أحمد عدلي
لم يكن الخطاب المرسل من مؤسسة الأهرام للصحف المختلفة قبل ساعات قليلة بزيادة تكلفة الطبع بنسبة 80% اعتباراً من منتصف ديسمبر المقبل مفاجئاً، فالخطاب المتوقع إرساله منذ تعويم الجنيه أمام الدولار وتذبذب سعر الصرف سواء في توفير الدولار بالبنوك أو بالدولار الجمركي الذي يتم حساب ضرائب الورق المستورد على أساسه.
تستورد المطابع احتياجاتها من الورق بالدولار من الخارج وتسبب تغيير سعر الصرف الرسمي للجنيه أمام الدولار لزيادة أسعار الصحف بنسبة 100% على الاقل فبعدما اتفقت الصحف على زيادة 50% ليرتفع سعرها من جنيه إلي جنيه ونصف قفز السعر لجنيهان مع اقتراب الدولار رسمياً من سعر 9 جنيهات وهو السعر الرسمي الذي ظل معتمداً بالبنوك حتى قبل قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف وترك حرية التسعير للبنوك المختلفة بناءً على متطلبات العرض والطلب يوم 4 نوفمبر الماضي.
معنى الزيادة التي الزمت بها الأهرام – اكبر مؤسسة صحافية تقوم بطباعة الصحف الخاصة – هي أن الصحف أمام خيارين لا ثالث لهما أولهما أن تزيد سعرها للضعف على الاقل بحيث يتراواح سعر الصحيفة اليومية ما بين 3.5 و4 جنيهات على الاقل وهي زيادة لتعويض فقط اثار زيادة أسعار الطباعة دون معالجة اثار العجز الذي تعاني منه الصحف نتيجة تراجع المعلنين عن وضع إعلاناتهم في الصحف المطبوعة وأزمة الرواتب التي تعاني منها غالبيتها الصحف وجعلت إدارتها تستغني عن العاملين بها وهو ما طال اكبر الصحف الخاصة مثل “الشروق” و”المصري اليوم”، أو أن تقلص صفحاتها لتكون نصف ما تصدر به حالياً.
لا يمكن اغفال عوامل عدة في معاناة الصحف مع الأزمة المرتقبة بالطباعة، ففي المرات السابقة كانت الصحف تعتمد في تبرير الزيادة إلي جوار تغير سعر الصرف إلي زيادة عدد صفحاتها، لكن الأزمة التي تواجه الصحف أن كثير منها خفضت الصفحات بالفعل في غالبية الايام، فالشروق على سبيل المثال لا تصدر إلا في 12 صفحة باستثناء أيام إصدار محلق الاقتصاد بينما انخفضت صفحات الوطن والمصري اليوم إلي 16 صفحة مجدداً ولم تعد صفحات أهرام الجمعة تتجاوز 100 صفحة كما كانت في السابق، وهو ما يعني أن خيار تخفيض عدد الصفحات بات شبه مستحيلاً بعدما تراجع العدد بالفعل.
الصحف المطبوعة التي تواجه أزمة حقيقة في التوزيع جعلت كثير منها تخفض النسخ المطبوعة بشكل كبير خلال السنوات الماضية خاصة مع تراجع القدرة الشرائية بشكل كبير إلا أن الأزمة الحقيقة التي ستواجهها ستكون قائمة على تقديم محتوى جيد يعوض القارئ عن ضعف التكلفة التي سيسددها، وهو أمر اصبحت الصحف مطالبة به نظرياً دون توفير أي زيادة بأجور الصحفيين، علماً بأن الفارق بالنسبة للصحف القومية ستتحمله الدولة لتزيد من الخسائر التي تحققها المؤسسات القومية سنوياً ومن تراكم ديونها.
من المستحيل أن يتحمل ملاك الصحف الخاصة فارق تكلفة الطباعة خاصة وأن المؤسسات الصحفية الخاصة تعني من أزمة مالية قاصمة منذ عدة أسابيع، بينما يبقي السؤال مطروحاً عن كيفية التعامل مع الأزمة بشكل عملي لاسيما وان تخفيض اعداد الصفحات للنصف كبديل عن زيادة السعر سيدفع الصحف للاستغناء عن أعداد كبير من محرريها، لتكون الحلول الاقرب للواقع ما لم تحدث معجزة تنقذ الصحافة المطبوعة هي تحول غالبية الصحف اليومية لأسبوعية والاكتفاء بتفعيل الموقع الالكتروني بما يوفر اسعار الطباعة لقراء اصبح السواد الاعظم منهم يعرفون الاخبار من منصات مواقع التواصل الاجتماعي.