نسمة سمير تكتب: لم يستوصوا بنا خيرًا يا رسول الله

أكتب إليك اليوم لأول مرة وحدك، فقد شعرت فى تلك اللحظة أني أحتاج محادثتك والبكاء بين يديك، كما بكيت يومًا شوقًا لأحبابك الذين أمنوا بك ولم يروك، ألست أنت من عَزَّى طفلا في موت عصفوره؟!، فكيف لن تواسي نساء فُطرت قلوبهن؟!.

“رفقا بالقوارير” كانت تلك وصيتك للرجال، لكنهم لا يرونا إلا فترات مؤقتة خلقن ليتلاعبن بنا فقط، يدخلون حياتنا ويسرقون شغف عيوننا ويرحلون، يتعاملون معنا وكأننا عدوا لهم لا رفيق خلقه الله من ضلوعهم ليهون عليهم صعوبة الحياة، لنحتضنهم فى أشد لحظات وجعهم، ورغم ما نظهره من ثبات أمامهم، نبكي كل ليلة فى الغرف المظلمة من شدة الأذى.

“فما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”، كانت توجد أمرأة عجوز تدعى “أم سيد” عاشت وحدها بعد وفاة زوجها تربي قطط وكلاب لتؤنس وحدتها، فاتهموها بالجنون وطردوها ليحولوا بيتها لجامع يصلي به أهل الحارة، وألقوا بالقطط والكلاب في العراء ليقيموا شعائر الله، متوهمين أنه سيرضى عنهم، هكذا كان رجال حارتنا قساة غلاظ القلب يرتدون عباءة الشيوخ وقلوبهم بيوت دعارة، الكره والغدر يتضاجعان بها ليل نهار.

“إنّ المرأة خُلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها”، غيَّرَوا كلامك هذا إلى ” اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24 “، حذرت أنت من كسر ضلعا واحدا فصنعوا هم أربعة وعشرون ضلعا ليكسروهم كل ليلة، وهم يضحكون ويشربون السجائر ويلعبون الورق على المقهى، لم يضربونا بالسواك كما فعلت، ولكنهم جلدوا أرواحنا، يطرقون أبواب قلوبنا فنفتح لهم ونكرمهم، ولكن حقا إن أكرمت اللئيم تمردا، فأعلنوا الحرب وحرقوا الأزهار وحطموا طواحين الهواء، ودمروا مدينتنا باحثين عن مدينة آخرى.

“لقد رزقت حبها”، أخبرتنا أن الحب رزق، ولكنهم صنعوا منه مصيدة لقلوب الجميلات، فيمتصوا ريحق وجوههن، ويتركوهن كقرية خاوية على عروشها، ذكرت أن الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيْمِ وَالمرْأَةِ، وهم دكوا عظامنا، قلت “لا تؤذوني فى عائشة”، وهم آذوك في جُلّ بناتك ، مسحت دموع صفية بيدك ونهيتها عن البكاء، وهم شاهدوا دموعنا تنهمر أمامهم بوجوه باردة وقلوب متحجرة، ليس ذلك وحسب بل تعمدوا جرحنا حتى نبكي ليرتشفوا من دموعنا أكسيرا يروي غرورهم.

“لا والله، ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس”، لم تقبل بديلا لخديجة لأنها آمنت بك وصدقتك، وهم رجمونا بالكلمات الموجعة عندما آمنا بهم وصدقناهم، أرادونا نكفر بهم ليدخلونا جحيم فراقهم، تربصوا بزلاتنا وتناسوا خيرنا، وضعت صفية رجلها على ركبتك حتى تركب بعيرها، وهم ركلونا بعيدًا عندما احتجناهم سندًا.

أريد أن أحكي لك، عن من أحببناهم وخذلونا، من اتخذوا من طهر قلوبنا سبيلا لإيذاءنا، كم رجلا كسر قلب امرأة دون أن تطرف له عين؟، كم رجلا أهان امرأة ثم تركها قائلا “تستحقين الأفضل.. لن تستطيعي معي صبرا”؟، كم رجلا تحدث عن حبيبته ليظهر أنه مرغوب فيه من قبل النساء؟، كم رجلا استغل ضعف امرأة ليظهر قوته؟، كم رجلا دخل حياة امرأة ثم أصابه الملل فبحث عن آخرى؟، كم رجلا ترك من تحبه بحثا عن المال أو الشهرة؟، كم رجلا لا يستحق لقب رجل؟.

لم يستوصوا بنا خيرًا يارسول الله، كسروا القوارير وأهدوهن الخيبة، كنت ستبكي على ما أصابنا لا محال، كنت ستغضب منهم وستنصفنا، كانت خديجة وعائشة وصفية سيحتضنونا ويربتون على قلوبنا، لا أعلم ما سبب تلك اللعنة التى أماتت قلوبهم فنهشوا قلوبنا بلا رحمة، كل ما أريده منك أن تستمع للنساء اللاتي يشعرن بمثل شعوري، أريدك أن توقف تلك المذبحة، أو تدعو لنا ربنا أن يجعل نارهم بردًا وسلامًا على قلوبنا.