بولا وجيه يكتب: حضن بالحزام الناسف

يعمل أيه التعليم في بلد ضائع!، هكذا كان تصريح سيادة الرئيس بالأمس، ليكون الرد عليه صباح اليوم في حادث تجرد مرتكبه من كل معاني الإنسانية ليقتل نفوس كثيرين ويصيب أخرين، ليس لهم ذنب سوى أنهم ذهبوا ليصلوا في بيت العبادة من أجل أن يحفظ الله بلادنا ورئيسنا وشركائنا في الوطن!

أه والله، نصلي في كل صلاة من أجل أن يحفظ الله بلادنا وأن يبارك رئيسها وشعبها، دون تفرقة أو تمييز، ففي القداس يقول الكاهن: تفضل يا رب أن ترحمنا كلنا معاً، لا يقول نحن الأقباط فقط، أو طائفة بعينها، لكن كلنا معاً، سواء مسلمين مسيحيين، أو حتى عابدي البقر -باعتبار أن هناك من يعبد البقر في بلدنا الحبيبة مصر!، وباعتبار أنه سيظل حي لو عرف عنه ذلك الأمر، إذا كان القبطي الذي يعبد الله الواحد مثل المسلم ويقتل، ما بالك بعابد البقر!

صدقني يا سيادة الرئيس لو كان هناك تعليماً بالفعل في بلادنا، كان لم ولن يهجرها الألاف كل عام باحثين عن فرصة حقيقية في تعليم يقدرهم ويقدر إنسانيتهم وفي تعليمهم أشياء لها علاقة بما سيعملون فيه فيما بعد.

كانوا سيتعلمون أن للأخر حق في الحياة مثلي تماماً، فهو ليس من طينة مختلفة عني، أو أنه ليس له حق في الحياة طالما ليس مثلي في كل شيء، فالله فقط هو صاحب الحق في الحكم على البشر وليس البشر، فالله منح كل شيء للبشر، وترك الحكم على النفس له وحده، لماذا إذا تأخذ هذا الحق لنفسك!

أما عن المناهج الموجودة حالياً فهي بالفعل كفيلة أن تخرج لك داعشي صغير كفيل أن يفجر لك البلد ويقيم فيها كماً من الفساد والإرهاب لن تستطيع أن تواجهه أو أن تستطيع أن تسيطر عليه، فهو مثل الأخطبوط، له ثمانية أذرع، لو استطعت أن تفلت من أحدهم، لن تسطيع أن تفلت من الثاني، ويظل الحل في تطوير المناهج وليس في الغاء التعليم، فلماذا تعلم طفل صغير في بداية الحياة في مناهج اللغة العربية أن صديقه المسيحي هو من الضالين والمغضوب عليهم وعليه الا يقترب منه حتى لا يصبح مثله؟!، ماذا تنتظر بعدما تفعل هذا بعقول الأطفال؟؟، هل تظن ستخرج الأطفال من مدارسها تحضن كل مسيحي تقابله!، ستحضنه بالفعل، ولكن وهي مرتدية أحزمة ناسفة كي تبيد كل من هو مسيحي، فهو من وجهة نظره كافر لا يستحق الحياة، ويجب الا يعيش وسط المسلمين، فهو خاطئ والمسلمين فقط هم الأصح، ويجب الا يختلط النور بالظلمة!

طور تعليمك سيدي الرئيس، حينها لن يكون الوطن ضائع، بالعكس سيكون في قمة الدول، وستجد شعباً محباً لبعضه حقيقة وليست فقط شعارات محفوظة تردد كل اجتماع أو مقابلة من قبيل (المقدس مينا والشيخ أمين أخوات، يحيا الهلال مع الصليب، مصر يعني هلالاً يعانق الصليب) وشعارات حرفياً لم نستفد منها شيئاً بالعكس خسرتنا الكثير والكثير!