فاتن الوكيل
أن يعود الدكتور محمد البرادعي بكل ما يحيط بالإسم من جدل للشاشة من جديد ويخرج من حيز تويتر الضيق فالأمر يستحق الإنتباه بكل تأكيد، لكن العودة هذه المرة تحيط بها علامات استفهام لا حصر لها ربما تجيب أو لا تجيب عنها الحلقات الخمس من الحوار الممتد الذي سيطل من خلاله عبر شبكة تلفزيون العربي حيث تنطلق الحلقة الأولى مساء السبت المقبل الموافق 7 يناير 2017 .
“ربما لا تجيب” لأن البرادعي كالعادة ومنذ ظهر في الحياة السياسية المصرية عام 2009 اعتاد دائما على الترويج للأفكار المطلقة دون برنامج تنفيذي حقيقي، وجاء استخدامه المفرط لتويتر ليزيد من أزمة تلك الأفكار، فبات الناس سواء المؤيدين له وهم يتناقصون بشدة أو المعارضين أو حتى غير المهتمين، يتعاملون مع عباراته بشكل مجزأ، ويطالبونه بشرح نادرا ما يكون مستعدا لتوفيره .
1- لماذا اختار البرادعي قناة غير معروفة في مصر وتتعرض لهجوم دائم من دوائر سياسية وإعلامية مصرية للظهور عبرها، هل يعكس ذلك انفصال البرادعي المستمر عن ما يجري داخل المجتمع المصري أو على الأقل القطاع المهتم بالسياسة وهل لم تكن أمامه أي عروض من قنوات إخبارية عالمية أخرى للظهور، أو على الأقل بث الحوار بشكل مستقل عبر يوتيوب وفي كل الأحوال كان سيحقق نفس الإنتشار؟
2- ما هو رد د.محمد البرادعي لو جاءه عبر تويتر سؤالا بهذا النص ” لماذا تطل عبر قناة معروف للجميع أنها ممولة من قطر؟”.
3- القامة السياسية الكبيرة التي يمثلها البرادعي لما استسلم لستايل برنامج ” وفي رواية أخرى” الذي اعتاد عبر 3 سنوات تقديم ضيوفه في حوارات على شكل أجزاء، هل يليق بالبرادعي أن يطل في شكل أقرب لمسلسلات الحلقات الأسبوعية، وهل وصل له تعليق يصف الحوار بـ “ليالي البرادعي” بينما المعتاد أن يظهر في حلقة واحدة سواء مباشرة أو مسجلة ومن خلال حوار سياسي يعلق على الشأن الراهن .
4- هل وافق البرادعي على أن تكون إطلاق أول حلقة تحديدا بالتزامن مع عيد الميلاد المجيد في مصر أم ترك للقناة حرية اختيار التوقيت؟
5- هل لاحظ البرادعي أن القناة تنفق ميزانية ضخمة على الترويج للحوار الخماسي بشكل يؤكد أن القناة هي التي استفادت من موافقة البرادعي وليس العكس؟
6- ما دلالة كون البرنامج نفسه استضاف من قبل كل من عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية وأيمن نور المعارض المقيم في الخارج، وكذلك علي العريض القيادي بجبهة النهضة الإخوانية ي تونس، وما تفسير كون كل تلك الحوارات لم تحقق أي تأثير وقت عرضها ولاتزال مشاهدتها عبر الإنترنت ضعيفة رغم مرور فترة طويلة على عرضها .
7- البرومو الرسمي للحلقة الأولى ظهر من خلاله أن البرادعي سيقيم نظام ثورة يوليو ويتكلم عن نكسة67 واتفاقية كامب دافيد، فهل قرر البرادعي أن يظهر باعتباره محلل سياسي، وما الجديد الذي سيقوله عن رأيه في هذه الأحداث ولماذا الآن ومتي إذن سيتكلم عن شهادته حول ما جرى في السنوات الأخيرة وهي الشهادة المنشورة بالفعل .
8- لماذا وافق البرادعي على الظهور مع المذيع خالد الغرابلي غير المعروف للجمهور المصري؟
9- أن يظهر البراداعي على شاشة قناة مدعومة قطريا، فهل هي رسالة صريحة لقطر أنه لا يحمل تجاهها موقفا عدائيا مثل الموقف الرسمي المصري؟، وبالتالي فهي رسالة لقطر تحمل بعض الاستفزاز “المقصود” للدولة في مصر؟.
10- هل يُكرر الإعلام المصري ذات الخطأ الذي ارتكبه قبل عرض فيلم “العساكر” على شاشة الجزيرة، بعد أن دخل ممثلوه في عراك إعلامي مع القناة وصل إلى الحد السب، وفي النهاية أجمعوا على أن الفيلم مجرد “فنكوش”. فهل يتعلم الإعلام المصري من الخطأ السابق، وأن يترك الأمور تسير والحوار يمر، فربما يكون هو الآخر على غير ما يتوقعه البعض؟
11- هل التوقيت مرتبط بان البرادعي كما نشط على تويتر قبل المظاهرات المزعومة في 11 -11-2016، يستهدف أن لا يمر يناير بهدوء في مصر، أم أنه لم يضع كل الآثار الجانبية للتوقيت في الإعتبار من الأساس؟
12- الشكل الذي ظهر عليه البرادعي في برومو البرنامج، وكأنه نجما سينمائيا، مع استخدام موسيقى تشويقية مثل التي نجدها في أفلام “الأكشن”، هل يدل على أن الحوار سيكون لصالح الدكتور الحاصل على نوبل؟ هل نجد حوارا يحاول تقديم البرادعي في صورة جديدة للمواطن المصري؟ أم أنه إعلانا عن أن هذه الشخصية مرحبا بها في القناة المدعومة قطريا، وبالتالي لن يكون الحوار صداميا وناقدا لسياسيات البرادعي، على قدر كونه متبنيا لوجه نظره؟.
13- “البرادعي يتحدث” ظهر هذا الشعار الذي استخدم للترويج إلى الحلقات خلال البرومو على هيئة “هاشتاج”، لكن اختيار هذا الشعار، هل المراد منه أن إيصال رسالة وكأن “البرادعي يُدلي بأقواله” ليتحول البرومو إلى “ترهيب” بعض الشيء لخصوم البرادعي أكثر منه الإعلان عن حلقات مميزة لبرنامج حواري؟
14- استخدام القناة لمقتطفات من برامج التوك شو المصرية التي عرفت بشن حملات هجوم “مسبقة” على مثل هذا النوع من الحوارات هل يُفهم منه أن القناة ترغب في استثارة غضب هؤلاء لتدفعهم دفعا إلى سبها وبالتالي ضمان انتشار الحلقة على أوسع نطاق، مثلما حدث مع فيلم “العساكر”؟.
15- أخيرا ملاحظة قد تبدو شكلية، لكنها لافتة للنظر، حيث ظهر البرادعي في الصورة الترويجية للبرومو الحلقات وهو بملابس بعيدة تماما عن الرسمية، ومن الواضح أن الحوار لن يكون داخل استوديو، فهل كان للقناة رأيا في أن يظهر البرادعي أكثر “عادية” ليكون قريبا إلى الجمهور المصري، الذي طالما اتهمه بالبعد عن واقع الشارع والاكتفاء بالمعارضة من الخارج؟.