أشرف أبو الخير يكتب: ماذا يخبرنا اليوتيوب عنا؟

قبل ساعات أطلق “Youtube” الصفحة التقليدية التي يطلقها كل عام إحتفاء بأكثر الفيديوهات مشاهدة على الموقع باللغات المختلفة، والمسماة (Youtube rewind) … ليتذكر مع المتابعين الفيديوهات الأنجح والتي أحدثت دوياً وحققت نجاحاً باهراً خلال العام الميلادي، ويبدو أنه بإطلاقه هذه الخدمة، يشير إلى الـ Youtubers أو صناع الفيديوهات، بأصابعه على ما يريده الزبون حقاً حول العالم.

نرشح لك : أشرف أبو الخير يكتب: وفاة التلفزيون (4)..إعادة تدوير التسلية

في القائمة العربية، ظهر 20 فيديو، مقسمين على فئتين رئيسيتين:

الأولى: أغاني الفيديو كليب “حيث أن لوغاريتم اليوتيوب يؤكد أن الأغاني هي المادة الأكثر جذباً للجماهير حول العالم”.

الثانية: هي الفيديوهات التي لا تنتمي لفئة الأغاني .. يعني أي نوع آخر من الفيديوهات.

ويمكنك متابعة القائمة كاملة من هنــــــا

وقبل إبداء ملاحظاتي على الحقائق المذكورة في هذه الصفحة، دعني أحكي لك حكاية صغيرة ذات مغزى كبير:

قبل يومين، شاهدت فيديو على يوتيوب، لفنانة مصرية، خفيفة الظل للغاية، الفيديو هو حلقة أولى من برنامج يبدو أنها تريد الاستمرار فيه، ورغم إعجابي بخفة ظل الممثلة / المذيعة، إلا أنني كنت مندهش للغاية من تصديها وفريق عمل كامل لإنتاج برنامج مبشر جداً كهذا، دون أن يكون لديهم المعلومات الأساسية حول طريقة عمل اليوتيوب.

طريقة العمل التي ينفق فيها الكثيرين كل عام عدداً ضخماً من الساعات في دراسة (Youtube Certificate) أو شهادة اليوتيوب … ليتعلموا كيف يمكن لأي صانع فيديوهات أن يضمن حداً أدنى من النجاح للفيديو الذي يقدمه للناس…. والموضوع معقد بالفعل، تقسمه شركة يوتيوب إلى ثلاثة شهادات مختلفة، في ثلاثة فئات، لكل منها مادة علمية، وإمتحان منفصل، وهي تجربة صعبة للغاية خضتها بنفسي كي أنال تلك الشهادات.

هامش:
الفئات الثلاثة لإختبارات اليوتيوب هي: Digital rights – Audience Growth – Content Strategy

==========

محاولات بالجملة نراها تفشل في تحقيق أي نجاح على يوتيوب لأن الصناع لا يمتلكون لديهم الحد الأدنى من المعرفة حول كيفية إيصال هذا المنتج للمتلقي المستهدف، عبر وسيط كيوتيوب وبالتالي ضمان نجاحه!!…. ولقد قام اليوتيوب بعشرات الأبحاث حول المزاج العام للمتلقين، لكي يستطيع استنباط المعايير الأساسية التي يجب توافرها في (كل) فيديو ضماناً لإنتشاره… وهي معايير يمكن الوصول إليها ببحث بسيط للغاية على الانترنت، لا داعي حتى لدراسة شهادة اليوتيوب للتعرف عليها.

المهم، أن حالة الممثلة المذكورة، ليست حالة نادرة، بل أنني ومن خلال خبرتي في عالم العمل للإنترنت أستطيع الجزم بأن معظم “صناع الفيديوهات” المصريين والعرب، لا يلقون بالاً إلى ما يعتبره اليوتيوب أساساً في عالمه، وتلك هي النقطة التي سننتقل من خلالها إلى ملاحظاتي الأولية على صفحة “Yotube rewind” المذكورة في بداية المقال.

1- سعد لمجرد يضرب من جديد .. بـ 94 مليون مشاهدة لفيديو كليب (أنا ماشي ساهل) في خمسة شهور فقط. وهو الرقم الأكبر في القائمة بفارق كبير عن صاحب المركز الثاني، (وهو فيديو كليب كذلك).

• الفيديو كليب يا جماعة .. يوتيوب مصر على رأيه!!

2- الفيديو الوحيد الناطق باللهجة المصرية ضمن العشرين فيديو، هو كليب لأغنية (حكاية واحدة) من فيلم “هيبتا” لـ دنيا سمير غانم (صاحب المركز العاشر في القائمة بحوالي 19 مليون مشاهدة في 7 شهور) .

• مصر تفقد “قوتها الناعمة” لصالح اللهجات العربية الأخرى، وأتصور أن وجود هذا الكليب تحديداً في القائمة جاء بسبب نجاح فيلم “هيبتا” نفسه، لا بسبب جودة الأغنية ولا نجومية دنيا سمير غانم، بدليل أن نجومية “عمرو دياب ومحمد منير” مجتمعتين في كليب (القاهرة) لم تحققا لهما إلا ما يقرب من 7 مليون مشاهدة في 10 شهور.

3- فيديو كليب “بـربس” الناطق باللهجة السعودية، والذي لا يحتوي على أي جملة ذات معنى تقريباً، حصل على المركز السادس بما يقارب 37 مليون مشاهدة في 11 شهر.

• التماسك اللغوي ليس هو السر إذن … إتفقنا؟!!

4- بعيداً عن فئة الفيديو كليب، جاء على رأس القائمة فيديو لـ (مقلب) أراه ثقيل الظل للغاية من أحد صناع اليوتيوب السعوديين صغار السن.

• ملحوظة هامة هنا، السعودية سوق لا يستهان بقوته في عالم اليوتيوب.

5- القائمة كاملة، لا تحتوي على فيديو عربي واحد يمكن أن نصفه بالجاد.

• الزبون العربي، مل الجدية على مايبدو

6- خارج التصنيف العربي، الفيديو رقم واحد على العالم هو فيديو ساخر على أغنية (Hello) الشهيرة للمطربة (Adele)

• الأغاني، الأغاني، الأغاني … كلمة السر.

7- وجاء ثانياً في القائمة العالمية، فيديو كليب (الأناس والقلم) الشهير الذي حصد ما يزيد عن 96 مليون مشاهدة في أقل من 4 شهور!!

• نعم، هو عالم يتسم بالتفاهة … أرجو ألا تندهش.

في النهاية، أرجو أن نتذكر جميعاً، أننا نضع الفيديو على يوتيوب لننجح وننتشر بين الناس، نسليهم ونسعدهم، فيعيدوا تشغيل الفيديو مرات ومرات، فتزيد أرقامنا وترتفع أرباحنا … اليوتيوب بيزنس ضخم للغاية، ولا يمكن بأي حال اقتحام هذا البيزنس إعتمادا على الفهلوة وخفة الدم فقط … سنفشل هنا فشلاَ ذريعاَ.

يوتيوب 2016 يخبرنا بوضوح، أن المشاهد العربي يبحث كمثله من المشاهدين حول العالم عن التسلية والمرح، فأرجو أن تضع كآبتك وجديتك جانباً حين تقف أمام مشاهد يوتيوب، كن مرحاً وخفيف الظل، حتى وإن قدمت له مضمون جاد، فالعالم لن يتحمل جديتك وكآبتك بعد الآن.

يوتيوب 2016 يقول للمصريين، أفيقوا .. فلهجتكم وثقافتكم التي كونت وعي الملايين من المحيط للخليج تتراجع وبسرعة أمام لهجات وثقافات الخليج … فكفوا عن التقوقع، وحاولوا اللحاق بقطار اليوتيوب قبل أن ينسانا العالم ونفقد هذا السوق إلى الأبد!!.

لكم المودة بلا حدود.