نقلا عن
أعادت حادثة الدهس في برلين إلى الأذهان ظاهرة برزت منذ سنوات قليلة: استخدام المركبات، وخصوصاً الشاحنات الكبيرة، كأداة في تنفيذ العمليات الإرهابية. ما هي أهم السوابق التاريخية لهذه الظاهرة؟ وأين يكمن سر قوتها الغادرة؟
في أحدث المعلومات حول حادث الدهس في برلين مساء أمس الاثنين أفادت السلطات الألمانية اليوم الثلاثاء (20 ديسمبر/كانون الأول 2016) أن قائد الشاحنة ساقها متعمداً نحو حشد زوار سوق عيد الميلاد. وأعلنت شرطة برلين اليوم أنها تتعامل مع الهجوم بالشاحنة على أنه “اعتداء إرهابي مرجح”. وقد ارتفعت حصيلة القتلى إلى 12 قتيلاً و48 جريحاً إصابات بعضهم خطيرة. وتشير المصادر إلى أن شاحنة برلين من نوع سكانيا بقوة 580 حصاناً وتصل حمولتها لسبعة طن ونصف.
سلاح إرهابي ليس بجديد
لم تكن حادث برلين في الأمس يتيمة في هذا السياق. ففي الرابع عشر من تموز الماضي قاد رجل تونسي المولد شاحنة تزن 19 طناً ودهس حشدا من المحتفلين بالعيد الوطني في مدينة نيس الفرنسية. وخلف الهجوم ما لا يقل عن 86 قتيلاً و400 جريحاً. وأعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم.
إلا أن هجوم نيس، بدوره، لم يكن الأول ؛ ففي عام 2009 أدى حادث دهس في مدينة آبلدورن في هولندا إلى مصرع خمسة أشخاص وجرح اثني عشر آخرين. وفي شهر أيار/ مايو 2013 قاد شخصان في لندن من أصول نيجيرية سيارتهم في العاصمة البريطانية ودهسا الجندي البريطاني لي ريغبي وترجل الرجلان بعد ذلك من سيارتهما وطعناه. وقال أحد المهاجمين بعد ذلك إنه يريد “أن ينتقم من الجنود البريطانيين لأنهم يقتلون المسلمين”. وفي تشرين الأول / أكتوبر 2014 دهس رجل كندي اعتنق الإسلام ويبلغ من العمر 25 عاما ثلاثة أشخاص قرب مدينة مونتريال وقتل أحدهم وأصاب آخر بجروح. واستطاعت الشرطة قتل المهاجم بعد أن طاردته.
وكان أبو محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم تنظيم “داعش” قد قال في أيلول / سبتمبر 2014 في رسالة صوتية مسجلة له بأنه عندما يعجز الشخص عن زرع عبوات أو إطلاق الرصاصة” يتاح له استخدام مختلف الطرق الأخرى”. وأوصى العدناني بالتحديد بالهجمات بالسكاكين والدهس بالسيارة، بالإضافة إلى طرق أخرى.
وسيلة سهلة المنال ولكنها قاتلة!
مقارنة بغيرها من أدوات العمليات الإرهابية، كالمفخخات والأحزمة الناسفة والأسلحة النارية، تعتبر الشاحنات وسيلة سهلة؛ فيمكن تقريباً لأي شخص الحصول على سيارة لتنفيذ العملية، سواء سيارته الخاصة أو سيارة مستأجرة أو حتى أخرى مسروقة. فمنفذ عملية نيس الإرهابية استأجر سيارة الهجوم.
وحسب الأنباء المتوافرة حتى كتابة هذا التقرير، فإن شاحنة هجوم برلين تعود إلى شركة نقل بولندية، قال متحدث باسمها إن الشركة فقدت الاتصال بالشاحنة وسائقها منذ حوالي الساعة الرابعة بعد ظهر يوم أمس الاثنين. والسبب الثاني لسهولة هذه الوسيلة الإرهابية الجديدة أن السيارة أو الشاحنة الإرهابية لا تثير أي شبهة ولا تلفت الأنظار؛ فهي تسير بالشارع كغيرها من المركبات. كما يمكنها الاقتراب من الهدف لمسافة كبيرة. وتشكل التجمعات البشرية الكبيرة كالمهرجانات والمباريات الرياضية ومراكز التسوق والاحتفالات هدفاً لهذه العمليات الإرهابية، وهو ما يلقي بأعباء متزايدة على السلطات الأمنية.