فزورة نيللي التي لم يحلها أحد

facebook فيس

قال لها صلاح جاهين حين شاهدها في الفوازير : ” عالجتيني من الإكتئاب ” .. بعدها طلب أن يكتب لها فوازيرها الجديدة فأبدع لها ولنا (عروستي , 1980 ) ثم (الخاطبة, 81)..

 

بمعايير الزمن ستشعر الآن عند مشاهدتها بأن الإمكانيات بسيطة و الخدع بدائية .. و بمعايير الإبداع ستدرك أن نيللي هي الفزورة الأجمل والأعجب .. لن تعرف بالتحديد لماذا ستعالجك بالبهجة مثلما قال جاهين وهل الحل الأكثر دقة هو جمالها الأخاذ , صوتها الشجي , روحها العذبة , أم قدراتها التعبيرية و الحركية الفائقة .. اجتهادي الشخصي يقول أن كل ماسبق بقيادة حس مرهف يدير كالمايسترو كل تلك الهِبَات هو ما شكل من نيللي فزروة كبرى ليس لها حل محدد ..

عدة عوامل ساهمت بالطبع في نجاح تلك الفوازير على الأخص ، عبقرية البساطة في أفكار و صياغة صلاح جاهين ، الموهبة الخلاقة في رؤية فهمي عبد الحميد ومزجه لأول مرة بين الاستعراض والكرتون والخدع ، لكن السر الأكبر ظل سحر وحضور نيللي

تترات و حلقات عروستي أو الخاطبة ستستمتع فيها أيضا برشاقة موسيقية عذبه لحلمي بكر و تصميم حركي مبدع لحسن عفيفي بالإضافة لجودة عدة عناصر مثل الملابس و المونتاج وهو ما يفسر قدرة حلقات تم تنفيذها بإمكانيات 37 عاما مضت على إمتاعنا حتى اليوم ليس فقط من باب النوستالجيا والحنين إلى الماضي

فزورة نيللي بالتحديد ستزداد صعوبة إذا ما استعرضنا تاريخ الفوازير المزدحم بأسماء العديد من الفنانات اللواتي كان من بينهن متخصصات في الرقص الشرقي ,الغناء , الباليه وبرغم ذلك فإن نتيجة واحدة  جمعتهن -باستثناء شريهان -هي  : لم ينجح أحد!

ربما لم يدركن أن الاستعراض ليس مجرد رقص أو  (استعراض )للفساتين الغريبة .. وإنما طاقة متفجرة وحس مرهف .. قدرة متفردة على الإبهار كما عرفه أحد عباقرته يوسف شاهين.. بقدر صعوبته و زخم تفاصيله بقدر إمتاعه و تأثيره

راجع مثلا أفلام فريد استر و مارك ساندريتش و والت ديزني وبازبي بيركلي ، اختر نماذج من أشهر الأفلام الاستعراضية بدء ب (هوبي) مرورا ب (سيدتي الجميلة ) , (شيكاجو) وصولا إلى (لالا لاند ) ستتأكد حينها أن الاستعراض الذي يحرضك على الرقص فور انتهاء الفيلم قبل خروجك من قاعة السينما مختلف تماما عن مشاهد رقصات الكباريهات و الأفراح المحشورة على طريقة السينما المصرية في صناعة الفيلم الاستعراضي ، ذلك التصنيف الذي لا تستحقة بالفعل سوى أفلام معدودة للغاية منها (غرام في الكرنك) و (مولد يادنيا)

باستثناء نعيمة عاكف التي كانت جديرة بأعمال مكثفة تبروز قدراتها الاستعراضية الكبيرة سنجد أن نيللي هي أول فنانة عربية تقدم الاستعراض بوضوح وتنوع بل و بمفهومه العلمي ليس فقط بسبب امتلاكها لأدواته بالكامل بل لجدية و شغف حقيقي أعطته لهذا الفن من حيث التدريبات لفترات تجاوزت 7 أشهر قبل رمضان و سفرها إلى أوروبا لتصميم و تصنيع الأزياء على نفقتها الخاصة التي كانت تبلغ تكلفتها أضعاف أجرها

ضحت نيللي أيضا ببريق السينما و سحرها متنازلة عن العديد من البطولات لما تتطلبه الفوازير من تحضيرات شاقة وطويلة لم تمنعها من تقديمها على مدى 12 عاما بدأتها ب(صورة و فزورة ) عام 75 مع المخرج المبدع فهمي عبد الحميد الذي حققت معه نجاحا ساحقا أسفر عن تكرار التعاون بينهما 7 سنوات متتالية

عام 85 أبدعت نيللي أكثر من أوبريت استعراضي من تأليف جاهين مثل (الأسانسير), (التورته) و (اللعبة) الذي أخرجه رحمي ولعبت هي بطولته وصممت استعراضاته كواحد من أجمل أوبريتات الأطفال الغنائية التي مزجت بين فنون الإستعراض و العرائس و السيرك .

 

 

كما قدمت أيضا مجموعة من أجمل أغاني الأطفال التي حققت نجاحا كبيرا مثل ( فراشة مزقططة) تأليف سيد حجاب لحن عمار الشريعي .

 

 

سنة 90 فوجئ الجمهور المصري و العربي بنجمتهم الرائعة تعود إلى دنيا الفوازير بكامل لياقتها وتوهجها مع المبدع الراحل عبد السلام أمين الذي كتب لها (عالم ورق) من إخراج جمال عبد الحميد (عجايب صندوق الدنيا ,91) ,( أم العريف,92) ,(الدنيا لعبة, 94) للمخرج محمد عبد النبي

 

 

لتختتم رمضانياتها الفاتنة بحلقات( زي النهاردة)  لأشرف لولي عام95

 

 

كنجمة سينمائية أبدعت نيللي في أكثر من 80 فيلم تقمصت من خلالهم مجموعة من الأدوار المتنوعة التي أدتها برهافة حس بالغة أشاد بها العملاق محمود مرسي بعد انتهاء أحد مشاهدها معه في فيلم (الشحات ,73 ) مؤكدا لها أمام الحاضرين أنها ممثلة رائعة ..
كما ظل عبد الحليم حافظ يصرح مرارا بأمنيته في أن تكون بطلة أحد أفلامه و اختارها بالفعل لتشاركه بطولة مسلسله الإذاعي الوحيد (أرجوك لا تفهمني بسرعة) قبل أن يذهب الدور إلى القديرة نجلاء فتحي
وهو ما لم يمنع توطد صداقته بها وزيارتها بانتظام في كواليس مسرحيتها (كباريه ,74 ) قبل أن يكتشف قدراتها الخاصة في قراءة الفنجان ..

 

https://www.youtube.com/watch?v=l7O8KMxq8Nk

 

قدمت نيللي الكوميديا في أفلام (المراهقة الصغيرة ,66) لمحمود ذو الفقار ( دلع البنات ,69) لحسن الصيفي (صباح الخير يازوجتي العزيزة ,69 )لعبد المنعم شكري

كما لعبت أدوار بنت البلد في  عدة أفلام مثل (دندش, 81) ليحي العلمي , و أيضا الأدوار المركبة التي كان أبرزها في فيلم (الوهم ,79) لنادر جلال بالإضافة إلى أدوارهاالرومانسية في (طائر الليل الحزين ,77 ) ليحي العلمي (الغول,83 ) لسمير سيف , (أنا وانت وساعات السفر, 88) لمحمد نبيه .

في المسرح أمام فريد شوقي كانت نيللي هي (الدلوعة) التي أحدثت في (سوق الحلاوة)  أكثر من (إنقلاب) .. تلك المسرحية التي كانت انقلابا حقيقيا في المسرح المصري ومزيجا غير مسبوق بين الأوبرا الغنائية والاستعراض و الخدع السينمائية  التي أخرجها القدير جلال الشرقاوي  .

نافست نيللي بألقها وحضورها في الفوازير هلال رمضان ، تماما كما نافست بشدوها (هات أحلامنا يابابا نويل) عصافير أشجار الكريسماس ، بدت دوما وجه أعيادنا المبتهج حتى أصبحت طلتها عيدا جديد ، وإن كنت أتمنى أن يسألها بابا نويل عن أحلام شبابنا التي غابت عنها لسنوات طويلة علّها تطل علينا في العام الجديد

 

 

أما هي فلا زالت حتى اليوم في ذكرى ميلادها قِبلة لزهور العَبّاد والفراشات المزَقططة .. فزورة لم يحلها أحد

عنها :

  • في 3 يناير ولدت نيللي لأسرة فنية، فهى الشقيقة الصغرى للفنانة فيروز (الطفلة المعجزة)، كما تربطها صلة قرابة بالفنانة القديرة لبلبة.
  • بالإضافة للسينما والفوازير قدمت نيللي أكثر من 11 مسلسل و 9 مسرحيات.
  • حصلت على عشرات الجوائز والتكريمات في مصر والعالم العربي تتويجا لمشوارها الفني الحافل.