نقلا عن المصري اليوم
اختصر كثيرون مباراة مصر وتونس الودية التى أقيمت أول أمس فى صورة علاء وجمال مبارك وهما فى مدرجات استاد القاهرة لتشجيع منتخب مصر.. لم يعد هناك من هؤلاء الكثيرين من يتحدث عن المباراة نفسها التى كانت ختام استعدادات مصر قبل السفر إلى الجابون للمشاركة فى نهائيات أمم أفريقيا.. الحديث كله أصبح عن علاء وجمال مبارك..
حتى الذين لم يشاهدوا المباراة ولا تعنيهم كرة القدم من الأصل قرر كثيرون منهم النزول بسرعة إلى بحر التعليقات والصراخ والصخب والاختلاف والجدل بشأن اثنين من المصريين قررا مثل عشرين ألف مصرى غيرهما الذهاب إلى استاد القاهرة والفرجة من المدرجات على منتخب مصر فى إحدى مبارياته الودية.. والذى أعرفه أن الإثنين ذهبا للاستاد بشكل طبيعى وهادئ.. لا حراسة أو مواكب أو احتفال.. لم يجلسا فى المقصورة ولم يكونا من كبار الضيوف ولم ينل الاثنان أى اهتمام أو ترتيبات خاصة واستثنائية..
ورغم ذلك كان هناك من قاموا بتحميل هذا المشهد كل المعانى والدلالات السياسية الضخمة والزاعقة.. فقال بعضهم بمنتهى الجرأة إن وجود علاء وجمال فى مدرجات استاد القاهرة يعنى نهاية ثورة يناير.. وقال بعض آخر إن وجود جمال بصحبة شقيقه علاء هو مقدمة لإعادة جمال للمشهد السياسى المصرى مرة أخرى.. ثم توالت المبالغات والصرخات ووصل الأمر للحديث عن شهداء الثورة الذين ضاعت حقوقهم وشباب زماننا الذين فقدوا حرياتهم ومصر كلها التى تعيش لحظات صعبة وفاصلة.. وكل هذا الكلام الكبير الذى أصبح معظمنا مولعا به ويفرح بالخلط بين السياسة والتمثيل على خشبة مسرح الأيام أو داخل ديكور شبكات التواصل الاجتماعى.. والذى أعرفه وقد أكون مصيبا أو مخطئا أنه لا أحكام قضائية حالية تمنع جمال أو علاء مبارك من الخروج إلى أى شارع والذهاب إلى أى مكان أو ملعب.. وأن الحكم القضائى الوحيد السارى حتى الآن هو حرمان جمال مبارك من ممارسة حقوقه السياسية..
وهذا يعنى أن جمال لن يعود للساحة السياسية مجددا وأظنه لا يفكر أو حتى يحاول التفكير فى ذلك.. كما أنه إن كان جلوس علاء وجمال فى مدرجات استاد كرة قدم يعنى نهاية ثورة أو ضياع حقوق شهداء فهى إذن ثورة لا تستحق كل هذا الحب أو هذا الدم والغضب أو كل هذا الحب ولم يسقط شهداء الشوارع والميادين فقط من أجل حرمان جمال من الجلوس فى مدرجات الكرة.. والذين اتخذوا من صورة علاء وجمال جالسين فى مدرجات استاد القاهرة دليلا قاطعا ونهائيا من وجهة نظرهم على أن مصر عادت أخيرا لما كانت عليه قبل الخامس والعشرين من يناير 2011.. فاتهم كل ما جرى من تغييرات وحوادث وصراعات لم تعد تسمح لمصر بالعودة إلى ما كانت عليه مهما حاولت أو أراد ذلك بعض أبنائها.. وأنه بات من الضرورى أن يكف الكثيرون منا عن هذا الهوس بالتمثيل والاستعراض ليبقى علاء وجمال مجرد اثنين عاديين مارسا حقا طبيعيا وإنسانيا فى الفرجة على مباراة لكرة القدم.