حسام عماد
(1)
*قيل إن السينما ممثل والمسرح مخرج والدراما كاتب، لكن – للأسف – في مصر يمكنك تحميل أي أحد – حتى لو كان رجل الكلاكيت – مسؤولية أي شيء؛ فقط لتصفية حساباتك معه.
*لا أنتقد ولا أؤيد الكاتب الرائع إبراهيم عيسى قارئى الكريم، ولكن أتساءل معك: “هل حقًا إبراهيم عيسى وعمرو سعد ومجدي أحمد علي أهانوا الزي الأزهري، أم أن من خرج من الأزهريين بالرد على الذين يرسخون صورة ينتقدها الفيلم؛ بنقدهم غير المتفحص واتهامهم غير المتبين وجهلهم.
* الحالة التي صنعها الفيلم فريدة من نوعها، وتجعلك بلا شك تغض الطرف عن الأخطاء في الحبكة أو السرد أو أي شيء – مما يتحدث في إطاره النقاد – حالة الأفلام الثقيلة التي تبتعد عن السطحية وتغوص في العمق، بالإضافة إلى الجدل الذي يستفيد منه الفيلم بدرجة كبيرة.
(2)
إذا جمعنا المشاهد الثلاثة في الفقرة الأولى بإمكاننا أن نفهم أزمة فيلم مولانا، ولست بصدد الحديث – مع ذلك – عن الفيلم لا فنيًا ولا عما يتعلق به مجتمعيًا من مشكلات، إلا أن شيئًا مهمًا يجب أن يلفت أنظارنا جميعًا؛ أكثر من هاجموا الفيلم ورموه بتهمة إهانة الأزهر لم يشاهدوا الفيلم من الأساس، وقد كان صديق لي يشاهد أحدهم عبر “يوتيوب”، فقلت له: “أقسم غير حانث أنه لم يشاهد الفيلم؛ فما يقوله لا يمكن أن يصدر عن عقل رأى عبر عينين بشريتين ولو جزءًا من هذا الفيلم”، فاعترف على الفور الرجل وكأنه يستمع إلينا بأنه: “صحيح لم يشاهد الفيلم ولكن الأمر واضح”، وقال أزهري آخر في إحدى القنوات أنه لم يشاهد الفيلم ولكنه سينقده على ما سمع، يعني أسيتهم أشخاصًا ويسيء إلى عمل ولا غضاضة لديه أن يكون سنده “قالوله”، ولم يخرج من هذه الصورة من رجال الأزهر سوى خالد الجندي.
(3)
تصورت أنني لو تبادلت الأدوار مع من يهاجون مولانا من رجال وعلماء الأزهر؛ لما كان لي أن أهاجم الفيلم بما لايُهاجم به؛ حتى لا أكون الدب الذي أراد الدفاع عن الأزهر من أقل أذى من ذبابة فقطع رقبته بأظافره، لكنت تحدثت عن بناء الفيلم دراميًا، وعما أختلف فيه مع الفيلم، ولو أني لذت – وأعوذ بالله من ذلك – بمسالك الشيطان فتبرصت لإبراهيم عيسى في مواطن تنمصت منها اختلافات وتناقضات، وما كنت يومًا أقول على فيلم يظهر حاتم الشناوي – رجل الأزهر – الذي ظهر عزيزًا متمردًا على السلطة يرفض الخنوع والخضوع ويتحلى بالحكمة والعقل وفي غاية الصراحة والانبساط والسماحة والنزاهة ولا يعيبه أن يعيش حياة رفاهية من الدعوة إلى الله؛ لأنه “رجل دعاية وليس رجل علم، يسبح على السطع لا يغوص في الأعماق” كما يقول عن نفسه”.
(4)
المؤسف أنه من منطلق أفكارهم يحق لهم أن ينتقدوا ما جاء في الفيلم من آراء – لا تختلف ولو شبرًا بالمناسبة عما يقوله كاتب الرواية في “القاهرة والناس” – لكنهم اختاروا الحديث فيما يجهلون، بما سمعوه، فكيف أساء الفيلم إلى الزي الأزهري أكثر من بعض الأزهريين الذين ينجرفون بلا علم، هؤلاء الذين يتحثون باسم الأزهر وهم أساتذة جامعات ومسؤولين في مؤسسات دينية والأزهر لا يخرج من تصريح واحد بإدانة أو موافقة ولا حتى إيماءة؛ فهل هذا تأييد لإساءة هؤلاء؟!