من البداية لم يجذبني إعلان الفيلم بشكل كبير فالعمل المفترض ذو طبيعة كوميدية ولكن المواقف التي ظهرت في ثواني الإعلان الترويجي لم تكن جاذبة جماهيريا من البطل محمد رمضان والذي قرر أن يغير من “جلده” الفني في هذا العمل مع المخرج عمرو عرفة صاحب التجارب الكوميدية الكبيرة الناجحة لعادل إمام وأحمد حلمي.
الكوميديا في الاساس”موهبة” بالفطرة وتكون عند عدد من الفنانين دون غيرهم، ولذلك النجوم الغير كوميديين نادرا ما يُقبلوا على تقديم أفلاما كوميدية خوفا من ردة فعل الجمهور ويقدمونها “بحذر” في إطار كوميديا الموقف وليس إعتمادا على القاء الإفيهات كما شاهدنا بطل “أخر ديك في مصر” ومعه البطلين المساندين له محمد سلام ومحمد ثروت! يطلقون عددا غير قليل من الإفيهات أوسعوا بها الجمهور! وبدت “مكررة” وثقيلة الظل! فتجاوب جمهور السينما مع القليل منها بالاضافة للمواقف الكوميدية والتي كان يجب العمل عليها فنيا بشكل أكبر، وحتى المفارقة الدرامية الرئيسية في الأحداث وهي رحلة عائلة “الديك” لاسوان والتهام التماسيح لهم جميعا بأستثناء البطل كانت غير مقنعة تماما!
الفيلم يقوم على تيمة الرجل المسؤول عن عدد من النساء “ام،أخت،جدة….” ولذلك كانت الكوميديا مبنية في أغلبها على السخرية من المرأة فهي “عبء ثقيل” دائما على الرجل ولا يعرفن كيف يتصرفن بدونه أو نجدها تظهر في الشكل الفني النمطي المعتاد سينمائيا “كفتاة ليل” في مشاهد مكررة مع صديقي “الديك”، كتيبة البطلات بالفيلم لم يتم أستغلالهن وتحديدا هالة صدقي وإنتصار ومعهما أنجي وجدان والثلاثة من فنانات الكوميديا، أما الخط الدرامي للفنانة دينا والتي ظهرت “فجأة” بالأحداث فكان غير واضح ومكتمل، ويمكن الإستغناء عنه لصالح باقي البطلات أو خلق صراع درامي عبر مواقف كوميدية بينها وبين باقي البطلات كما ألمح السيناريو ولكنه لم يحدث!، وتعددت مشاهد السخرية من المرأة بصفة عامة بكليشيهات مكررة مثلا لا تعرف قيادة السيارة وتكاد تتسبب في حوادث أو الموظفة “التخينة”!
رغم أن الفيلم “مقبولا” فنيا ولكنه ليس على مستوى صناعه سواء المخرج عمرو عرفة والذي لديه تجارب أهم وأيضا بطله محمد رمضان نجم الشباك منذ عدة سنوات وكذلك مؤلفه ايمن بهجت قمر، تشعر أن التجربة بها تسرعا في إتمامها.
ملك الترسو
نجح محمد رمضان في تقديم نفسه كبطل “شعبي” لشريحة كبيرة من المجتمع المصري وهو ما جعله يحقق جماهيرية وأرقاما ضخمة في شباك التذاكر مع تحفظي على المحتوى الفني الذي قدمه في معظم أفلامه ولكن يبدو أن رمضان أراد أن يغير “جلده” الفني بناء على نصائح قُدمت له وهو أمر جيد وجرأة فنية تحسب له وأعرف أن لديه طموحات ضخمة وأحلاما فنية كبيرة تصل لحد تمثيل شخصيات روايات “نجيب محفوظ” كما حكى لي ذات مرة ولكن جاء التغيير ١٨٠ درجة شكلا ومضمونًا بشكل مفاجيء لجمهوره فاختفى من أمام دور العرض “بوسط البلد” وبدى غير موافق على هذا التحول والشكل الفني الجديد لنجمهم، مما جعله يواجه منافسة شرسة من منافسيه وصلت لتفوق أفلاما أخرى عليه في شباك التذاكر! وبالطبع ما حدث كان متوقعا وكان محورا لحديث “هامس” بين صناع السينما المصرية قبل نزول الفيلم، فمزاج الجمهور المصري “صعب” يقبل التغيير في الشكل الفني لنجمه بسهولة ولكنه “سهل” يقبل ببطل جديد كل فترة!
سأذكركم هنا بأشهر بطل “شعبي” في السينما المصرية خلال القرن الماضي وهو الفنان “فريد شوقي” صاحب لقب “ملك الترسو” نسبة لجمهوره الشعبي الكبير في بر مصر وكثيرين وجدوا في “محمد رمضان” إنه بطل شعبي جديد مثل الفنان الكبير الراحل والذي نجح في الحفاظ على نجوميته لسنوات طويلة عبر شخصية البطل الشعبي التي أثرت قلوب مشاهديه ولكن حدث ذلك من خلال أشكال فنية متنوعة للبطل الشعبي المصري الشهم الباحث عن الحق ونصرة المظلوم عبر شخصيات “الشاويش أو البائع أو الموظف…”مرورا بالفارس في تاريخ السيرة الشعبية العربية وهكذا كان دائما يجسد أحلام وطموحات البسطاء من الجمهور الشعبي في الإنتصار على الظلم.
كان على رمضان أن يظل في نفس إطار شخصياته الشعبية “البسيطة” المحببة والقريبة من جمهوره بدون أن يكرر شخصيات رجل العصابات وتاجر المخدرات فأنماط الشخصيات “السوية” الفنية لإبن البلد كثيرة ولا يجب التغيير من أقصى اليمين لاقصى اليسار! بهذه السرعة.
والآن ماذا سيقدم محمد رمضان بعد ذلك وبعد أن توقف عن الصياح داخل شباك الإيرادات !؟