منذ عدة ساعات قرأت خبرًا عن تكوين الجيش البريطاني ما يعرف بـ”اللواء 77″ لمحاربة الإرهاب إلكترونيًا، والقيام بما أسموه “العمليات غير المميتة عبر مواقع التواصل الاجتماعي”، وبعدها بدقائق بث “داعش” فيديو إحراق الطيار الأردني “الكساسبة” حيًا، لتروج بعدها الأردن أنباء إعدام انتحارية وآخرين من الإرهابيين كردّ على إعدام الطيار الأسير، بما يثبت أن أحد أهم أذرع الحروب الدائرة في ذلك التوقيت ومنها حرب داعش كمنظمة إرهابية والدول المضارة من التنظيم هي الذراع الإعلامية والتكنولوجية.
للأسف الشديد فإن قادة هذا التنظيم يعون جيدًا أهمية الإعلام والتكنولوجيا في خلق تلك الهالة المرعبة التي صنعوها حول أنفسهم، ويتفننون في تسخير إمكانياتهم في هذا المجال لتصدير الرعب في نفوس البشرية، فهم يستعينون بمصورين ومخرجين محترفين وكاميرات عالية الدقة وينجحون في ترويج أخبارهم وفيديوهاتهم وصورهم على مستوى عالمي، لدرجة دفعت الصحف العالمية لإفراد صفحات للحديث عن إمكانيات داعش المهولة في الإعلام وإنتاج الأفلام واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وكان من بينها تقرير لمراسل الجارديان في العراق، منتصف العام الماضي، والذي تسائل فيه: “من يقف وراء إعلام داعش الهوليودي؟”.
وسط هذا التطور الملحوظ لتنظيم يدعي تطبيق تعاليم الإسلام لتبرير جرائمه الشنعاء، بل وإصدارهم مجلة أسموها “دابق”، تجد في المقابل مؤسسة الأزهر الشريف، المنوط بها أمام المجتمع الإسلامي والعالم بأكمله مواجهة تلك الأفكار المتطرفة، تقف عاجزة عن الرد، ولا تملك من الإمكانات ولا الأفكار لترويج العبارات المعتادة بأن الإسلام لا يبيح القتل والتعذيب وخلافه، وأن من يفعل ذلك ليس من الإسلام في شيء وغيرها من تلك العبارات التي نقرأها ونسمعها على استحياء يوميًا، وكأن شيئا لم يكن.
حاولت الدخول على موقع “الأزهر الشريف”، وهو بالمناسبة موقع متواضع الإمكانيات، فوجدت بيانًا لمجلس حكماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور الطيب شيخ الأزهر، قرأت البيان، فوجدته لم يتعد سوى الإدانة والتبرؤ من داعش وتعزية ملك الأردن والأردنيين، إضافة لإعلان عن مؤتمر مواجهة التطرف والإرهاب الذي انعقد أصلًا في ديسمبر الماضي، أضف إلى ذلك غياب التواصل الاجتماعي بين المؤسسة والأشخاص على المواقع المشهورة مثل فيسبوك وتويتر، وعدم توجيه رسائل كافية بلغات أخرى للعالم، ما يعني أن هناك فارقًا في الأداء بين داعش والأزهر.
العالم بأسره مذعور من هذا التنظيم بسبب آلته الإعلامية الناجحة، بينما معظم البشر ومن بينهم بعض المسلمين، لا زالوا يلصقون أفعال داعش بالإسلام، وفي الوقت نفسه فإن الآلات العسكرية تتحد وتتحرك لمحاربة التنظيم، في حين أن الآلة الإعلامية لاتزال تجهل طريقة مواجهة أفكار متطرفة يسهل تداولها على نطاق واسع، وهو ما يستدعي تكريس المزيد من الجهد من الأزهر الشريف وكافة المؤسسات المعنية بالدفاع عن الإسلام لتوجيه فوهات بنادق إعلامية حديثة الصنع تجاه رؤوس البشرية التي باتت تُصدّق أن الإسلام هو من يقتل ويحرق ويدمر.
اقرأ أيضًا:
طارق عباس: علاقة سما المصري بـ”الأدمن الحيحان”! (+18)
طارق عباس: معتز “إوعوا تروحوا في أي حتة”.. راح هُوّ!