ذهبت وسقف الطموح لمشاهدة عمل درامي “متميز” وصل لأعلى درجاته بسبب الحالة الإستثنائية التي صنعها الفيلم على مستوى جمهور المشاهدين في مختلف دول العالم وصولا لمصر لدرجة انه تم فتح قاعتين للعرض في مكان واحد متفوقا على الأفلام المصرية التي تعرض في نفس التوقيت! على الرغم أن الفيلم لا يقوم ببطولته نجوم جماهيريين ولكنه “مزاج” المشاهدين الذي يفاجئك دائما
الفيلم ينتمي لنوعية الدراما النفسية ، ورغم مستواه الفني”الجيد” لكنه لم يصل لطموحات الكثيرين ولم يصل أيضا للمستوى الفني للأعمال السينمائية المشابهة مثل فيلم “صمت الحملان” على سبيل المثال ولكنه تم صناعته بشكل جيد وسيناريو مثير والأهم التمثيل “الإستثنائي” لجيمس ماكفوي وهو العنصر الابرز في العمل وأحد أهم أسباب نجاحه جماهيريا حيث تقمص البطل عدة شخصيات بموهبة فائقة وتحت إدارة رائعة للمخرج نايت شيامالان والذي سبق له تقديم أعمال ناجحة مثل “الحاسة السادسة” و”القرية” والفيلم يتجه لقائمة الأعلى إيرادات في التاريخ بسبب تكلفته القليلة وإيراداته التي تجاوزت إلى الأن عشرة أضعاف إنتاجه! الفيلم بدايته سريعة وبلا مقدمات حيث نجد البطل في المشاهد الاولى وهو يقوم بعملية خطف الفتيات الثلاثة، ليبدأ سرد الأحداث بعد ذلك بشكل جيد جدا ومشوق من المخرج في النصف الأول ويضع الجمهور في حيرة من البداية حول قدرة الفتيات ونجاحهن في الهروب أو تكون النهاية مأساوية!
الفيلم يطرح وجهات نظر وتساؤلات حول المرضى النفسيين وكيفية التعامل معهم في المجتمع “الفيلم لا يخلق أي تعاطف معهم” فبعضهم يكون لا أمل في شفاءه وبالتالي لا يجب خروجه من المصحة النفسية كما في حالة البطل والذي لا نعرف كيف يعيش حرا طليقا وتم ايجاد عمل له أيضا حيث قام باستغلال مكان عمله لإحتجاز الفتيات فيه بعد إختطافهن!؟ فالبطل مريض باضطراب تعدد الشخصية الفصامي من خلال ثلاثة وعشرين شخصية يتحول فيما بينهم ولكننا نعيش أحداث العمل من خلال عدة شخصيات قبل الوصول لذروة الإثارة مع الشخصية الرابعة والعشرين “الوحش” ! الفيلم تخلله فترات ملل خاصة الجزء الثاني منه وأيضا كثرة الحوار “الطبي” والفلسفي حول المرض وأبعاده بشكل صعب على مشاهد السينما ويسبب إرباك أحيانا، كذلك كانت مشاهد الفلاش باك “بدائية” وكليشيهات مكررة ولكنه تميز بشكل جيد جدا على مستوى التصوير والذي أبرز تعبيرات الشخصيات المختلفة ومشاعرها.
الشخصية الرئيسية بين الفتيات كان اداءها جيد وهي “كيسي” الوحيدة التي تتعامل مع الموقف بهدوء عكس صديقتيها اللتان كانتا أكثر تسرعا وانفعالا منها مما عرضهما لمشاكل مع الخاطف ويوضح المخرج من خلال الفلاش باك تعرض “كيسي” لمعاناة في طفولتها وهي ما جعلتها تتعامل مع مثل هذا الموقف العصيب, ولكن بشكل به فقر فني وهو تعرضها للاغتصاب من عمها وهي طفلة!
مشهد النهاية اشار إلى نية صناعه تقديم جزء ثاني وبالتأكيد ستكون أكثر الحاحا بعد النجاح الجماهيري الكبير الذي حققه في دور العرض على مستوى العالم وربما تكون سلسلة منه وليست جزءا أو اثنين وبمشاركة بطل جديد، هو بروس ويلس إلى جانب جيمس ماكفوي والذي اضاف فنيا بشكل لافت باداءه المتقن للشخصيات التي جسدها، ويقول “حاولت حقا، أن ارسم ملامح محددة لكل شخصية، حتى تختلف عن غيرها من الشخصيات وحتى لا يشعر الجمهور بإرباك، كان لابد من إيجاد معالم واضحة لكل شخصية، فهذا المريض، يمكنه تخيل نفسه في تسع شخصيات مختلفة، الأمر الذي شكل تحديا حقيقيا لي، فقد تعودت على خلق شخصية واحدة وقضاء وقت معين للتمرن عليها في هذا الفيلم، فعلت ذلك لكن مع تسع شخصيات وفي وقت أقل! المثير أن ماكفوي تعرض لكسر في يديه اثناء التصوير لكنه تحامل على نفسه ولم يخبر أحدا لعدم تعطيل التصوير وكذلك حتى يساعده الالم في أداء بعض الشخصيات!
“سبليت” هو بمثابة عودة قوية بعد سلسلة من الاخفاقات للمخرج الهندي_الأميركي نايت شيامالان، ويأتي في نفس عوالمه السينمائية والتي يفضلها ويقول عنها “أحب وصف العالم من حولنا، والإشارة إلى شيء مذهل ثم طرح السؤال التالي “هل هذا حقيقي فعلا؟ وإذا كان الأمر كذلك فعلا، فذلك يعني أنه شيء رائع ومؤثر للغاية، لأننا لا ندرك أحيانا ما يمكن أن يفعله عقل الإنسان وجسمه”.