الحمد لله تحققت كل الأهداف سواء تلك التى أرادها أو لم يردها جهاز حماية المنافسة والإحتكار بقراره الخاص بإحالة عيسى حياتو رئيس الإتحاد الأفريقى لكرة القدم للنيابة العامة .. فقد أصبح كثيرون فى مصر يعرفون بعد هذا القرار أول أمس أن فى بلادهم جهازا يحمى المنافسة ويمنع الإحتكار ويحمى حقوق المستهلكين .
كما أن الدكتورة منى الجرف التى تدير هذا الجهاز باتت صورتها متداولة فى كافة الوسائل الإعلامية وجرى اسمها على ألسنة الجميع .. وأهداف أخرى كثيرة تحقتت نتيجة هذا القرار لكن ليس من بينها للأسف الهدف الحقيقى والمشروع وهو كشف سوء وفساد ممارسات سواء عيسى حياتو والإتحاد الأفريقى لكرة القدم أو شركة لا جاردير سبورتس وشبكة بى إن سبورت القطرية التى باتت تملك حقوق البث التليفزيونى لكل البطولات الكروية الأفريقية .. ولست هنا أدافع عن حياتو واتحاده أو الشبكة التليفزيونية القطرية وبالتأكيد أحترم نوايا ومحاولات منى الجرف وجهازها وكل من يريد استعادة مصر لحقوقها الكروية التليفزيونية.
لكن الذى جرى أول أمس لم يكن يعنى إلا خوض الحرب الصحيحة بالسلاح الغلط .. فأن يقرر جهاز حماية المنافسة تحويل عيسى حياتو للنيابة العامة واستصدار أمر قضائى بضبطه وإحضاره .. هو أمر أقرب للنكتة والبحث عن قليل من المرح وسط كآبة الواقع أو مزيد من الشهرة الزائفة التى أضرارها أكثر وأكبر من منافعها .. فقد أصبحنا بالفعل مثار اهتمام العالم وسخرية الكثيرين فيه بعدما قررنا أننا فى مصر سنقبض على عيسى حياتو فور أن يراه أى مخبر شرطة أو ضابط مباحث .. ومن المؤسف أننا مارسنا نفس المنهج والأسلوب الذى لا نملك غيره فى كل حروبنا وقضايانا سواء كانت سياسية واقتصادية أو رياضية أيضا .. أن نكتفى بانتصاراتنا فى مدينة الإنتاج الإعلامى على أطراف القاهرة أو مطابع الصحافة وأوراقها المحلية .
فطيلة اليومين الماضيين وانتصاراتنا المحلية تتوالى ما بين الإعجاب بجهازنا لمنع الإحتمار والإشادة بحكمة وقوة وشجاعة وذكاء منى الجرف وفرش الملاءات الإعلامية لعيسى حياتو والإتحاد الأفريقى وبى إن سبورت .. ولا يعنينا فى المقابل ما جرى أو سيجرى بالفعل على الأرض .. هل أصيب حياتو بالرعب وبدأ يحاول استرضاء المصريين الغاضبين .
هل قررت بى إن سبورت مراجعة سياساتها ومنح المصريين أخيرا حقوقهم التليفزيونية الكروية .. ومن المؤكد أن لم ولن يحدث أى شىء طالما بقى ودام إصرارنا على خوض الحروب بمثل هذه السذاجة والأسلحة الفاسدة .. فحين قررت إنجلترا خوض حربها ضد بلاتر وفساد الفيفا .. قامت جريدة الصانداى تايمز بجمع كل المعلومات والأوراق والأدلة التى تثبت هذا الفساد وتجبر أصحابه على الإستقالة أو تجبر الشرطة على القبض عليهم بأحكام قضائية تستند إلى أرقام وحقائق مؤكدة .
وكل الذين كانوا مثلنا وكسبوا حروبهم كانت ساحات صراعهم هى إما محكمة العدل الأوروبية أو المحكمة الرياضية الدولية أو الإعلام العالمى .. وهو ما لم نفكر فيه وربما لا نريده أيضا رغم يقيننا بأنه لن يكفى مطلقا أن نصرخ نحن فى القاهرة ونتهم حياتو بالفساد أو بى إن سبورت بالإحتكار