فاجأتنا وسائل الإعلام قبل أيام قليلة من افتتاح المعرض الدولي السنوي “لو مارشيه” للأثاث، بإلغاء الموعد المقرر للافتتاح لأسباب أمنية، قبل الرجوع عن القرار بعد العودة إلى رئاسة الجمهورية وأخذ الموافقة للافتتاح في الموعد المقرر… وهنا تحضرني بعض الملاحظات التي لا أجد لها مبررا ما بين الإلغاء ثم العودة وما بينهما من رسائل عكسية كادت أن تلقي بظلالها على تنظيم مصر لمثل هذه الفعاليات، والتي بدأت بتنظيم مترهل لمهرجان القاهرة السينمائي ثم التخبط التنظيمي وعزوف الناشرين عن معرض القاهرة الدولي للكتاب القادم لأمور تنظيمية وقرارات متسرعة طالت وزارة الثقافة، وانتهاء بـ “لو مارشيه” الذي كان في مهب الريح حتى قبل أن يبدأ…
نرشح لك : د.أحمد ياسر يكتب : صحة المصريين ..مشروعًا قوميًا!
من المعلوم أن التحضير لمثل هذه المؤتمرات الدولية يتطلب العديد من الإجراءات من قبل الجهة المنظمة وأيضا من قبل العارضين، وما يتطلب من دعاية وإعلان وشحن وتجهيز ومصاريف كبيرة يتبارى بها العارضون لعرض أفضل ما لديهم، وكل ذلك لا يتم ما بين يوم وليلة ولكن يأخذ شهورا من الإعداد والترتيب، ولا أبالغ اذا قلت أن الإعداد يبدأ بمجرد نهاية المعرض السابق له… فهل من المعقول أن تأتي الجهة صاحبة القرار برأي الإلغاء قبل أيام قليلة من افتتاحه؟… هناك عارضون شحنوا معروضاتهم بالفعل من الداخل والخارج وهذا أمر ليس يسيرا على الإطلاق، من ناحية المال والجهد المبذول… وعندما تسأل عن السبب تكون الإجابة “أسباب أمنية”… وأنا هنا لا أجادل في “أمنية” القرار من عدمه فهو ليس اختصاصي، ولكن أجادل هنا في التوقيت… هل تفاجأنا أن هناك تهديدا أمنيا، أم أن هذا الأمر كان معلوما مسبقا؟… فإن كان التهديد مفاجئا، فلماذا عدلوا عن القرار عندما تم اللجوء لرئاسة الجمهورية، مما يعني ارتياحهم للوضع الأمني القائم؟ هذا بالتأكيد سوء تقدير للموقف الأمني ممن قرر إلغاءه في المقام الأول… وإن كان التهديد الأمني معلوما مسبقا ومنذ فترة، لماذا لم يُتخذ قرار آخر بتغيير مكان المعرض لمكان أكثر ملائمة، وبالمناسبة ليس لدينا أكثر من الأماكن اللائقة الغير مستغلة لإقامة مثل تلك المعارض؟…. إن الإلغاء -بإشعار قصير- كاد أن يكبد العارضين والجهة المنظمة أكثر من 250 مليون جنيها في وقت نعلم فيه جميعا قيمة الجنيه…
من جهة أخرى… ما هي الرسالة التي نريد إرسالها؟… هل هي رسالة ما لطارق نور وقناة القاهرة والناس، وكلنا يعلم الأسباب بغض النظر عن رأي الشخصي بالاتفاق أو الإختلاف؟… أم هي رسالة تخبط في اتخاذ القرار والعودة فيه بعد الرجوع للرئاسة؟ وهنا لدينا مشكلة تحميل كل الأمور -ما صغر منها وما كبر- على رئاسة الجمهورية، رغم ما نعلمه -أو لا نعلمه- عما لديها من أعباء وتحديات…. وسواء كانت الرسالة الأولى أم الثانية، لم تكن الرسائل موفقة على الإطلاق… لقد أرسلنا رسائل سلبية عن تحديات أمنية… رسائل سلبية عن مركزية القرار… ورسائل سلبية أخرى كثيرة تنعكس بشكل سلبي على المناخ العام وثقة المستثمرين وتتسبب في عزوفهم عن المشاركة في فعاليات تتنافس فيها الدول لاستضافتهم، ولنا من الأمثلة الكثير…
أرجو أن نعيد حساباتنا ونحمد الله أن التدارك قد تم في الوقت المناسب، وأرجو تدارك ما يتم الآن للترتيب لمعرض القاهرة الدولي للكتاب… وكفانا بقى “لو مارشيه علينا بكرة يا سيد”…!