عنوان الموضوع مستوحى من قصيدة للشاعر أحمد شبكة، بعنوان “فاجومي عاش”.
أحمد فؤاد نجم يعد أحد أعمدة شعر العامية المصرية، ليس فقط لأن قصائده بالعامية فحسب، بل لأنه استطاع أن يعبر عن كل ما لديه من مشاعر وطاقات وتجارب ومعاناة ويحولها إلى فن يصل إلى قلوب الملايين. فالفاجومي استطاع من خلال تنوع أشعاره ومفرداته القريبة لحياة البسطاء، أن يتحدث بلسانهم، فبالرغم من ثقافته التي استطاع أن يكونها بنفسه، لم يقحم “نجم” كلمات تظهر مدى ثقافته ليتباهى بها، بل ازداد قربًا من المعدمين والفقراء والفلاحين.
نرشح لك – أحمد فؤاد نجم.. قصائد “شاعر الشعب” خلف أسوار الزنازين
حينما تستمع إلى كلمات “الفاجومي”، سواء من خلال قصائده التي يلقيها، أو التي تحولت إلى أغاني يحفظها المصريون عن ظهر قلب، تنتابك حيرة رهيبة، فالقصائد التي تعبر عن الغضب من الحاكم وهجائه، تختلف عن قصائده التي يصف فيها حبه لمصر ووصفه لعظمتها وقدرها، مثل “مصر يا امه يا بهية”، وجميعها تنم عن شخصية قوية وصارمة، حيث لقب بـ”شاعر البندقية”، إلا أنك تدهش حين تستمع إلى قصائده الرومانسية، والتي تأخذك في حالة سحرية مليئة بالمشاعر. كل هذا التنوع والصدق يدل أنك أمام علامة شعرية مصرية فريدة.
“نجم” كان صاحب فكر ورؤية، فقد حاول طول حياته أن يواجه الظلم، سواء من خلال مشاركته بنفسه في العديد من الثورات، آخرها 25 يناير و 30 يونيو، أو من خلال أشعاره التي حاول فيها أن يبث روح النضال والمقاومة، وعدم الاستسلام للظلم، فقد كان رهانه دوما على ذلك الشعب وقدرته على إحداث التغيير، والحصول على حقوقه، ليس فقط من خلال سياسة عرجاء لا يستطيع القائمون عليها تحقيق تطلعات الكثيرين، بل عن طريق صحوة وحراك شعبي للوصول للعدالة والحياة الكريمة.
تعلق “الفاجومي” بالكثير من المناضلين والرموز الثورية، وعلى رأسهم “جيفارا” أحد رموز الثورة الكوبية، والذي كان يقترب منه في السن، حيث أعجب “نجم” لمقاومته للظلم ومحاربته للرأسمالية والعنصرية، واختلافه عن باقي الساسة الذي لا يعرفون معاناة الفقراء، ويهتمون فقط بهندامهم واجتماعاتهم المكلفة، وبعد وفاة “جيفارا” كتب قصيدة في رثائه بعنوان “جيفارا مات”، وغناها رفيق الكفاح، الشيخ إمام.
جيفارا الذي حارب كثير ضد الرأسمالية والعنصرية، وتم إعدامه في غابات بوليفيا عام 1967، بعد توجهه لمساعدة الدول الفقيرة بأفريقيا وامريكا اللاتنية على مواجهة الظلم ونقل خبراته العسكرية لها، كانت أخر كلمات نطقها “أنا لا أفكر في خلودي، بل أفكر في خلود الثورة”، تستطيع أن تجزم أن فكر “جيفارا” الإشتراكي قد مات أيضًا، مع تغول الرأسمالية المتوحشة في كل بقاع الأرض، لكن كلمات “الفاجومي” وشخصية المواطن “المشاكس” لا زالت تعيش في مسامعنا وتفاصيل حياتنا اليومية.