صدر حديثًا كتاب بعنوان “صناع البهجة” للكاتب الصحفي “محمد توفيق” عن دار “أجيال” للنشر. الكتاب يرصد كبار صناع البهجة للشعب المصري في عالم الصحافة والأدب والفن والرياضة.
ويضم الكتاب نحو 50 شخصية ساهمت في صناعة بهجة الشارع المصري طوال العقود الماضية، مع اختلاف شهرتهم وتأثيرهم وحجم إنجازاتهم.
إعلام دوت أورج ينشر فصل “إثارة البهجة” عن الفنانة هند رستم من كتاب “صناع البهجة”
تملك قوامًا لا يقاوَم، وضحكة تُذهب العقل، ونظرة تسكن القلب، وطلّة تمنح الدفء، وجاذبة بصورة تجعلها تنافس الجاذبية الأرضية، كأنها خُلقت كمنيكان غادر الفاترينة ليتجول بين الناس.
إنها «هند رستم» الملكة التي تأسر دون حرب، وتقتل دون دم، وتنتصر حين تقرر، وتنهزم وقتما تريد، وتختال في مشيتها كأنها تسير على أطراف أصابعها، وتبكى في تعالٍ، وتغترّ لكن لا تملك كراهيتها، وتصوِّب سهامها ولا تخطئ الهدف أبدًا، ذكاؤها تلمحه في عينيها، فقد لا تكون الأجمل لكنها الأكثر فتنة بل هي الفتنة ذاتها.
لكن رغم كل ذلك تحمل إخلاصًا وصدقًا يكفي بلدًا، ويفيض على البلدان المجاورة، فحين أحبَّت وهبت نفسها لمن اختارته، وتركت من أجله الدنيا وما فيها ومن فيها؛ المجد والشهرة والنجومية والأضواء والتصفيق والمعجبين، وذهبت مع زوجها، ولم تعد.
وحين سُئلت في سنوات عمرها الأخيرة، وبعد رحيل زوجها عما تفعله في يومها قالت: أنظر إلى صورة زوجي في كل صباح وأتحدث معه بالساعات وأقص عليه ما يجري وأشكو إليه وأبكي أمامه وأشعر أنه يحتضنني بين ذراعيه، فلا يوجد من هو أحب إلى منه، حتى أحفادي!
هي «هند حسين مراد رستم»، وُلدت في نوفمبر من عام 1929 في حي محرم بك بمحافظة الإسكندرية ودرست بمدرسة «سان فانسان دي بول»، وانفصل والدها عن والدتها وهي لا تزال طفلة، وحين انتقلت إلى القاهرة عام 1946، ذهبت إلى مكتب شركة الأفلام المتحدة، وشاركت بدور صغير مع يحيى شاهين في فيلم «أزهار وأشواك»، وبعدها اشتركت في عدة أدوار صغيرة.
«هند» هي الإثارة حين تكون مبهجة والبهجة عندما تصبح مثيرة! فحين رقصت في قطار الصعيد على صوت فريد الأطرش كانت أفضل دعاية لهيئة السكة الحديد وربما أغلب من يصعد إلى القطار إلى الآن يتذكرها ويتمنى لو رآها وينتظر قدومها وجلوسها بجانبه وربما التمس البعض العذر لـ«قناوي» في «باب الحديد» لأنه جُنَّ جنونه حين رآها عن قرب!
ما يميز «هند» أنها قادرة على انتزاع البهجة بداخلك، فطلتها تمنحك فيضًا من الطاقة الإيجابية والحيوية، فرغم شهرتها الواسعة كملكة متوجة على عرش الإغراء، فإن هذا لم يغرها فلعبت أدوارًا متنوعة بين الأم والحبيبة والزاهدة والغانية والصارمة وخفيفة الظل، وعملت مع عدد كبير من كبار النجوم والمخرجين، ورغم أنها لعبت بطولة فيلم «امرأة على الهامش» لكن لم يجرؤ أحد على تهميشها أبدًا.