فايزة أحمد
على مدار الثلاث السنوات الماضية، ترددت على الساحة الإعلامية بشكل ملحوظ، بعض الأسماء التي اتُهمت بالتورط في عمليات إرهابية، كان أبرزهم عادل محمد إبراهيم الشهير بـ عادل حبارة والذي قُبض عليه في سبتمبر 2013، لإدانته في عملية شمال سيناء التي عُرفت إعلاميًا بـ”مذبحة رفح الثانية”، والتي وقعت في أغسطس من العام ذاته، حيث أسفرت عن استشهاد (25مجندًا).
وقضت محكمة النقض، السبت الماضي، برفض الطعن المقدم من دفاع الإرهابي “عادل حبارة”، و6 متهمين في هذه القضية، وذلك عقب ماراثون طويل من المحاكمات استمر أكثر من ثلاث سنوات منذ إحالتها للجنايات.
وصدر ضد حبارة، ثلاثة أحكام بالإعدام في قضايا متعددة بتهم قتل واختطاف جنود وأفراد شرطة، وكان دائما ما يطعن على هذه الأحكام، لكن محكمة النقض هذه المرة رفضت الطعن.
وأدلى المتهم باعترافات تفصيلية، حول هذه العملية، وبداية اعتناقه للأفكار المتطرفة، وما يستند إلىه من آراء دينية وتفسيرات فقهية من شأنها شجعتها على ارتكاب هذه الجرائم، وذلك خلال التحقيقات التي جرت معه بإشراف المستشار تامر فرجاني المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا، والمستشار خالد ضياء الدين المحامي العام.
إعلام دوت أورج يُعيد نشر اعترافات حبارة الذي ينتظر تصديق رئيس الجمهورية على قرار إعدامه خلال الوقت الراهن، لما اقترفه من جرائم وفقًا لما حكم به القضاء المصري.
من هو عادل حبارة؟
أُجري التحقيق مع حبارة، بإشراف المستشار تامر فرجاني، المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا، والمستشار خالد ضياء الدين المحامي العام، حيث كشف عن هويته وظروفه الاجتماعية، قائلًا:” أنا مولود في منطقة الأحراز بـ”أبوكبير” بمحافظة الشرقية في يوم 20/2/1980 في أسرة متوسطة الحال والدتي مكانتش شغالة.. ووالدي كان شغال موظف طباخ في المدينة الجامعية بجامعة القاهرة ولى 3 إخوة طارق ومحمد وإبراهيم و4 أخوات بنات، وأخونا محمد الأصغر منى على طول توفى من حوالى ست سنين، كان بيجرب وبيلين توك توك فسابه داير ونام جانبه في جراج مقفول فاتخنق من الدخان ومات”، بحسب “الوطن”.
أضاف حبارة:” أنا الوحيد في أخواتي الولاد المتعلم ودرست في مدرسة الأحراز الابتدائية، وكملت بعد كده في مدرسة الأحراز الإعدادية وبعدها دخلت مدرسة أبوكبير الثانوية الفنية وحصلت في عام 2000 على دبلوم الصنايع”، مشيرًا إلى أن: “بعدها اشتغلت طباخ في بعض المطاعم في الشرقية وفي القاهرة، ومن ضمن المطاعم اللى اشتغلت فيها قهوة اسمها سكرية نافع في شارع فيصل تحت كوبري الجيزة اشتغلت فيها صنايعي بوفيها”.
بداية طريق حبارة لـ”التطرف”
ظروف اجتماعية ونفسية، مر بها حبارة في هذه الآونة، تحديدًا في عام 2001، حيث تعرض لأزمة عاطفية، جعلته يتجه إلى التفسيرات الدينية التي تعلق قلبه بالله لا بما وصفه بـ”الهوى”.
يقول حبارة: ” بعد الخلاف اللي حصل بيني وبين والد حبيبتي لما رحت أخطبها علشان أنا كنت عايزها تعيش معايا في الشرقية وهو كان عايزنا نعيش في القاهرة جنبه ، قررت انهى الموضوع، و أقطع الجوابات اللي كانت بعتاها لي ففتحت كتاب “الداء والدواء” لابن القيم الجوزية رحمه الله فوقع نظري على عنوان في الكتاب شدني وهو “المعاصي تثقل على القلب الذنوب”.
يشير إلى أنه قام بشراء هذا الكتاب ضمن مجموعة كتب أخرى من أمام مسجد “الاستقامة” بمنطقة “الملك الصالح”، وكانت هذه الكتب: “فتاوى الشيخ الشعراوي، وكتاب الداء والدواء لابن القيم الجوزية”، مرجعًا سبب شراء هذا الكتاب إلى :” كنت فاكر الكتاب الأخير كتاب تداوي بالأعشاب، ولما روحت وفتحته مفهمتش منه حاجة بقيت أشيل فيه الجوابات اللي كانت بتبعتها لي حبيبتي”.
كيف آثر محمد حسان على حبارة
يكشف حبارة، خلال اعترافاته عن دور الشيخ محمد حسان، وفتاويه في تكوين معتقداته الدينية قائلًا: “في عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان، وأنه بيلقى درس كل يوم أربعاء بعد صلاة المغرب في مجمع التوحيد في المنصورة فبدأت أداوم على حضور تلك الدروس، وبدأت في قراءة بعض الكتب الدينية في العقيدة لأني كنت سألتقى في السيرة بالدروس اللي كان بيقولها الشيخ محمد حسان وأنا مؤمن -وفقاً لما قرأت- بأن الديمقراطية ليست من الإسلام وأن من لا يطبق شرع الله، كافر، وهذه الأفكار تنفي أصل الإيمان عن كل من لا يطبق شرع الله”.
يشير حبارة، إلى أن محاضرات حسان التي حضرها تناولت: ” هي كانت تتحدث عن السيرة النبوية، دون التطرق إلى أمور العقيدة”، متسدركًا:” لكن كان الشيخ محمد حسان بيرد على بعض الأسئلة تتعلق بالعقيدة، واللي أنا فاكره في الموضوع ده إن فيه واحد وجّه سؤالاً للشيخ محمد حسان وقاله اللي وقع في الزنى وسأله ماذا أفعل ليطهر نفسه من هذه الكبيرة، فأجابه إنا لله وإنا إليه راجعون، الشريعة مغيّبة في مصر يا إخوة، وقال للسائل اتق الله في نفسك لأنه لا يوجد تحكيم لشرع الله في مصر”.
مفاهيم ومعتقدات حبارة الدينية
يوضح في اعترافاته، أن جميع التفسيرات والمصادر الدينية والفقهية التي استند إليها في تكوين آرائه اتخذها من :” محاضرات ودروس وقراءات، وآراء الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم، وما اتفق عليه السلف والخلف، وقد قرأت ذلك في كتاب الأصول الثلاثة ولم يخالف ذلك أي من العلماء المعتبرة آراؤهم أهمها الأصول الثلاثة، وهي بداية، الحاكمية والولاء والبراء والنسك”.
يشرح حبارة الأصول الثلاثة، قائلًا: ” أولًا الحاكمية: هي أن يكون الحكم إلا لله وحده لا شريك له، وتكون لله وحده الملك القهار هو المستحق لذلك وهو حق خالص لله عز وجل، ولا ينبغي أن ينازعه في ملكه وحكمه أحد، مش زي ما قالي ظابط أمن الدولة أن ربنا يحكم في الآخرة بس والعياذ بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
يشير إلى أن النتائج المترتبة على مبدأ الحاكمية هو :” إفساد الأرض جميعها إن خولف هذا المبدأ، وكفر كل من لا يطبق شرع الله كفراً مخرجاً من الملة واستحقاق العقوبة في الدنيا والآخرة واستجلاب نقمة الله عز وجل على البلاد والعباد”.
يدلل على ذلك بـ “الآيات القرآنية زاخرة بالأدلة على ذلك، بل إن الفطرة السوية تأتي عبر ذلك، ومن هذه الأدلة أولاً قوله تعالى: “إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه”، وفي هذه الآية دلالة قطعية على وجوب تطبيق شرع الله ونفي أصل الإيمان وكماله عن كل من لم يحكم أو يرضى بشرع الله أو يحكم الله، ثانياً قوله تعالى “فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً”، ففي هذه الآية ينفي الله سبحانه أصل الإيمان عن أي شخص يكون في نفسه شيء لدى تطبيق حكم الله أو عدم الرضا به، ثالثاً: قوله تعالى “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”، “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون”، “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون”، واتفق العلماء على أن كل وصف في القرآن الكريم للفاسقين أو الظالمين مُعرف بالألف واللام يكون المقصود منها الكافرين الخارجين عن الملة، بل إن شبهة ثارت بشأن نزول الآية الأولى، وأنها خاصة باليهود فرد على ذلك الشيخ أبو محمد المقدسي في كتابه “إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر”.
مكان القبص على حبارة
في الثالث عشر من شهر أغسطس 2013، قبض على حبارة، من قِبل قوات الأمن، ويشرح حبارة تفاصيل القبض عليه قائلًا: “بعد صلاة العصر بحوالي الساعة الخامسة مساءً قُبض عليّا في محل عزالدين للبويات والدهانات اللي موجود عند جامع الرفاعي في العريش، حيث تواجد في المحل اتنين سواقين معرفش أسماءهم”.
يمتدح الحادث لكن لا يتبناه
يكشف حباره عن رأيه في الحادث الذي اُتهم في التخطيط له، وهو “مذبحة رفح الثانية” قائلًا: “أنا لا أستنكر مقتل الجنود في رفح لأنهم من جند الطاغوت وواجب قتلهم على كل ذي قدرة وشوكة، وكما يقتلون ويحاربون شرع الله يجب أن يقتلوا وهذا حكم جميع العلماء في الطاغوت وجنود الطاغوت فهم كافرون محاربون يتعين قتلهم، ولكن لم أشرف بذلك ولم أشارك في ذلك، وليس لدى أي معلومات عن هذا الحادث”.
وعقب نفي حبارة، تأسيسه كيانًا مخالف للدستور والقانون المصري من شأنه الإضرار بالنظام العام، اختتم اعترافاته قائلًا: ” أنا عايز أقول إن شلال الظلم ما زال يتدفق عليا منذ أول مشكلة حدثت لي مع أمين شرطة من أمن الدولة على أمين ولا أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل”.