التواصل بين الأجيال مهمة صعبة تقع صعوبتها على الطرفين سواسية، فدائما الجيل الأكبر يقبع في مكانه مهتما بما وصل إليه، وبطموحاته المادية والمعنوية التي لم تتحقق بعد ويسعى إليها، ناسيا أن هناك جيلا أصغر يجب عليه أن يمد يديه له من أجل تحقيق التواصل والتنمية في كل مجال.
وفي نفس الوقت الجيل الأصغر دائما يشعر أنه مضطهد وأن لديه إمكانيات مهولة ولا يوجد من يستغلها، وأن الجيل الأكبر محتل لكل الفرص لا يريد ترك أي فرصة للصغار، وأنه – الجيل الأصغر- يمكنه أن يحقق المعجزات ولكن فقط إذا أخذ الفرصة، ناسيا أنه لا يقدم بعض الجهد أيضا للتواصل مع الجيل الأكبر.
نرشح لك : حسام عبد القادر يكتب: كيف تصبح عضوا بنقابة الصحفيين؟
وتظل الدائرة تدور بهذا الشكل، وهو ما يطلق عليه “صراع الأجيال” وهو مصطلح أرى أننا يجب أن نغيره، ونحوله إلى “تعاون الأجيال” خاصة أن هناك نماذج جيدة وقدوة حسنة تجاه التعاون بين الأجيال.
وفي مجال الإعلام يظهر هذا الصراع بشكل كبير وواضح خاصة أن البعض يظن أن مجال الإعلام هو كعكة واحدة وأن عليه أن يحتل أكبر مساحة منها، ولا يؤمن أن هناك كعكعات أخرى كثيرة يمكن أن يستمتع بها دون الخوض في صراعات وصدامات لا داعي لها، وبالتأكيد أن الأجيال الأصغر أو الناشئة في مجال الإعلام تعاني الأمرين حتى تستطيع أن تتعلق بفرصة وتستمر، فرغم وجود قسم أو أكثر للإعلام داخل كل محافظة حاليا وأعداد هائلة من المتخرجين إلا أن عدد الذين يلتحقون ويعملون في مجال الإعلام منهم لا يتعدى عشرة بالمائة تقريبا أو أقل، مما يجعلهم عرضة أيضا لعمليات نصب عديدة وواسعة وهذا ليس مجاله الآن.
في الإسكندرية، قرر كل من حاتم قناوي ووائل ثابت وهما إعلاميان واعدان الأول مراسل في قناة Dmc والثاني مراسل لقناة أون تي في وصحفي بجريدة البورصة، والاثنان استطاعا أن يثبتا قدميهما في مجال الإعلام بقوة، أن يطبقا فكرة تعاون الأجيال بدلا من صراعها.
قام الاثنان بإنشاء مبادرة حديثة بعنوان “ميديا شير” كل مهمتها أن تقوم بالتواصل بين الأجيال المختلفة في مجال الإعلام، من خلال عرض تجارب لنجوم في مجال الإعلام أمام الشباب خاصة الطلبة الذين ما زالوا يتلمسون خطواتهم الأولى في قسم الإعلام أو كلية الإعلام.
استطاع قناوي وثابت أن ينظما ثلاثة لقاءات في وقت قليل الأول مع عمرو خليل مقدم برامج في سي بي سي، ومحمد الدسوقي رشدي مقدم برنامج قصر الكلام على فضائية النهار، ومحمد عبده بدوي مقدم برنامج صباح أون.
استغل الاثنان علاقتهما بإعلاميين بارزين وقاما بكسر الحاجز بين الشباب والكبار، وأيضا تعزيز قدرات شباب وطلبة الإعلام.
وإذا نظرنا إلى اسم المبادرة فقد استخدما كلمة “شير” وهي كلمة خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي وقد تكون شهرتها جاءت من خلال الفيس بوك، وتعني مشاركة مع آخرين، وهو إن دل فإنما يدل على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الكبير على الإعلام، حتى أنها فرضت نفسها على أسماء المبادرات الإعلامية.
وأحد هذه اللقاءات كان داخل كلية الإعلام بجامعة فاروس، والفكرة أنهم ذهبوا للطلبة داخل كليتهم بدلا من انتظار حضورهم في قاعة للندوات، وأظن أنهم سيكررون ذلك داخل جامعة الإسكندرية.
هذه تجربة مهمة للتواصل بين الأجيال لا الصراع بينها، نتمنى لها أن تستمر وتزدهر، وأن نرى تجارب أخرى غيرها في جميع المجالات.