قد لا تتخيل وأنت ذاهب لمشاهدة الفيلم انك ستشاهد جميع الأبطال الرئيسيين معاقين وعلى كراسي متحركة ويصل الأمر إلي أنك ستنسى إعاقتهم مع مشاهد الأكشن التي ينفذونها باقناع تام للمشاهد صنعها باتقان عبر أحداث مسلية وغير مملة المخرج المجري “اتيلا” والذي حاز على جائزة الإخراج عن هذا الفيلم من مهرجان شيكاجو هذا العام، ووضح المجهود الذي بذله خاصة وأن الأبطال بعضهم يمثل لأول مرة! ولكن أداءهم جاء جيدا، الفيلم يمثل المجر في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة.
البداية القوية للفيلم عندما يفاجىء المخرج “أتيلا” وهو مؤلفه أيضا الجمهور بأحد الأبطال ينفذ عملية قتل “بشعة” وهو على مقعد متحرك بقتله لعدد من رجال المافيا بإطلاقه النار عليهم بمهارة فائقة وربما قصد المخرج من هذه البداية القوية إقناع المشاهد بأن هذا البطل المقعد مثل أي بطل سينمائي أخر ولن تمنعه إعاقته عن تنفيذ عمليات صعبة “قادمة” مستغلا “إستهتار” رجال العصابات به عندما يذهب اليهم بحيلة “الوسيط” مع كل عملية ينفذها!
من خلال الكوميديا السوداء يحاول كاتب الفيلم الغوص في أغوار النفس البشرية للمعاقين وكشف حجم معاناتهم مع المجتمع حولهم وحاجتهم “للمال” وصعوبة حصولهم عليه بطرق عمل شريفة وهو ما يستغله رجل المافيا الذي يوظفهم بذكاء لتنفيذ عملياته الإجرامية، وقبل أن تفقد تعاطفك مع هؤلاء المعاقين يتخلل الفيلم مشاهد أخرى تجعلك تتعاطف معهم خاصة حوارهم داخل مصحة العلاج الطبيعي !الفيلم يحمل الكثير من المشاعر المتناقضة حول هؤلاء الأبطال الذين يعملون قتلة محترفين ينفذون جرائمهم بحرفية ومهارة وخداع مذهل للمشاهد يجعلك كثيرا تشعر “بالكراهية” ضدهم!
الصداقة تنتصر !
“ادخر الفلوس من أجل جسد جديد كل شيء ممكن بالمال “هكذا يقول البطل في جملة حوارية مع رجل المافيا عقب تقاضيه ثمن “عملية” جديدة قام بها، وينتظر أن يعود شخصا طبيعيا بعد جمعه مبلغا معينا من المال ليتزوج من الفتاة التي يحبها!على النقيض نجد أحدهم مقتنع بأنه يجب عليه أن يضع مزيل العرق طوال الوقت لأن ذلك مصدر جذب للفتيات ، هكذا من خلال عدد من المشاهد أراد المخرج كشف جانب إنساني أخر لهؤلاء القتلة المحترفين!
ويأخذ الفيلم بعدا انسانيا “عقدة الفيلم” حينما يطلب “رجل المافيا ” من البطل قتل صديقيه بعدما أكتشف أنهما يعرفان طبيعة المهام السرية التي ينفذها رجله ولا يأتمن أن يخرج السر إلي صديقيه وبالفعل يحاول ان يقتلهما بالقاءهما في النهر ولكن يتراجع وينقذهما في اللحظات الأخيرة بعد ان تغلبت مشاعر الصداقة لديه على مشاعر الاجرام! وينتهي الفيلم بنهاية مأساوية بعد مواجهتهم مع رجل المافيا.
أحد أبطال الفيلم “زولتان فينيفستي” والذي رافق الفيلم لمهرجان القاهرة أعترف أن السيناريو تم تعديله أكثر من مرة وأنه يشابه حياته في الحقيقة وأن معظم صناع الفيلم من المعاقين.