(1)
نعاني منذ سنوات من حالة من المصارعة التليفزيونية عبر الشاشات، حيث يتبادل شخصين أو أكثر الهجوم عبر قنوات مختلفة، وهي حالة قد تستمر لعدة ليالي ينتظر كل طرف من أطراف تلك المصارعة تصريحات خصمه لكي يقوم بالرد عليها.
بعض تلك الأزمات يتم افتعاله من أجل زيادة عدد مشاهدي البرنامج،وبالتالي زيادة عدد الدقائق الإعلانية ورفع قيمتها في فواصل البرنامج.
لكن الإسبوع الماضي حدثت حالة إيجابية وحضارية أنهت أزمتين بدأتا امام الكاميرات وتم إنهاءهما بإسلوب حضاري امام الكاميرات، وكما إنتقدنا في السابق أصحاب الأزمات الإعلامية، يجب أن نثني علي هؤلاء الذين بادروا بأخذ المبادرة لنشر فكرة تقبل النقد والإختلاف في الفكر و طريقة التعبير.
(2)
الأزمة الأولى طرفها الأول هو المستشار مرتضي منصور رئيس نادي الزمالك،وهو رجل يعرف الجميع أنه سريع الإنفعال على الهواء، مما يكلفه الدخول في خلافات مع العديد من الأشخاص. أما الطرف الثاني فهو محمد رمضان، الذي بالرغم من نجاحاته الفنية الاخيرة، فهو لا يقوم بترك أى كلمة نقد سلبية تًقال عنه دون التعليق عليها بإنتقاد من انتقده.
المتوقع بناءًا على التجارب السابقة للطرفين هو تبادل التصريحات السلبية والإنتقادات، لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا.
الأزمة العابرة بدأت دون مقدمات أو مبررات واضحة، حين قام رئيس نادي الزمالك بتوجيه إنتقادات لمحمد رمضان من قلب عزاء الفنان الراحل محمود عبد العزيز، معلنًا إستياءه من شخصية حبيشة التي قدمها رمضان في مسلسل ابن حلال عام 2015، سبب الإنتقاد وتوقيته لم يكونا واضحان.
بدوره قام محمد رمضان بالتعليق على تلك التصريحات، عبر حساباته في مواقع التواصل الإجتماعي موجهًا حديثه لمحبيه الغاضبين من مرتضى منصور، وطلب منهم التوقف عن مهاجمة رئيس نادي الزمالك لأنه إنتقد حبيشة ولم ينتقد محمد رمضان نفسه.
الأزمة إنتهت سريعًا بطريقة حضارية ، حيث قام رمضان برفقة بعض أصدقاءه بزيارة النادي الزمالك ومقابلة رئيسه ، وهي المقابلة التي تم تصويرجزء منها داخل مسجد النادي، ودار خلالها نقاش بناء قام فيه مرتضي منصور بتوجيه نصائحه لمحمد رمضان بضرورة تقديم أعمال تساعد في تقويم سلوكيات الشباب، وتقبل رمضان النقد والنصائح وأعلن أنه يسعي بالفعل لتغيير الإنطباع السلبي المأخوذ عنه في أعماله القادمة التي يعتقد أنها ستكون ذات فائدة للمجتمع.
مرتضي منصور أوضح أنه لم ينتقد محمد رمضان، بل وجه نقده لشخصية حبيشة في مسلسل ابن حلال، لإعتراضه على قيام المسلسل بتبرئة القاتل في القضية، وهو نقد مستند إلى ما قيل عن المسلسل وقت عرضه ، من تناوله لقصة مقتل إبنة المطربة ليلى غفران.
إنتهي فيديو زيارة محمد رمضان لنادي الزمالك التي سادها جو من الود والإحترام المتبادل بين الضيوف ورئيس النادي، بوعد رمضان لمرتضي منصور ببدء إجراءات حصوله على العضوية العاملة بالنادي وكذلك عضويات لأفراد أسرته.
(3)
بعد فترة طويلة من العداء والسخرية المتبادلة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، قرر الملحن عمرو مصطفي فجأة الظهور في برنامج “أبلة فاهيتا” في أولى حلقات الموسم الرابع من البرنامج.
شخصية فاهيتا الخيالية تعرضت منذ ظهورها للعديد من إنتقادات عمرو مصطفى وإتهامه لها بالإباحية والعمالة والقيام بإرسال شفرات للقيام بأعمال إرهابية، ثم فجأة ظهر عمرو مصطفي على مسرحها وتبادل معها القفشات والمزاح لمدة نصف ساعة، وكأن شيئًا لم يكن.
الخلافات القديمة تم تخطيها بعبارات لوم قصيرة إستمرت لثواني قبل أن تطلب فاهيتا من عمرو مصطفي تجاهل الأزمة السابقة و بدء صفحة جديدة.
بالتأكيد من الجيد أن يظهر طرفي أى أزمة في صورة إيجابية مرحة ، وظهور عمرو مصطفي في البرنامج هو إعتراف غير مباشر منه بوقوعه في خطأ إستمر لسنوات بسبب حبه القوي وغيرته على وطنه، لكن هناك ألاف الأشخاص الذين صدقوا ومازالوا مصدقين لإتهامات عمرو مصطفي السابقة لشخصية أبلة فاهيتا، وهو مدين بالتفسير وربما الإعتذار لهم.
(4)
هل من الممكن أن تنتشر تلك الحالة الإيجابية في ستوديوهات القنوات الفضائية، ويتوقف مقدمي البرامج الرياضية عن نشر التعصب ويتوقف مقدمي برامج التوك شو الكئيبة عن دعوة المشاهدين لمحاربة الطواحين والديناصورات بدلًا من تنويرهم؟
بعض القنوات قد تفلس لو توقفت برامجها عن بث الخلافات وإظهار المشاعر السلبية، فهي مايجذب المشاهدين محبي مشاهدة المشاحنات على الهواء.
الإختلاف في الرأى شيء وارد وطبيعي، لكن يجب على أصحاب الميكرفونات الإعلامية التحلي بالشجاعة الكافية لمواجهة خصومهم وجهًا لوجه بدلًا من إستغلال برامجهم لحسابهم من أجل مصالحهم الشخصية والإعلانية.
(5)