إعلام دوت أورج
لم يمنع الغضب من وقت الكلمات والاختلاف الذي تخلل الحوار الذي جمع بين الباحث إسلام بحيري والدكتور سعد الدين الهلالي، ومقاطعات الطرفين لبعضهما، خلال حلقة الاثنين من برنامج “كل يوم”، الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة ON E، من أن نصف الحواربـ” الفكري” كون بحيري والهلالي متفقان على أهمية تجديد الخطاب الديني ويتبعان نهجا مختلفا عن السائد.
اختلف الهلالي وبحيري أكثر من مرة على أسلوب الحوار، أراد الهلالي من الباحث الشاب ألا ينزع صفة الإمامة عن ابن تيمية، حيث اكتفى بحيري بإطلاق لقب “الأستاذ” عليه، مؤكدا ان هذا اللقب كافيا لاحترامه لكنه لا يراه إماما، بينما أراد بحيري من الهلالي أن يكون أكثر صراحة ووضوحا في نزع صفة القداسة عن الأئمة الأربعة والإقرار بخطأ ما قالوه في مسألة القصاص، وعدم جواز قتل المؤمن إذا قتل غير مسلم.
اتفقا على أن الآية القرآنية التي تقول “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليم”، أن الله يساوي فيها بين الناس وأن القصاص من القاتل يجب أن يتم حتى لو كان من قُتل غير مسلم. أشار بحيري إلى أن الأئمة الأربعة حرموا قتل غير المسلم، لكنهم اختلفوا بأغلبية ثلاثة فقهاء فيما عدا أبو حنيفة، في أنه لا قصاص من المسلم الذي يقتل غير مسلم في الدنيا والاكتفاء بعقابه في الآخرة، كما عرض بحيري رأي أبو حنيفة الذي أباح عدم القصاص من المسلم الذي يقتل “المستأمن” أي السائح الآن، ولكنه أقر القصاص لصالح “الذمي” فقط.
لم يعترض الهلالي على عرض بحيري لما قاله الأئمة في هذا الشأن، لكن كان همه الأول هو التأكيد على أن هذا مجرد “رأي” و”تاريخ فقه”، وليس من الدين. بينما أكد بحيري على أن هذا رأي الهلالي التنويري فقط، ولكن ما يحدث في المعاهد الأزهرية غير ذلك، حيث يدرس الطالب أن هذه هي الآراء الفقهية “دينية” ويمكن أن يعتمد عليها في الفتوى للناس بعد ذلك.
لم يخل الحوار من جمل مدح متبادلة بين الطرفين، حتى وإن قيلت بـ”عصبية” في بعض الأوقات، حيث قال الهلالي: “نفسي الشعب كله يبقى عنده قلب إسلام بحيري وغيرته على المسيحيين وعدم قتلهم”، بينما قال بحيري إن الدكتور الهلالي لديه “مشروع تنويري” يريد تطبيقه بجعل آراء الفقهاء غير ملزمة لجميع الناس، الذين يجب أن يُعملوا عقولهم في آيات الله.
شدد الهلالي في موضوع عدم القصاص من المسلم الذي يقتل غير مسلم، على أن هذه الآراء منسوبة إلى الفقهاء وتفسيرهم للدين وليس للإسلام نفسه، لكن بحيري قال إن الإرهابي عندما ينفذ عملية إرهابية يعتمد على آرائهم باعتبارها “دين” لذلك يجب أن تعلن المؤسسات الرسمية أنها آراء خاطئة.
الهلالي قال إن المذهب الرسمي الذي أقره البرلمان المصري لا يقر القتل ويؤكد على المساواه في القصاص، لكن بحيري أكد أن الإرهابي الذي يرغب في تنفيذ عملية إرهابية لا يعترف أساسا بالبرلمان، كما أن أمور الدين والفقهاء لا تتعلق بمصر فقط، لكن بالعالم أجمع، لذلك يجب عدم اعتبار هذه المذاهب “معتبرة” ولا يمكن الأخذ بما جاء فيها إلا بعد دراسة وتنقيح، وعدم ترك الخيار للمجتمع بالأخذ بهذه الآراء لأنها تتعلق بدماء الناس.
اختلف الهلالي وبحيري في طبيعة الأمر القرآني، حيث قال بحيري إن هناك “فروض” أكد عليها القرآن مثل الصلاة والصيام، كما أمر القرآن بتطبيق المؤمنين القصاص لمن يقتل أي نفس، وليس فقط قتل المؤمنين بينهم البعض، كما ذكر أغلب الأئمة. الهلالي أشار إلى أن القرآن هو “هدى من الله” يمكن أن نهتدي به وأن ذلك لا يمنع وجود تفسيرات للآيات.
المنهج الذي يدعو إليه الهلالي قائم على عرض جميع الآراء الفقهية حتى التي يرفضها، وأن يقوم المسلم بإعمال عقله فيها واختيار الأفضل، لكن بحيري أكد أن هناك أمور لا يجب اعتبارها “رأي” للأئمة لتعرض على المسلمين وتُدرس في المعاهد الأزهرية، بل هي آراء خاطئة “مكانها المتحف” على حد تعبيره، مضيفا: “ننقي بين آراء معتبرة مش أقدم للناس طبخة فاسدة وأقوله اختار!”.
هناك بعض الأمور اتفقا عليها ولكن بحيري رأى أن الهلالي لم يكن واضحا فيها كفاية، ويريد أن يُدافع عن مؤسسة الأزهر والأئمة الأربعة، وذلك عندما قال الهلالي إن لفظ “ذمي” انتهى من الحياة” ولم يعد أحد يستخدمه، ولكن بحيري أكد أن بيان الأزهر الأخير الذي علق على تفجير الكنيسة البطرسية ذكر هذا اللفظ في عدة مواضع.
في الوقت الذي اعتبر فيه الهلالي الرأي الفقهي بعدم قتل المسلم إذا قتل غير مسلم، مجرد “تاريخ” ولم يعد أحد يأخذ به، استحضر بحيري واقعة قتل بطرس غالي عام 1910، على يد إبراهيم ناصف الورداني، مؤكدا أن شيخ الأزهر وقتها رفض إعدام الورداني، ومن بين أسباب الرفض كانت أن القاتل مسلم والمقتول مسيحي، مشيرا إلى أن هذه واقعة تعتبر حديثة تاريخيا وتدل على أن هذه الآراء مازال يؤخذ بها.
يمكنكم مشاهدة الفقرة كاملة من هنا