تشعر الأسر المصرية على اختلاف مستوياتها الاجتماعية، يوميا، بزيادة الأسعار المتسارعة، فمن أي طريق تسلكه تتسلل إليها.
تجدها في أي متجر تشتري منه أي سلعة مرتبطة بسعر الدولار أو خاضعة لضريبة القيمة المضافة، وتشعر بمرارتها وأنت تدفع ثمن السلعة للبائع، أو فاتورة الكهرباء أو حتى كارت شحن المحمول.
وتتوقع بنوك الاستثمار حدوث موجة تضخمية كبيرة خلال الفترة المقبلة، لتُضَم إلى الزيادة الكبيرة التي شهدتها الأسعار بالفعل مؤخرا.
ويقدم اقتصاديون نصائح تمكن الأسر المصرية، صاحبة الدخل الثابت، من اتقاء شر الغلاء قليلا خلال الفترة القادمة، ومحاولة الخروج بدون خسارة كبيرة من آثار الإجراءات التي تتخذها الحكومة، في إطار برنامجها “لإصلاح الاقتصاد”.
قسم مصروفاتك
ينصح المحلل الاقتصادي والمدير التنفيذي لمجموعة مالتيبلز للاستثمار، عمر الشنيطي، الأسر المصرية بتقسيم مصروفاتها إلى 3 أقسام حتى تستطيع السيطرة على ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة.
ويقول “القسم الأول للمصروفات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها أو تقليلها، مثل مصروفات المدارس والأدوية والسكن، وكلها أشياء لا يمكن تغييرها بأي شكل لأنها التزامات مسبقة”.
أما القسم الثاني فللمصروفات التي يمكن التغيير فيها، “مثل الأكل والشرب والملبس”، حيث تستطيع الأسرة تغيير أنواع الطعام والشراب والملابس التي كانت تستخدمها من قبل، في محاولة لتقليل مصروفاتها، كما يقول الشنيطي.
ويضيف “يعني مش لازم نشتري الأكل من أماكن محددة، لو في أماكن تانية أرخص، أو أنواع أقل في السعر. وكذلك اللبس مش لازم ماركات، وممكن نكتفي بالموجود عندنا من قبل كده”.
ويوضح الشنيطي أن هذا الكلام ينطبق في الأساس على الطبقة المتوسطة التي لديها بالفعل خيارات متعددة.
أما القسم الأخير، فيخص المصروفات غير الضرورية والتي يمكن الاستغناء عنها، كما يقول المحلل الاقتصادي، فهناك مصروفات “نستيطع الاستغناء عنها تماما دون أن نشعر بأي مشكلة، مثل الخروجات والمصايف والترفيه”.
ويعتبر الشنيطي أن التحكم في الإنفاق هو الأهم بالنسبة للأسر المصرية حاليا، “وهذا إجراء لابد أن يحدث سريعا، ويكون بمشاركة واتفاق جميع أفراد الأسرة”.
اتبع نمطا استهلاكيا جديدا
اعتاد الكثير من الأسر على شراء خزين من السلع يكفيها لفترة طويلة، ويزداد هذا النمط بشدة مع وجود أزمة نقص في توافر بعض السلع، أو توقع لارتفاع أسعارها.
لكن هبة الليثي، أستاذ الإحصاء في جامعة القاهرة، تنصح الأسر المصرية باتباع نمط استهلاكي جديد، موضحة أن الأسر المتوسطة عليها، شراء ما يلزمها من السلع فقط، ليس بدافع التخزين لأن “التهافت على الشراء يرفع الأسعار أيضا”.
وعلى العكس من ذلك فقد “حدث يوما أن ارتفعت أسعار البن بشكل كبير في بريطانيا، فأقدم البريطانيون على مقاطعتها بشكل فردي بدون أي ترتيب ونجحت حملتهم في تخفيض الأسعار”، بحسب ما تؤكده أستاذة الإحصاء لأصوات مصرية.
وتضيف هبة الليثي أن الطعام والشراب احتياج أساسي لكل الأسر، لكن هناك أصناف يمكن الاستغناء عنها تماما مع ارتفاع أسعارها، وأخرى يمكن البحث عنها في أماكن أخرى بأسعار أقل.
ارفع دخلك
بعد تقليل المصروفات وتغيير أنماط الاستهلاك تأتي خطوة زيادة دخل الأسرة الثابت.
ويقول الشنيطي إن “زيادة الأسعار، تحتاج إلى زيادة في الدخل وهذا لن يحدث إلا من خلال عمل إضافي لأي من أفراد الأسرة”، بحسب الشنيطي.
“رب الأسرة الذي يعمل في وظيفة بدخل ثابت عليه أن يبحث عن عمل إضافي، والسيدة التي لا تعمل عليها أن تبحث عن عمل، حتى ولو كان من داخل المنزل، المهم أن يزيد دخل الأسرة”، كما يقول الشنيطي، موضحا أن هذا قد يكون متاحا للبعض في النهاية بينما غير متاح لآخرين.
وتؤكد هبة الليثي أيضا أن العمل الإضافي هو الحل، رغم أن خروج الموظف لعمل إضافي قد يؤثر على عمله الأساسي، لكنه أمر ضروري.
استثمر مدخراتك
الخطوة الأخيرة التي ينصح الشنيطي الأسر باتخاذها هي استثمار مدخراتها الموجودة في البنوك من خلال إقامة مشروعات صغيرة.
ويقول عمر الشنيطي “بعض الأسر لديها مدخرات في البنوك، وقيمة هذه المدخرات تقل كلما انخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، لذلك على هذه الأسر استثمار المدخرات في أشياء تدر عائد”.
يقترح الشنيطي على هذه الأسر أن تقدم على إقامة مشروع صغير، يجلب لها دخلا إضافيا يساهم في مواجهة زيادة الأسعار، بدلا من وضعها في البنك في ظل التراجع الشديد لقيمة الجنيه”.
“البعض ينظر لفكرة إقامة مشروع صغير بجانب الوظيفة على أنها صعبة، أو شبه مستحيلة، لكن هناك مئات التجارب الناجحة، وقد يكون من المفيد الشراكة مع أصدقاء أو أقارب لبدء مشروع صغير”، وفقا للشنيطي.