تختلف نوعية الموضوعات التى يختار عمر طاهر أن يكتب عنها، وتتعدد أساليب الكتابة التى يكتب بها، ولكن يبقى الشىء الثابت فى كل ما يكتبه وهو الشعور بالدفء والإحساس بالونس اللذان يسيطران على مشاعر الواحد بمجرد أن يشرع فى قراءة كل ما يحمل اسم عمر طاهر، وكأن لهذا الاسم مفعول السحر فى نفوسنا.
هكذا كنت أشعر وأنا أنصت بتركيز تام لحَكْى عمر طاهر الممتع عن سيرة ” أشخاص ساهموا فى رسم ملامح هذا البلد وحياة سكانه دون أن يحصلوا على نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل ” كما عرفهم هو بنفسه فى مقدمة كتابه الممتع ” صنايعية مصر ” فيحكى فى هذا الكتاب البديع عن أشخاص تركوا تأثيرهم فى وجدان المصريين بما أنجزوه كدليل على تميزهم وتفردهم كصناع استثنائيين كُلا فى مجاله، أما تعرضهم للظلم أو للتجاهل والتهميش فهو اللمسة المصرية المعتادة فى التعامل مع كل من هو صاحب موهبة خلاقة، فتهميشهم دليل إثبات على أنهم بالفعل صنايعية وأصحاب موهبة أصيلة، وأيضا على أنهم بالفعل مصريين.
نرشح لك .. أسئلة جمهور معرض الكتاب لعمر طاهر عن “صنايعية مصر”
ولكن ليس هذا فقط هو ما يجمع كل هؤلاء الصناع، فهناك صفات كثيرة تكاد تكون مشتركة بينهم جميعًا، فكلهم أشخاص حالمون ولكنهم واقعيون جدًا. وهو ما جعل أحلامهم تتحقق على أرض الواقع، وألا يكون واقعهم مجرد أحلام تعيش فى خيالهم. مثابرون لا يعرفون اليأس أبدًا، أغلبهم مثال حى على المثل الذى يقول ” الضربة اللى ما تموتش بتقوى ” فبعضهم واجه أزمات كبرى أو خاض معارك صعبة أو تعرض لمِحَن قاسية، ولكنهم لم يتوقفوا فأكملوا المشوار وواصلوا العطاء، أو انسحبوا فى صمت وآثروا الاحتفاظ بمبادئهم ” وزير الداخلية السابق أحمد رشدى على سبيل المثال ”
وجدتهم واثقين فى أنفسهم لأبعد حد، ولكنها ثقة من لا يرضى أبدًا عما أنجزه مهما كانت درجة إتقانه أو نجاحه بشهادة الجميع، ثقة من يرى نفسه دائمًا لم يحقق شيئًا ويسعى إلى المزيد بإيمان راسخ بأن الأفضل لم يأتِ بعد، فيواصل العمل والنجاح، ولا يهتم بالأخير كثيرًا قدر اهتمامه بالأول، فالنجاح عنده فى استمراريته وليس فى مجرد حدوثه.
أغلبهم يبتكر ويفكر خارج الصندوق، وبعضهم صنع صناديقًا جديدة تمامًا وعندما هرول الجميع خلفه تركهم بالداخل، ليفكر هو خارج الصندوق الذى صنعه بنفسه ” الناقد الرياضى الكبير نجيب المستكاوى على سبيل المثال ”
نرشح لك.. معلومات لا حصر لها في “صنايعية مصر”.. إليكم أبرز 33
أن ترى أبعد ممن حولك أو ترى ما لا يراه الآخرون بالتأكيد هى لعنة أكتر منها ميزة لأنك ستواجه صعوبات أقلها السخرية من أفكارك والتقليل منها، أو التجاهل التام لما تحاول أن تفعله، ستحتاج إلى نفس طويل وقدرة على الصبر حتى تثبت للجميع فى النهاية حسن بصيرتك ورؤيتك الثاقبة، هذه أيضا من العقبات التى واجهت بعضهم ” جمال الليثى صنايعى الفيديو على سبيل المثال ”
هذه هى بعض الصفات المشتركة التى وجدتها فى أبطال ” صنايعية مصر ” ذلك الكتاب الذى هو بمثابة وثيقة مهمة تؤرخ لجانب منسى من تاريخ البلد، وفى نفس الوقت إعادة تعريف لأناس أصحاب فضل، الكثير من الأجيال الجديدة لا يعلم عنها شيئا، وعلى الجانب الآخر فهو كتاب مُحفز للنجاح وأفضل من 100 كتاب تنمية بشرية، فعمر طاهر يقدم خلاصة تجارب أهم الناجحين فى العصر الحديث.
نرشح لك.. 13 تصريحًا لعمر طاهر عن “صنايعية مصر”
ناهيك عن أنها كتابة حقيقية وصادقة، تخاطب القلب قبل العقل، فهو عمل إبداعى فى المقام الأول، وإن كان يحمل مضمونًا ويقدم تجارب نجاح واقعية فى رحلة ثرية ممتعة تخوضها بين صفحاته، تبدأ مع حمزة الشبراويشى ” صنايعى كولونيا 555 ” وتنتهى بالمقدم باقي زكى يوسف صاحب فكرة نسف خط بارليف بالمياه أو ” صنايعى الطفاشة ” كما أسماه المؤلف، لتجد فى نهاية الرحلة أو الكتاب ملفًا جميلًا لصور شخصيات الكتاب، وقد وضع عمر طاهر صورته فى آخر الملف معلقًا عليها ” مؤلف الكتاب وقد حشر صورته بين صور صنايعية مصر ” وأجدنى أختلف معه، فصورته قد وُضعت فى مكانها المناسب تمامًا، لأنه بالفعل واحد من صنايعية مصر فى الكتابة، فهو كاتب مُلهَم وصاحب معجزة، تتلخص معجزته ببساطة فى أنه يجعلنا نعيد اكتشاف الأشياء التى نراها كل يوم وكأننا نراها لأول مرة.