إعلام دوت أورج
“جئت إلى مصر لأتم الموعد الذي تأخر 28 عاما”، كانت هذه هي الجملة التي قالها الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا عند زيارته لمصر عام 1990، وكان في استقباله وزير الإعلام الأسبق، محمد فائق. مانديلا كان يقصد بتأخره عن زيارة مصر، الموعد الذي حُدد له لمقابلة الزعيم جمال عبد الناصر، ولم يتم بسبب إلقاء القبض عليه لدوره في مكافحة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
الزعيم الذي يوافق اليوم ذكرى رحيله، لم يكن بيده التغيب عن موعده مع ناصر، ومع عودته إلى مصر عام 1990، كان كل شيء قد تغير. توفى عبد الناصر. تغيرت السياسة المصرية، لكن حب مانديلا لنضال مصر ودور ناصر في تحرير إفريقيا لم يقل أو يتغير. أصر مانديلا خلال زيارته إلى مصر، على زيارة الأماكن التي زارها أول مرة جاء إليها عام 1962، من بينها مقر الجمعية الإفريقية بحي الزمالك التي كانت مركزا لحركات التحرر الإفريقية.
يحكي مانديلا في مذكراته التي حملت اسم “حديث مع الذات” تفاصيل زياته الثانية لمصر عام 1990، تضمنت ذكرياته عن زيارته إلى الجمعية الإفريقية، حيث قال: “لقد فقدت حذائي من كثرة التدافع، وتاهت مني زوجتي، ولم أعثر عليها إلا بعد 10 دقائق وعاتبتني بشدة و لم تكلمني طوال اليوم، قائلة لماذا تركتني”.
ولد نيلسون مانديلا عام 1918 في عشيرة زوسا الناطقة بلغة الثيومبو، في قرية صغيرة شرقي مدينة كيب تاون، اسمها روليهلاهلا داليبهونجا في جنوب إفريقيا، واعتاد الناس في جنوب إفريقيا على مناداته بالاسم الذي تخاطبه به عشيرته وهو “ماديبا”، وحصل على اسمه الإنجليزي نيلسون من معلمه في المدرسة.
وفي عام 1956 وجه إليه تهمة الخيانة العظمى ولـ155 ناشطا آخرين، ولكن التهم أسقطت عنه بعد أربع سنوات من المحاكمة.
وتنامت المقاومة ضد التفرقة العنصرية، خاصة ضد قوانين الهويات الجديدة، التي حددت للسود الأماكن التي يسمح لهم فيها بالإقامة والعمل.
ألقي القبض عليه بعد ذلك، ووجهت إليه اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم من خلال التخريب والتحريض على العنف.
ومن قاعة المحاكمة في محكمة ريفونيا، وقف مانديلا على المنصة يشرح معتقداته حول الديمقراطية والحرية والمساواة، وقال مانديلا “إنني أعتز بالمفهوم المثالي للديمقراطية وحرية المجتمع، حيث يحيا جميع الأشخاص في تناغم وحقوق متساوية، إنها المثالية التي أحلم أن أحيا من أجلها وأطبقها، ولكن إذا ما دعت الحاجة لذلك فإنني مستعد للموت من أجلها أيضا”. وحكم عليه في شتاء عام 1964 بالسجن مدى الحياة.
عام 1990 رفع الرئيس إف دابليو دي كلارك الحظر عن المؤتمر الإفريقي، وأطلق سراح مانديلا، وبدأت محادثات بإنشاء نظام جديد يقوم على ديمقراطية تعدد الأعراق في جنوب إفريقيا.
لأول مرة في تاريخ جنوب إفريقيا، صوتت كل الأعراق لانتخاب مانديلا رئيسا، وكانت المشكلة الرئيسية التي تولى مانديلا علاجها هي توفير السكن للفقراء والنهوض بالأحياء الفقيرة، ومكافحة الفساد في معظم المدن، وذلك عام 1993.
أصبح أول جنوب إفريقي توضع صورته على أوراق النقد عام 2012 في شهر نوفمبر.