لاحت في الأجواء في الفترة القليلة الماضية موضوع المستشفيات التكاملية المهملة والتي تعتزم الحكومة الإستفادة منها بشكل أو بآخر بعد أن تركت بعضها مهملة لأكثر من 30 عاما وما يمثله هذا من إهدار للمال العام والإمكانيات المتاحة الغير مستغلة … ومع إتفاقي التام للضرورة الحتمية للاستفادة من هذه المستشفيات المهملة ومما لا شك فيه أيضا أن النوايا طيبة ولكن يبقى الكيف و آلية التنفيذ حتى لايكتشف غيرنا وبعد ثلاثون عاما أخرى أننا أهدرنا المال العام والإمكانيات مرة أخرى ونعيد الكرة في البحث عن حلول … وهنا والآن وفي ظل التحديات االإقتصادية التي تمر بها البلد فلا مجال الآن إلا لإتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح هذه المرة وكل مرة … فلم يعد هناك مجال للتجارب الآن … وإن كان بدا فلا بد من اشراك اصحاب الرؤى والخبرات بدءا من الحوار وحتى التنفيذ والمتابعة …
نرشح لك : د.أحمد ياسر يكتب : لو مارشيه علينا بكرة…!
وعلى الرغم من إتساع رقعة الحوار في هذا الأمر على شاشات الفضائيات وصفحات التواصل الإجتماعي وتحدث المختصون والغير مختصين في الأمر كالعادة … فإننا وحتى الآن لا نعرف ما هي نوايا الحكومة في هذا الأمر … ما هو الهدف … هل هي بحث عن موارد مالية في حالة البيع الكامل لسد عجز الموازنة … أم بحث عن سعة سريرية إضافية لخدمة غير القادرين …. ام مشاركة ما بين الحكومة والقطاع الخاص وتقديم الخدمة جزئيا لغير القادرين وبمقابل مادي للقادرين …. هل ستقدم خدمات الرعاية الأولية والثانوية أم ستقدم خدمات تخصصية متقدمة …. أسئلة كثيرة لابد من الإجابة عليها قبل اتخاذ القرار ولابد ان يصاحبها دراسة مستفيضة عن الوضع الحالي للصحة في مصر في الوقت الراهن والاحتياج الفعلي للمصريين …
ومع كامل الإحترام والتقدير لمتخذي القرار ولكنهم هم من عاصر معظمهم هذه الإنشاءات لفترات طويلة دون إتخاذ مايلزم في حينه لإصلاح ما تم إفساده ولو عن حسن نيّة أو يد مرتعشة … فهؤلاء لا نطلب منهم إصلاح ما كانوا شهودا على فساده … فتكرار التجارب بنفس العقول ونفس الخطوات لا تؤدي إلا إلى نفس النتائج … وكما أسلفت فلا مجال للتجارب الآن … نحتاج الى عقول متجددة و أفكار إبتكارية وحلول خارج الصندوق للاستفادة القصوى من هذه الموارد المتاحة …. لابد من عقد جلسة حوار تضم جميع المعنيين بالأمر سواءا من الوزارات المعنية كالصحة والمالية أو من العاملين بالقطاع الصحي من الحكومة والقطاع الخاص وهم كثر للحقيقة ولكن لا يسمع لهم أحدا … وإن سمعوا فعلى إستحياء لإستكمال الشكل العام للحوار المجتمعي …
ومن الآن اقولها … مهما كان القرار الذي سوف تتخذه الحكومة في هذا الصدد … سواءا بالبيع أو حق الإنتفاع أو المشاركة أو أي تصور آخر فليس لنا فيه شىئا ولكن النصيحة الإستشارية المبنية على دراسات وخبرات طويلة من كوادر ادارية طبية معروفة حتى على المستوى الدولي ولها إسهامات كبيرة في مصر والعديد من الدول المحيطة والتي مرت بتجارب مماثلة لما نمر به الآن … وإن كانت الخصخصة قرارا فلا يجب ان ننسى الغير قادرين الذين أنشأت من أجلهم هذه المستشفيات في يوم ما … وإن كان الحفاظ على هذه المستشفيات قرارا فلا بد من خصخصة إدارة هذه المستشفيات ولا مجال لتجارب تلو الأخرى ونتائج معروفة مسبقا نتحدث عنها مرة أخرى بعد 30 سنة تالية ويستمر منوال الحياة كما بدأه الأجداد من أكثر من 60 سنة أخرى ….