نقلاً عن “المصري اليوم”
السؤال الذى يتردد وسنستمع إلى إجابته مساء اليوم يعلنها رئيس لجنة التحكيم، المخرج الألمانى كريستيان بيتزولد، هل تفوز السينما المصرية بجائزة؟ لا نصيب لنا فى الجوائز، إلا إذا، الأفضل لايزال (قطار الملح والسكر)، إنتاج موزمبيق والبرتغال، إخراج ليسينو أزيفيدو، و(شخص ما للتحدث إليه) الصين، إخراج يولين ليو، و(الفتى القطبى) استونيا، إخراج أنو أون، و(ميموزا) إنتاج المغرب وإسبانيا وقطر وفرنسا، إخراج أوليفر لاكس، أتصور أن الأمل الوحيد للسينما المصرية هو جائزة التمثيل نساء لناهد السباعى أو إلهام شاهين، فى (يوم للستات) كاملة أبوذكرى، الأفلام الأجنبية الأخرى لديها تفوق واضح فى عناصر الإخراج والسيناريو والمونتاج والتصوير، وحتى فى التمثيل، لاشك أن بطلات الأفلام الأربعة ينافسن بقوة، ولهذا فإن الجائزة مرهونة بـ(إلا إذا).
قاعدة البلد المضيف وحصوله على جائزة من المهرجان لا أظنها صالحة للتطبيق هذه المرة، نعم فى بعض المهرجانات يحدث نوع من المواءمات، وقد تُطل السياسة برأسها لتمنح الجائزة بُعدا آخر، ولكن يقينى أن المهرجان لا يمارس أى ضغوط أدبية على أعضاء لجنة التحكيم، والأمر فى النهاية رهن رؤيتهم وقناعاتهم.
كالعادة يتردد السؤال عن سر أزمة الفيلم المصرى فى المهرجان، ولماذا تفضل أفلامنا المهرجانات الأخرى، خاصة العربية؟ بداية الفيلم المصرى فى أى مهرجان عربى أو أجنبى يمثل مصر، لو حصل على جائزة تحسب لرصيدنا، ويجب ألا نستمع إلى مزايدات تضع الوطن فى تلك الحسبة، ليصبح العرض فى مهرجان البلد يساوى الوطنية، مزايدة لا محل لها من الإعراب الوطنى.
من حق المهرجانات فى العالم أن تسعى للحصول على الأفضل، ومن حق صُناع الأفلام اختيار المهرجان الذى يحقق لفيلمهم احتمالات أكبر للفوز ماديا أو أدبيا. المؤكد أن عددا من الأفلام المصرية فى السنوات العشر الأخيرة فضّل المشاركة فى (دبى)، وأيضا (أبوظبى) قبل أن يتوقف قبل عامين، مثلا إلهام شاهين اشتركت بفيلم (خلطة فوزية) 2008 من إنتاجها وإخراج مجدى أحمد على، فى (أبو ظبى)، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة، وكان مهرجان القاهرة يسعى للحصول على الفيلم، ولكنها رأت، والمخرج أيضا، أن فرصتها أكبر فى (أبوظبى)، هذه المرة فيلمها (يوم للستات) اختار (القاهرة)، لأنه منحها ميزة العرض فى الافتتاح، كلها حقوق مستحقة لكل من يرى الأفضل لعمله الفنى، مثلا العام الماضى فيلم (نوارة) لهالة خليل كان مطلوبا لمهرجان القاهرة، وإدارة المهرجان تريد عرضه فى الافتتاح، ولكن المخرجة فضلت (دبى) وحصلت منة شلبى على جائزة أفضل ممثلة، كما أن المخرج محمد خان بفيلمه (قبل زحمة الصيف) كان مرشحا بقوة لـ(القاهرة)، ولكنه اختار (دبى). فى العادة تعودنا الحجة المعلنة هى أن النسخة النهائية لن تلحق، وأن الفيلم لايزال أمامه بضعة أيام ولن يلحق (القاهرة) ولهذا يعرض فى (دبى)، كثيرا ما يتحججون بالزمن وضيق الوقت، وذلك دفعا للاتهام الذى يضع دائما الوطن فى المقدمة، بينما الأمر كان وسيظل رهنا بالمصلحة.
فيلم (أخضر يابس) الذى يُعرض داخل المسابقة الرسمية لمهرجان (دبى) هذه الدورة، مثلا كان مرشحا للعرض بـ(القاهرة)، وقلت لمخرجه الشاب محمد حماد إن من حقه أن يختار، الفيلم ساهمت فى إنتاجه مؤسسة (إنجاز) فى دبى، ويصبح من حقها أن يعرض الفيلم فى دبى أولا، مهرجان القاهرة كان حريصا أيضا على عرض (مولانا) لمجدى أحمد على، من البديهى أن يسعى إليه المهرجان وهو فى النهاية اختار (دبى).
الحل أن تبحث إدارة المهرجان قبل بدايته بفترة زمنية طويلة عن كل التجارب المتاحة مثلا (لم نكن أبدا أطفالا) الفيلم التسجيلى الطويل لمحمود سليمان، والحائز فى العام الماضى على جائزتى المُهر الذهبى أفضل فيلم وأفضل إخراج فى (دبى)، أساسا لم يكتشفه مهرجان القاهرة إلا وهو معروض فى دبى، وربما لو كانت إدارة المهرجان تنبهت إليه مبكرا لوجدناه من نصيب القاهرة، اللائحة تُبيح عرض الأفلام التسجيلية الطويلة.
اقترحت أكثر من مرة فى لجنة المهرجانات التابعة لوزارة الثقافة أن علينا السعى لرصد كل الإمكانيات لتقديم مهرجان سينمائى عربى يليق بمصر بدلا من تبديد الطاقة فى عدد من المهرجانات تحمل الصفة العربية ولكنها لا تشكل عامل جذب للفيلم العربى ولا حتى المصرى، ولكننا وكالعادة بددنا أموالنا القليلة فى عدد من المهرجانات التى تزعم أنها عربية، لانزال نلعب بطريقة العدد فى الليمون، ولهذا تتعدد الأصوات التى تطالب بزيادة المهرجانات العربية، بدون أن نُفكر ما هى الجدوى.
المهرجانات المصرية، والتى تتعامل فى القسط الوافر من فعالياتها بالدولار، هبطت القيمة الفعلية للميزانيات للنصف وهى أساسا ضئيلة، ولا أتصور سوى أن إعادة النظر فى ميزانيات المهرجانات وتوجيه دعم الدولة للأفضل هو الحل الوحيد، لا ننتظر أن تزيد الدولة الدعم، ولكن فقط علينا أن نفكر فى أسلوب آخر لتوجيه أموالنا القليلة إلى مهرجان عربى واحد، قيمة الدعم التى تتناقص لا يمكن أن نواجهها بالصمت الرهيب الذى أراه الآن مسيطرا على المشهد العام.
جائزة الهرم الذهبى، والتى يرصدها المهرجان، أدبية بحكم القانون الدولى الذى يتبعه المهرجان، ولكن فى قسم (آفاق)، والمخصص للسينما العربية، والذى يعانى من تناقص عدد الأفلام المشاركة مصريا وعربيا، وسيعانى أكثر فى القادم من السنوات، من الممكن رصد قيمة مادية للجوائز ستلعب دورا فى زيادة مساحة الجذب، حيث يتاح فى هذه الحالة للفيلم العربى المشارك رسميا فرصة أخرى لجائزة مادية فى (آفاق) لاشك ستلعب دورا فى زيادة الشغف بالعرض فى القاهرة.
لا أحد يواجه بحلول عملية، ويبقى أن نذكر أن المهرجان الذى صار تابعا للدولة لديه معوقات عديدة مع الدولة، وإليكم هذه المعلومة.. وزارة السياحة حتى الآن لم تسدد قيمة 2 مليون جنيه، والتى توجه لإقامة الضيوف فى الفنادق، والديَّانة يطاردون المهرجان، هذه فقط واحدة.. وإلى الغد.