محمد فوزي – نقلًا عن موقع كورة
تبدو قصة حماده طلبة مع كرة القدم أشبه بالروايات الملحمية المليئة بالتقلبات الدرامية المفاجئة التى تتلاعب بمشاعر القارئ خلال لحظات انتصار أو انكسار بطل الرواية .
فالفتى البورسعيدى المولد والنشأة بدأ حياته مع كرة القدم فى صفوف الناشئين بفريق المريخ البورسعيدى حتى قام مدرب المريخ وقتها الكابتن ميمى عبد الرازق بتصعيده للفريق الأول للفريق موسم 99-2000 ليلعب 7 مواسم فى دورى الدرجة الثانية المصرى تنوعت خلالها مراكزه بين المدافع الأيمن والجناح الأيمن ولاعب الوسط المدافع .
حتى ابتسم له الحظ وانتقل إلى فريق أسمنت السويس موسم 2006-2007 ليشارك فى الدورى المصرى الممتاز بعد اقتناع مدرب الفريق وقتها كابتن طارق يحيى بامكانياته وتوظيفه فى مركز الجناح الأيمن أو المهاجم الصريح أحيانا استغلالا لسرعته وقوته الجسمانية فى احراز العديد من الأهداف ولكن أسمنت السويس يهبط إلى دورى الدرجة الثانية بعد موسمين ليبتعد حماده طلبة عن دورى الأضواء من جديد .
وبعد صعود فريق سموحه إلى الدورى الممتاز موسم 2010 – 2011 عاد حماده طلبه إلى مكتشفه الأول الكابتن ميمى عبد الرازق مدرب سموحه فى ذلك الوقت الذى حرص على الاستفادة من قدرات طلبه فى أول مواسم الفريق السكندرى بالدورى الممتاز وقام بتوظيفه فى مركز لاعب الوسط المدافع فى تجربة لم تستمر سوى موسم واحد ليعود بعدها حماده طلبة إلى أحضان طارق يحيى مرة أخرى ولكن هذه المرة مدافعا عن ألوان مصر المقاصة لمدة موسم واحد ايضا لتبقى انتقالات حماده طلبه لمدة 13 عاما من 1999 إلى 2012 تدور بين فلكى اثنين فقط من المدربين هما ميمى عبد الرازق وطارق يحيى.
وجاءت اللحظة الفارقة فى حياة اللاعب المجتهد وهى الانتقال إلى نادى الزمالك على سبيل الاعارة موسم 2012- 2013 تحت القيادة الفنية للمعلم حسن شحاته الذى وظفه كلاعب بديل للمدافعين أو لاعبى الوسط وعلى الرغم من اشتراكه فى مباريات قليلة خلال هذا الموسم الإ إن قدرته على اللعب فى العديد من المراكز جعلت الزمالك فى الموسم التالى يحول الاعارة إلى تعاقد نهائى لمدة 3 مواسم تألق طلبة خلالها بالقميص الأبيض وحصد معه 5 بطولات واحدة للدورى وأربعة لكأس مصر وخلال رحلته مع الفارس الأبيض كانت هناك بعض المحطات الفارقة أبرزها إصرار حسام حسن مدرب الزمالك فى بداية موسم 2014 – 2015 على بقاء حماده طلبة وقيده فى القائمة واصفا إياه بالاعب الجوكر على الرغم من رغبة إدارة النادى بالاستغناء عنه فى ذلك الوقت .
بقى حماده طلبه ولكن حسام حسن نفسه تمت إقالته من تدريب الزمالك وأتى بعده باتشيكو ثم محمد صلاح ثم البرتغالى فيريرا الذى أحدث الفارق فى اداء الزمالك بصفة عامة وحماده طلبة بصفة خاصة .
مع فيريرا كانت أسعد لحظات حماده طلبة الكروية حيث وظفه العجوز البرتغالى فى مركز المدافع الأيسر وطور من مستواه لنجد حماده طلبة لأول مرة يستخدم قدمه اليسرى ويقوم بواجبات هجومية فضلا عن التزامه الدفاعى المعهود .
التألق اللافت مع الزمالك واصابة محمد عبد الشافى جعلت حماده طلبة يجد مكانا فى تشكيلة المنتخب الوطنى ويلعب طلبة أولى مبارياته الدولية الرسمية أمام نيجيريا فى 25 مارس 2016 وعمره 34 عام 10أشهر و7 أيام ليصبح اللاعب صاحب السن الأكبر فى مباراته الدولية الأولى مع المنتخب المصرى .
هذه المباراة تحديدا أمام المنتخب النيجيرى بمدينة كادونا شهدت أبرز اللقطات فى مسيرة حماده طلبة الكروية أو الماستر سين بلغة أهل السينما عندما كانت النتيجة تقدم النسور بهدف للاشئ وانطلق فيكتور موسيس كالسهم مخترقا الدفاع المصرى تاركا أحمد حجازى وعمر جابر ورامى ربيعة يسلمون أمرهم لتصاريف القدر ومتجاوزا الحارس أحمد الشناوى الذى تركه يمر خوفا من احتساب ضربة جزاء لينفرد موسيس بالمرمى الخالى وينتظر الجميع اهتزاز الشباك والاعلان رسميا عن غياب منتخب مصر عن نهائيات أمم افريقيا للمرة
الرابعة على التوالي .
ولكن لاعب واحد فى صفوف الفراعنة رفض الاستسلام لهذا الواقع المؤلم وركض بسرعة فائقة لا تتناسب مع عمره وتفوق سرعة العدائين العالميين فى سباقات ألعاب القوى ليلحق بالكرة قبل أن تتجاوز خط المرمى ليحافظ على أمال مصر فى التواجد بأمم افريقيا وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك بفضل هذه اللقطة الاعجازية من لاعب مجتهد لم يدعى إنه يمتلك مهارة فائقة أو موهبة خارقة ولكنه جعل من الالتزام والقوة والسرعة
والصبر مؤهلات تفوق المهارة والموهبة فى تأثيرها .
بعد تطفيش فيريرا من الزمالك تناوب على الزمالك العديد من المدربين كلهم أجمعوا على أهمية حماده طلبة وكلهم أشركوه أساسيا الا إنهم لم يستطيعوا منع رئيس النادى من التفريط فيه بحجة استقدام اللاعب محمد مجدى من صفوف المصرى البورسعيدى .
وهو الخطأ الفادح الذى تسبب فى ضياع بطولة افريقية كانت قريبة للغاية من نادى الزمالك نظراً لأن الزمالك خاض الأدوار النهائية من البطولة بخمسة عشر لاعبا منهم 3 حراس مرمى وبنقص واضح فى أعداد المدافعين وكان حماده طلبة هو الحل الوحيد لهذا المأزق لأن وجوده كان سيرفع عدد اللاعبين المتوفرين إلى 18 لاعب لاجادته فى جميع مراكز الدفاع وقدرته على اللعب كمدافع أيمن أو أيسر أو قلب دفاع ومن يتذكر معى معاناة دفاع الزمالك فى مواجهتى الوداد وصن داونز سيدرك قيمة حماده طلبة وفداحة خطأ الاستغناء
عنه فى هذا التوقيت .
كل السطور السابقة ما هى الا محاولة بسيطة لتقديم الشكر لهذا اللاعب الملتزم فى وقت صعب يمر به بعد فسخ تعاقده مع النادى المصرى بالتراضى واقتراب انتقاله إلى مصر المقاصة وكذلك استبعاده من القائمة النهائية لمنتخب مصر التى أعلنها هيكتور كوبر للمشاركة فى أمم افريقيا بالجابون . ليغيب طلبة عن الحدث الكبير بعد أن كان صاحب الفضل الأكبر فى تواجد منتخب مصر فيه وبعد أن حافظ لهيكتور كوبر على منصبه كمدرب للمنتخب المصرى وبعد أن أنعش سوق الاعلانات المصرى والعربى باعلانات المساندة للمنتخب المصرى الأمر الذى ينعش أيضا خزينة القنوات التليفزيونية المصرية والعربية
عزيزى حماده طلبة شكرا جزيلا لك .