صدر حديثًا كتاب جديد بعنوان ” هيكل .. الوصايا الأخيرة ” للكاتب الصحفي أنور عبد اللطيف، بمناسبة مرور عام على رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل.
كان مؤلف الكتاب، الكاتب الصحفي أنور عبد اللطيف قريبًا من الأستاذ هيكل خلال السنوات الأخيرة من عمره ، وهو ما مكنه من نقل رؤية الأستاذ، والحصول على ما لم ينشره في شكل وصايا.
فالأستاذ هيكل، أو الكاتب الصحفي الكبير، أو الجورنالجي الأول في مصر خلال الخمسين سنة الماضية كما وصفته مصادر المعلومات، والمؤسسات الإعلامية الدولية كان صاحب تجربة صحفية مميزة حددت شكل الممارسة الصحفية في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين.
بدأت مسيرة هيكل الصحفية في صحيفة ايجبشن جازيت حين كان أول صحفي مصري يقوم بالتغطية الصحفية للحرب من ميادين القتال، ثم انتقل إلى صحيفة حزب الوفد، ثم انتقل إلى آخر ساعة التي كان يرأس تحريرها محمد التابعي، ثم إلى دار أخبار اليوم بعد أن انتقلت اليهم ملكية آخر ساعة.
فانطلق إلى الآفاق العالمية، وعايش الأحداث الكبرى في أماكنها في فلسطين، وإيران، وكوريا، قبل قيام ثورة 23 يوليو ليكون قريبًا من صناع القرار السياسي، والرئيس عبد الناصر بصفة خاصة.
ثم اختاره ملاك جريدة الأهرام عام 1957 ، والتي كانت تصارع الهبوط بتوزيع لا يتجاوز 60 ألف نسخة، ليدفعها الأستاذ دفعة قوية ويحدث بها نقلة صحفية هائلة جعلتها واحدة من أهم عشر صحف على مستوى العالم.
وعندما صدر قرار الرئيس السادات بنقله مستشارا لرئيس الجمهورية بعد حرب أكتوبر 1973، ثم تعيين الأستاذ على أمين مديرا ثم رئيسًا للتحرير كان توزيع الأهرام قد وصل إلى نصف مليون نسخة عام 1974 .
وحين ذلك توقع الجميع أن يخبو نجم محمد حسنين هيكل لابتعاده عن الكرسي الرسمي، والعمل الصحفي لكنه بدأ انطلاقة كبرى في مجال النشر، والتأليف، والتأريخ فأصدر أكثر من 40 كتابًا تناولت تاريخ مصر، وأحداثها بالوثائق والمستندات التي كان يحرص على اقتنائها، فكانت كتبه تأريخًا لمصر، وأحداثها وشهادة على عصر بأكمله، منها سنوات الغليان التي أرخت لحرب السويس وحرب 1967 ثم انتصار أكتوبر 1973 وخريف الغضب الذي صدر عقب حملة الاعتقالات التي طالت كل رموز الحياة السياسة، والفكرية، والدينية في مصر المعارضة لسياسة السلام التي انتهجها الرئيس السادات.
ثم كانت مؤلفات عن حرب الخليج الأولى والثانية، واتفاقيات أوسلو، وكتاب “العروش والجيوش”، ، بالإضافة لعشرات المؤلفات عن حاضر العرب ومستقبلهم، حتى كانت آخر شهادات الأستاذ محمد حسنين هيكل على العصر كتابه “مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان”.
والوصايا الأخيرة للأستاذ هيكل هو الكتاب الذي ينقل رؤية هيكل لنهضة مصر، وفي القلب منها تطوير الصحافة المصرية والخروج من المأزق الذي ظلت تعاني منه فترات طويلة.
وهو كتاب جديد في موضوعه لأنه ينقل رؤية الأستاذ هيكل، ووصاياه دون أن يكتبها الأستاذ بنفسه لكنها شهادة عن قرب، يرى الكاتب أن من الأمانة أن ننقلها إلى القارئ خاصة وأن كاتبها كان قريبًا من عقل وقلب الأستاذ خلال السنوات العشر الأخيرة، وكان يرى أن مصر لن تكتمل نهضتها ما لم تتعافى الصحافة المصرية من كبوتها وأننا في حاجة إلى ثورة جديدة في العمل الصحفي، ومن مسئولية الأهرام قيادتها.
وهي تلك الحالة التي ظل مهمومًا بها الأستاذ هيكل في جلساته الخاصة حين كان يهرع إليه قادة الرأي في الصحف، والمهمومون بالعمل النقابي، والشباب من الجماعات الصحفية.
قيمة الكتاب الجديد الذي كتبه أنور عبد اللطيف، أنه نقل هذه الشهادات بأمانة وفق رؤيته الخاصة وعلى مسئوليته في كتاب وثائقي عن رحلة علاقته بالأستاذ هيكل في تسع محطات هامة كان من أبرز عناوينها بعد محطة البداية التي طالب فيها الأستاذ باعتبار ثورات مصر ثورة واحدة حتى محطة النهاية التي كانت آخر محطة له مع الأستاذ في ديسمبر 2015 حين رحل عن دنيانا إلى دار العودة من عالم الأزمات والاضطرابات إلى عالم من نور.
ومن عناوين هذه المحطات التي تحوي معلومات مثيرة، وجديدة لم تظهر في كتاب من قبل عن الأستاذ هيكل: وضحك الأستاذ وضحكت، دراما الانصراف الأخير، مبنى الأهرام.. دراسة في عبقرية المكان، رئيسًان للجمهورية يتنافسان على كرسي هيكل من الهجوم إلى الدفاع ، جلالة الملك يقود طائرة مدير التحرير، أسرار الانصراف، ثلاثة أسئلة وثلاث إجابات، انتحار المعنى، رحلة بصحبة الأستاذ على “فرسة النبي” عبر 35 مليون سنة، مصر التي تركها على الحيطان، تحدث الأستاذ حين صمت الآخرون، من لم يقرأ التاريخ يسقط في الامتحان، دولة العواجيز، اسمك إيه يا نقيب الصحفيين؟ ، الوصايا العشر الأخيرة، بالإضافة إلى مجموعة صور خاصة من قصر برقاش حيث كان مقر الأستاذ هيكل.