نقلًا عن المصري اليوم
فى مدرسة كرة القدم.. تعلمنا كلنا حرية الرأى والاختيار واكتسبنا حق الانتقاد والمديح وإصدار الأحكام.. فكرة القدم تختلف عن حياتنا فى أنها لا تعرف الرأى أو الاختيار والطريق الواحد والحكم النهائى الذى لابد أن يلتزم به الجميع.. وبالتالى يبقى من حقى إعلان رأيى فى مباراة مصر أمام مالى أمس الأول فى نهائيات أمم أفريقيا حتى لو جاء مخالفاً لآراء الكثيرين هنا وهناك.. فأنا مثلاً لا أرى التعادل مع مالى بمثابة خسارة لمنتخب مصر الذى كان لابد أن يفوز باعتبار مالى منتخبا ضعيفا أو قليل الحيلة لا يرقى للصمود أمام منتخب مصر
القوى صاحب التاريخ الطويل.. وفى حقيقة الأمر فنحن لم نفز على مالى منذ التاسع من إبريل عام 1993.. ولعبنا معها ثلاث مباريات خسرنا اثنتين وفزنا فى مباراة واحدة.. كما أن كرة القدم لعبة لا تعترف بالتاريخ والمقامات الرفيعة حيث كل الاحتمالات تبقى ممكنة فى كل وأى ملعب.. ومصر فى هذه البطولة تعادلت مثلما تعادل الكبار الآخرون ولم تخسر مثلما خسر كبار آخرون أيضا.. فلم يعد هناك كبار وصغار بالمعنى التقليدى والمباشر.. كما أن المصريين الغاضبين من نتيجة المباراة وأداء منتخب مصر ومدربهم الأرجنتينى كوبر.. معظمهم شاهد المباراة أمام مالى وفى ذاكرتهم الجماعية منتخب مصر
الذى كان سيد القارة الأفريقية بثلاث بطولات متتالية وعزف كروى متكرر أجبر الجميع على احترامه والتصفيق له.. إلا أن هذا المنتخب انتهى والذين لعبوا أمام مالى كان معظمهم يشارك لأول مرة فى نهائيات أفريقيا.. منتخب الجدد الخائفين والحائرين الذين لم تثبت بعد أقدامهم على أرض ملاعب أفريقيا.. وقد يكون الكثيرون غير راضين عن الشكل والأداء، لكن منتخبنا لم يكن مرتبكا أو تائها إنما كان فريقا لا يريد أن يخسر مباراته الأولى.
ولست أدافع عن كوبر ولم أزعم يوما امتلاك الخبرة والقدرة على التحليل الكروى الفنى الدقيق.. لكننى فقط أتخيل رجلا يقود لاعبين صغارا يشاركون لأول مرة فى نهائيات بطولة قارية وشاهد هذا الرجل وتابع نتائج هذه البطولة ومفاجآتها منذ انطلاقها فلم يشأ أن ينضم فريقه إلى قائمة ضحاياها الأوائل.. فقرر وأراد ألا يخسر مباراته الأولى بصرف النظر عن أى شكل وأداء.. وبالتالى وبعد نجاح كوبر فيما أراده فى أولى مبارياته فى البطولة سيتغير شكل وأداء المنتخب المصرى
فى مبارياته المقبلة.. وأختلف أيضا مع كل الذين استسلموا للإحباط بعدما شاهدوا منتخب مصر أمام مالى واتهموه بأنه فريق لم يذهب من أجل البطولة أو حتى من أجل الاستعراض القوى والجميل والرائع.. فنحن شاهدنا كثيرا من قبل فرقا فازت بالبطولات التى بدأتها بما لم يكن مرضيا أو مقنعا لأى أحد.. وتبقى التحية واجبة ولازمة للاعبى مصر وفى مقدمتهم الثلاثة حراس.. الحضرى الرائع الذى أصبح أكبر لاعب يشارك فى تاريخ النهائيات.. والشناوى الذى لم يدع الإصابة وأراد وحاول الاستمرار رغم الألم.. وشريف إكرامى بمصريته التى هى أكبر وأجمل من أى حساسية أو منافسة.