روحه قائلاً “حد له شوق في حاجة؟؟”.

فمحمود عبد العزيز هو الـ (الساحر-القبطان-الحشاش-المطرب الشعبي-المنجد-الساحر-الجاسوس-عميل المخابرات-المدرس-القاتل-العجلاتي-الموظف-المعتوه-الكفيف-تاجر المخدرات-تاجر السلاح-وأدوار ثانية كثيرة ليس لها حصر).

الراحل -ولا أعلم كيف أقولها عليه-محمود عبد العزيز يعد من أقوى الممثلين في الأربعين سنة الأخيرة، فلا شك أنه له دور علق في ذهنك أو جملة علقت في ذهنك وصرت ترددها دون أن تنتبه لأنك تقولها، وهذا لو يدل، فهو يدل على موهبته العظيمة والتي ميزه الله -عز وجل-بها، فهو صاحب أسلوب مميز نادراً عندما تجده في فنان أخر.

فهو فنان أقنع كثيرين بأنه متعاطي للمخدرات، وخصوصاً بعد إطلاق تلك الشائعات عليه بعد تقديمه لفيلمي “الكيف” و”جري الوحوش”، وهذا لو دل فيدل على أنه بالفعل يستطيع أن يتقمص الشخصية لدرجة تجعل المشاهد لا يستطيع التفرقة بين الشخصية وبين الممثل المؤدي للشخصية.

محمود عبد العزيز -مع حفظ الألقاب-كان يختار الأدوار بعناية فائقة، وهذا ما كان يجعله دائماً يتميز ويتفوق في تقديم الشخصية، فهو كان يختار الأدوار التي بينه وبينها كيمياء تجعل المشاهد كثيراً من الأحيان يظن أن تلك هي شخصية محمود عبد العزيز في الحقيقة.

ويعد من الفنانين القلائل الذين حفروا أسمائهم في أذهان المشاهدين على مدار الأربعين سنة الماضية بتقديم الأدوار الثقيلة في التقديم والخفيفة على قلب المشاهدين، بالطبع لا أستطيع ان أتحدث عن إبداعه مثل من عاصروا إبداعه في الثمانيات والتسعينات، فأنا مواليد أخر التسعينات، فلا أستطيع أن أعبر عن كيف كان هو من الفنانين القلائل الذين ينتظر الجمهور أعمالهم بفارغ الصبر.

ولكن لو تحدثت أنا عن نفسي وعن حبي لأعماله، فيكفي أن أقول منذ أن تابعت مسلسل “محمود المصري” في سن الخامسة تقريباً وأنا من عشاق هذا الرجل ومن الناس التي تنتظر مسلسلاته كل عام، ولم أكن أعلم أن رمضان 2016 كان أخر رمضان يحل علينا فيه لنتابع مسلسله بشغف كالعادة.

سواء “أبو هيبة في جبل الحلال” أو “راس الغول” فهم كانوا المسلسلين اللذان كنت أتابعهم بشغف وأحرص ألا أتأخر في مشاهدة الحلقة في ميعادها، وخصوصاً أن راس الغول كانت تقدم أيام امتحانات الثانوية العامة، ولكن لم تكن تمنعني الامتحانات من مشاهدة المسلسل.

وبالطبع هو كان يجعل الكثيرين لا يضعون حلقة واحدة من مسلسلاته أو فيلم من أفلامه تفوتهم نظراً لأنه كان ينتقل بالمشاهد لعالم ثاني، عالم ليس به سوى الإبداع والجنون بالفن.

فمن منا لم تعلق في ذهنه مقولات له!، بالطبع لا يوجد شخصاً لم تعلق بمخه مقولة: “الإنسان دعييف” أو “حد له شوق في حاجة؟؟” أو “الملاحة الملاحة” وجمل ثانية كثيرة علقت بأذهاننا.

ولكن لم نعد نملك سوى أن عندما نتذكر مقولاته ندعي الله عز وجل أن يرحمه ويغفر له ويجعل مثواه الجنة.