حسين عثمان يكتب: إرهاب الإعلام

نقلاً عن جريدة الأموال

يستأسد البرلمان المصري هذه الأيام بزعامة رئيسه الدكتور علي عبد العال على الإعلام المصري، ممثلاً في الكاتب إبراهيم عيسى،وقناة القاهرة والناس التي يقدم عليها برنامجه اليومي، فقد جنب مجلس النواب الأسبوع الماضيملف الأولويات التشريعية والرقابية، وخصص وقته المفترض أنه ثميناًلمناقشة انتقادات إبراهيم عيسى الحادة والمتواصلة والمستمرة لأداء الدولة بشكل عام، وفي المقدمة منها مجلس النوابالمخيب أداؤه حتى الآن لآمالنا جميعاً، واعتبر عبد العال وبرلمانه أن انتقادات عيسى تمثل تجاوزات تعد بمثابة جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات، هكذا قولاً واحداً لرجل قانون قبل أن يكون رئيساً لمجلس النواب!!.. وزاد الطين بلة المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية حين صرح مؤكداً أن الحكومة ستتخذ موقفاً إدارياً حيال قناة القاهرة والناس!!.

أنا هنا لا أدافع عن شخص إبراهيم عيسى بقدر ما أناصر رسالة، فعندما تتحرك اثنتان من مؤسسات الدولة الثلاثة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبما تملكه من سلطات وأدوات مباشرة وغير مباشرة، ومعهما نواب ووزراء في مجملهم ليسوا إلا سامعين طائعين، عندما يتحرك هؤلاء لمواجهة شخص لا يملك إلا أن يقول كلمة، فاعلم أنه كفيل بهم، فقد اهتزوا جميعاً تحت وقع كلماته، وما هم بقادرين على ردها بالمثل، كما أنهم لن يستطيعوا ردعه، خاصة وأن التاريخ القريب يؤكد أنه دائماً يعود أقوى مهما غلقت أمامه النوافذ، فإن صعبت عليه الكلمة في فضائية أو إذاعة، ذهب ليقولها في جريدة، أو يهرول آخر المطاف ليكتب رواية يضمنها ما يريد أن يقوله في صياغة فنية يصعب على هؤلاء استيعابها، هذا إن قرأوها من الأساس.

وقفتي هذه دفاعاً عن مبدأ،فلن ننال يوماً مصاف الدول المتقدمة طالما انتهجنا طريق التفتيش في النوايا، وإساءة استخدام السلطة، والاستقواء بترسانة قوانين بالية، والاستعلاء عن تقبل النقد أياً كانت حدته، والعزوف عن رد الكلمة بالكلمة غروراً أو عجزاً، لقد هرمنا مؤكدين أن تكميم الأفواه وقصف الأقلام لن يمثلا يوماً الحل في مواجهة الكلمة، وإن كنتم تعبرون بالفعل عن الشعب المصري، وتحرصون على مصالحه، فأدوا دوركم التشريعي والرقابي بالأساس، وكلفوا لجنة الثقافة والإعلام بمجلسكم الموقر لتتصدر لمثل هذه القضايا الإعلامية، وليفوض رئيسها – الإعلامي أسامة هيكل – ليتحدث عن المجلس ويرد عنه إذا اقتضى الأمر،أو حاسبوا مثلاً الحكومة على تردي أوضاع ماسبيرو المفترض أن يكون لسان حال الدولة الرسمي، أم أنكم أسد على عيسى وعلى الحكومة نعامة؟!.