«اشتدّي يا أزمة تنفرجي». يبدو أنّ هذا المثل ينطبق اليوم على قناة «العرب» التي أوقف بثّها بعد أقلّ من 24 ساعة على انطلاقها بداية الشهر الجاري. مؤشرات عدّة ستفرج أسارير طاقمها، بعدما تسّربت أخبار عن حالة إحباط يعيشها هؤلاء. هذه المؤشرات تجزم بذهاب القناة الوليدة إلى إعادة البثّ مجدداً.
تغريدة المدير العام للقناة، جمال خاشقجي، صباحاً «المسلم لا ييأس ولا يقنط من رحمة الله، فلا بدّ من أخبار طيبة»، تذهب في هذا الاتجاه أيضاً، إضافة إلى ما أورده خاشقجي خلال ردّه على أسئلة المغردين بخصوص عودة القناة، إذ جزم بأن وجهتها ستكون البحرين وأنّ البثّ سيكون «قريباً».
وبحسب ما ذكرته جريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر اليوم فإن ما حُكي عن انتقال «العرب» إلى بيروت أو لندن لا يعدو كونه مناورة إعلامية للضغط في سبيل إحداث ثقبٍ في هذا الجدار. ويبدو أيضاً أنّ ما تمخّض عن اجتماع «الهيئة العليا للإعلام والاتصال» التي يرأسها عبد الله بن حمد آل خليفة، أوّل من أمس، من توصيات تنحو بهذا الاتجاه، وأهمّها «تقديم الدعم والمساندة وتوفير التسهيلات لوسائل الإعلام». كما أوصى الاجتماع بـ«زيادة التنسيق وتكثيف التعاون لتعزيز منظومة العمل الإعلامي، ومكانة وحضور البحرين على الساحة الإعلامية».
ولعلّ للعبارة التي تبدو فكاهية المستخدمة في هذا البيان دلالة وعلاقة مباشرة بـ«العرب» والحرص على استمرارها: «تعزيز الشفافية وتعدّدية الرأي»، الأمر الذي يعزّز فرضية عودة البثّ من جديد.
لا يُخفى على أحد الصراع داخل الأجنحة السعودية المتصارعة، والضغط الداخلي في البحرين المتمثّل بصحيفة «أخبار الخليج» (المملوكة من رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة)، وتأثيرهما على مصير «العرب». لكن تظلّ العلاقة التي تجمع الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة ومالك القناة الملياردير السعودي الوليد بن طلال وطيدة، إضافة إلى ثقل الأخير الاقتصادي على أراضي المملكة. وسيترجم هذا الثقل الشهر المقبل عبر افتتاح فنادق four seasons هناك، التي يملكها الملياردير السعودي، ما يدرّ استثماراً وجذباً اقتصادياً في البحرين.
ورغم توقّف «العرب» عن البثّ الفضائي، إلا أنّها مستمرة في تغطيتها الإخبارية المتنوّعة على مدار الساعة على شبكاتها الافتراضية، ما يوحي أيضاً بأنّها فاعلة وستعود إلى البثّ في القريب العاجل.
لا شكّ أن هذه المؤشرات تنسف ما تمّ تداوله في الإعلام حول عدم استئناف البث، وتحديداً رسالة فهد السكيت رئيس مجلس إدارة القناة الموجّهة إلى وزير شؤون الإعلام البحرينية عيسى بن عبد الرحمن الحمادي، التي أعلن فيها رفضه «للشروط والضوابط التي تكبّل القناة وتمنعها من منافسة قنوات إخبارية معروفة، وتتنافى مع العقد المحكم الموقّع بين القناة والحكومة البحرينية».
يمكن اعتبار الرسالة بمثابة فقّاعة تهدف إلى الضغط لفرض شروط القناة السعودية. وهي شبيهة بتلك الخطوة التي قيل إنّها «ممسرحة»، وتتمثّل بقطع بثّ «العرب» بسبب استضافتها مساعد الأمين العام للشؤون السياسية في جمعية «الوفاق»، خليل المرزوق/ في أولى نشراتها الإخبارية. البعض قال إنّها ترنو إلى التسويق للمحطة لتتسع رقعة انتشارها.
لكن هناك آراء أخرى تكشف عن كواليس زيارتَي الملك البحريني أخيراً للسعودية. ففي الأولى، قدّم العزاء بالملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فيما تسرّب أنّه تم خلال الثانية أوكل الملفّ البحريني بكل تشعباته الأمنية والسياسية وغيرها إلى ولي العهد الحالي ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي يعدّ من «صقور» المملكة. وكان أول ارتدادات هذا القرار سحب الجنسية من معارضين بحرينيين، والإجراءات الأمنية المشدّدة في البحرين، كما أنّ استضافة المرزوق عبر «العرب» شكّلت القنبلة التي تخطّت الخطوط الحمراء.
ويُرجّح أنّ القائمين على الشاشة لم يكونوا على علم بهذه الخطوط، أو ربما كانت تحديّاً لإثبات ما أعلنته القناة سابقاً عن فتح منابرها لشرائح معارضة وخارجة عن المنظومة الحديدية للنظام الأحادي للبحرين.
اقرأ ايضًا:
الخارجية تعلن الحرب علي قنوات الإرهاب