إن تنظيم داعش يعتمد كثيرا على الإعلام ويسميه بـ “بالجهاد الإعلامي” في معركته مثل بقية أنواع “الجهاد” المتعددة، ويكثّف حملاته الإعلامية، التي فاقت تنظيم “القاعدة” وغيره من التنظيمات “الجهادية”، بكفاءة الإعلام وسرعة إيصال الرسائل ونوعية خطابه الإعلامي باستخدام التقنية الحديثة، رغم أنه يطلب من مجتمعاته العودة إلى الحياة الإسلامية في صدر الإسلام.
وتتمثل خطورة تنظيم داعش في أن معظم مقاتليه من الشباب الذين ولدوا في عصر الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجيدون التعامل مع هذه الأدوات، وخاصةً أن بعضهم من مسلمي أوروبا والمهمشين فيها، والذين يريدون تقويض الحضارة الغربية بأدواتها التكنولوجية نفسها.
إننا أمام جيل جديد من الإرهابيين الذين يتسترون تحت عباءة الإسلام، وإذا صح التعبير فنحن أمام ظاهرة الإرهاب في عصر مابعد الحداثة، الذي لم يعد يعتمد على الأساليب التقليدية في الحشد والتجنيد وجذب المتعاطفين، مثل تلك الحناجر التي كانت تجأر لمناصرة المشروع الإسلامي على منابر المساجد وفي المليونيات القندهارية، وفيديوهات الجزيرة مباشر من تورا بورا بجبال وكهوف أفغانستان، حيث كان يقيم أسامة بن لادن ورفيقه محمد الظواهري وقبيلُهما.
لقد نجح تنظيم داعش في ضم الشباب للانضمام إليه في كل من العراق وسوريا، ليس فقط من بعض الدول العربية، وإنما أيضا من بعض الدول الآسيوية والأوربية، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب انجذاب بعض الشباب إلى التنظيم، إذ لم تعد تلك النوعية من التنظيمات تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية، والمشكلات الاجتماعية، وتدني مستوى التعليم لضم أعضاء جدد إليها فحسب، بل إنها طورت آليات جديدة لتحقيق ذلك، بشكل ربما يفرض تحديات ليست هينة أمام الدول التي ينضم بعض مواطنيها إلى هذه التنظيمات، خاصة بعد عودتهم المحتملة إليها من جديد.
وتتمثل آليات تجنيد تنظيم داعش للشباب للانضمام إلى صفوفه في جذب الشباب بالأدوات التكنولوجية الحديثة والألعاب الإلكترونية والملابس التي تحمل شعار التنظيم، وتطبيقات التليفون المحمول التي تروج له والأفلام الوثائقية، وتنشئة الأطفال على قيم الجهاد والقتال وتفجير النفس، وتوظيف آلية التجنيد الإلكتروني عبر مواقع الإنترنت والمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي، علاوة على الدور الذي تمارسه جماعة الإخوان في ضخ المتطوعين من الشباب إلى تركيا للتدريب، ومن ثم نقلهم إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف التنظيم.
وقد رصدنا في دراسة أجريناها مؤخرا أن الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم داعش تتضمن عدداً من الخطوط العريضة أهمها: امتلاك هيكل تنظيمي للإعلام يدير وسائل إعلامية فاعلة، وامتلاك التنظيم لقدرات تكنولوجية متقدمة، وتوظيف الإعلام لنشر فكر التنظيم وترديد مفاهيمه ومطلحاته وعملياته البشعة من قتل وحرق وتفجير وقطع الرؤوس، وتبني خطاب إعلامي مغاير يختلف تماما عن الطريقة التقليدية للتنظيمات “الجهادية”، والذي يقوم على أساس التحرك الميداني على الأرض وعلى شبكة الإنترنت أكثر من طروحات فكرية من قبل المشايخ التي اعتاد عليها تنظيم القاعدة، وبراعة التنظيم في خوض حروب الإنترنت والشبكات الاجتماعية والهاشتاج.
وقد اقترحنا بعض الآليات التي نراها فاعلة في مواجهة الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم داعش أهمها ضرورة تفكيك البنية الاتصالية والإعلامية للتنظيم، وعدم الوقوع في فخ الترويج الإعلامي له، وتبني استرتيجية للمواجهة الإلكترونية للتنظيم من خلال تدشين مواقع إلكترونية لمواجهة فكر التنظيم وإطلاق “كتائب الحق” من الدعاة الشباب المستنيرين لمواجهة “كتائب الباطل” الداعشية على شبكات التواصل الاجتماعي، وإنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية إسلامية بلغات مختلفة موجهة لأوربا لنشر الفكر الإسلامي الوسطي ومحاربة الفكر المتطرف، علاوة على التنسيق مع الدول الأوربية لإحلال الفكر الديني الوسطي محل نظيره المتطرف وخاصة في المراكز الإسلامية المنتشرة في تلك الدول، وهو ما نعتقد أنه بدأ بالفعل أثناء الجلسة المغلقة بين الرئيسين المصري والفرنسي على هامش تقديم واجب العزاء في العاهل السعودي، ولقاء الرئيسين بعد هذه الجلسة بشيخ الأزهر.
نقلا عن “البوابة نيوز”
إقرأ ايضا
صفحة منسوبة لميدو تطالب بإعدام مرتضى منصور
الوصايا الثمانية لتصبح مذيعًا إخوانيًا
مرتضي منصور يعرض الإبراشي للانتقاد ويجمد عضوية 3 صحفيين
15 صورة للشبان المسلمين ضحية التعصب في أمريكا
والد ياسمينا: تصريحاتي عن أحلام أسئ فهمها
باسم يوسف عن رحيل جون ستيوارت: كتر خيره
الإعلام الغربي يتجاهل دماء الشبان المسلمين في مذبحة كارولينا
الروس يكشفون فشل الموسيقي الرئاسية في عزف السلام الوطني