فاتن الوكيل
على مدى عشرات السنوات، وتحديدا منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978، لم تنجح دولة الاحتلال الإسرائيلي في اختراق المجتمع المصري، حيث ظلت إسرائيل “العدو الأول” للشعب المصري، حتى بوجود العديد من الخلافات مع بعض الأطراف الفلسطينية، مثل حركة حماس، التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، ودورها في مساندة الإرهابيين في سيناء، بالإضافة إلى اختراق الوعي المصري، بتعبيرات تُحاول نشر العداء بين الشعبين المصري والفلسطيني، مثل القول الساذج أن “الفلسطينيين باعوا أرضهم”، لكن تظل إسرائيل هي التجسيد الواقعي لكلمة “عدو”.
اشتكت إسرائيل منذ توقيع اتفاقية السلام مع مصر، من أن السلام “غير دافئ” وهو التعبير الذي استخدمه أيضًا الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء خطابه في مايو 2016، خلال افتتاحه بعض المشروعات بمحافظة أسيوط، عندما قال إنه يمكن تحقيق سلامًا “أكثر دفئا” بين العرب وإسرائيل إذا تم حل القضية الفلسطينية، وهو التعبير الذي لاقى انتقادات من العديد من المتابعين.
نرشح لك – السيسي يطلب إذاعة خطابه في إسرائيل
اليوم وبالرغم من المحاولات العديدة لكسر حدة العداء بين الشعب المصري ودولة الاحتلال، لم تتمكن الحرائق الكبيرة التي اجتاحت الأراضي المحتلة عام 1948، من كسب إسرائيل أي تعاطف مصري، بل على العكس، الكثير من الشماتة والفرحة اجتاحت مواقع السوشيال ميديا، خاصة مع تصاعد حدة الحرائق، التي دفعت إسرائيل لطلب المساعدة من عدة دول أجنبية من بينها “تركيا”.
أصبح “هاشتاج” #اسرائيل_تحترق، الأول في مصر، عقب ساعات قليلة من تداول الأخبار حول هذه الحرائق، الذي انقسم بين دعوات دينية ترغب في المزيد من الانتقام من إسرائيل، كما تمنى البعض الآخر أن تطال النيران القواعد العسكرية الإسرائيلية، ودعا آخرون أن يُنجي الله الفلسطينيين القاطنين في هذه المناطق.
بالرغم من أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها الأراضي المحتلة إلى حرائق من هذا النوع، إلا أن حجمها هذه المرة، لفت نظر القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، بحيث أصبحت في دقائق، مادة تستحق التغطية الصحفية. لكن على الجانب الآخر في مواقع السوشيال ميديا، أقيم ما يشبه بالاحتفال مع ورود أخبارا تُفيد بوجود إصابات، أو خسائر مادية كبيرة. بالإضافة إلى تداول الصور والفيديوهات التي تنقل هذه الحوادث.
https://twitter.com/E_i2i/status/801570876965683200
التغريدات التي تبدأ بـ”بلاش شماتة” مما يوحي بالتعاطف، يتبين عند اكتمال القراءة، من أنها مجرد “نكتة”، حيث قال أحد المغردين: “يا جماعة بلاش شماتة خلينا إيجابين وكل واحد مننا ياخد جركن بنزين 95 ونروح نطفيها دول برضوا جيرانا والجيران لبعضيها”.
وجهة نظر أخرى، تم تداولها من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أن هذه الحرائق هي عقاب من الله على مشروع قرار إسرائيلي يمنع الأذان، لكن هناك وجهة نظر ترى أن هذا الاعتقاد ربما يمس العدل الإلهي، حيث قال مغردون، إنه لا يعقل أن يترك الله إسرائيل عشرات السنوات، تحتل الأرض، وتقتل وتعتقل الآلاف، ولا يتم الانتقام منها إلا بعد قرار منع الأذان.
الحقيقة أن حرائق إسرائيل ليست بالحجم الذي يراه المواطن المصري والعربي عموما على السوشيال ميديا، لكن الفرحة كانت بمثابة صب الزيت على النار. مع انطفاء الحرائق في الأراضي المحتلة، يجب أن يعرف المتابع الإسرائيلي المهتم بقياس تغير مواقف الشعب المصري تجاهه، أن هذه الحرائق لم تستطع ولو للحظة في تدفئة العلاقات كما يتمنون، وأن الشعب المصري إذا انشغل تارة بالإرهاب، وأخرى بهموم المعيشة، فلن يُنسهم هذا عدوهم الحقيقي.
Depuis 36h des incendies ravagent Israël. Ces départs de feu seraient d’origine criminelle: 200 ont été enregistrés https://t.co/as1zqrMN7V
— Julie Eltes (@Julie_elt) November 23, 2016